22 ديسمبر، 2024 7:20 م

ومضات مشرقة من بحث الدولة المارقة -..الجزء الرابع

ومضات مشرقة من بحث الدولة المارقة -..الجزء الرابع

وعودا على بدء .. فان هذا اللوبي الصهيوني وان لم يكن صهيونيا بالمعنى المتعارف عليه بالغطاء القومي اليهودي فانه لابد أن يكون مرتبطا ارتباطا فكريا وأخلاقيا ونفسيا مع الفكرة أو المنهج الصهيوني وهذا اللوبي الذي مارس تغلغله وتدخلاته وتأثيره في مصير الأمة على محاور ثلاث يمكننا إجمالها بالاتي : المحور الأول .. هو دعمه للأنظمة والإمبراطوريات والدول مهما اختلفت معه في النهج والسلوك والعقيدة فهو يبحث عن الدنيا وملذاتها فيجد ضالته عند الحكام ويحصل على الحماية والأمان معهم فهو في النهاية لا شيء لديه يخسره فهو لا يدافع عن مبدأ أو عقيدة أو مذهب أو دين أو دولة أو ارض أو عرض وإنما هو يدافع فقط عن منافعه وأمواله ومصالحه ووجوده ووقوفه دوما مع النظام والحكام يعطيه الحصانة والاستثمار والتحرك فإذا تضررت مصالحه من جراء سياسة الدولة قاموا بتأليب الناس عليها بل قيامهم في بعض الأحيان باستعارة الأفكار الوطنية والثورية وقد يصل الحال بهم إلى دعم قادة الثوار أو احد الثائرين وتقديمه للإطاحة بهذه الدولة او الحكومة أو على الأقل قلقلة الدولة وضعضعتها وإضعافها من خلال دعم تلك الحركات الثورية وبطبيعة الحال ليس حبا بها او تبني أفكارها وإنما فقط لاتخاذها جسرا للعبور على ظهرها او جعلها في وجه المدفع والماكنة السلطوية وجعلها تتلقى البطش والتنكيل والقتل ومن ثم ستكون هي الرابحة في كل الأحوال فاذا استطاعت السلطة من إفشال تلك الثورات والحركات فهي ستكون في أمن وأمان لانها لم تكن بوجه المدفع ولم تسجل في سجلات الدوائر الأمنية وليس من أولويات المطلوبين واذا نجح الثائرون في الوصول لسدة الحكم فانهم سيكونون من الرابحين بانهم هم من ساعدوا الثورة في النجاح وان أموالهم ودعمهم السري هو العامل المساعد ويمكنهم النفوذ في أوساط الثائرين واخذ زمام المبادرة بمكرهم وخداعهم لانهم ليس لديهم المبدأ كما قلنا وقد حدثنا التاريخ عن كثير من هؤلاء كما حصل في سقوط الدولة الأموية وصعود بني العباس الذين انتهزوا الفرصة ليسيطروا على الملك بعد ازاحة الثوار الأصليين الذي هم قاموا بإسقاط الدولة الأموية وما نظام صدام عنا ببعيد وكيف ان الانتهازيين وخصوصا الذين كانوا خارج البلاد يراقبون الأوضاع وتركوا الناس أمام بطش النظام ومن ثم جاءوا ليستولوا على السلطة بدهاء ومكر وبكل سهولة وبمساعدة خارجية وأصبحوا هم المجاهدين وهم الذي اسقطوا ذلك النظام .والمحور الثاني : من سياسات هذا اللوبي الجهنمي الشيطاني هو إفشال وإسقاط اي تحرك يقوم به المصلحون والعلماء العاملين وأبناء البلاد الإسلامية للخلاص ونشر الحقيقة والعلم والنور والوسطية والاعتدال ومشاريع التنمية الشبابية والولاء للأوطان من خلال الوقوف في وجههم وتأليب الأنظمة القمعية ضدهم وتأجيج الرأي العام عليهم بشتى الوسائل والطرق بنشر الإشاعات والأخبار التسقيطية الكاذبة حتى لو أدى ذلك إلى تقديمهم التنازلات للأنظمة وحتى لو استقبلوا الاحتلال وجعلوهم أصدقاء ومحررين او تنازلوا عن مساحات او مدن من أرضهم او ثروات وطنهم فهم لا يهمهم سوى مصالحهم وأموالهم وأرصدتهم وملذاتهم وحاشيتهم لا يهمهم حتى لو احترق البلد بمن فيه ماداموا هم يعيشون في رفاه ونعيم .. والمحور الثالث : هو قيامهم بتوسيع أملاكهم وأموالهم ونفوذهم والاستفادة من الأجواء والظروف المتاحة لصالحهم قدر الإمكان والاستزادة من الثروات ورؤوس الأموال وربما التحكم في سياسات البلد من خلال التحكم برجال الدولة او الملك او الحاكم نفسه .. ومن هنا يتضح ظهور حالة أو سياسة عميقة تنتهج النهج الانتهازي القبيح والخبيث و( العاهر) الذي لا يقيم للأخلاقيات أي وزن أو اعتبار ولا يحفل بها بل لا يخجل من اي حركة يقوم بها تمس الدين او الأخلاق او الأعراف او القيم وهذه الظاهرة التي يتعامل بها هؤلاء بل أصبحت دينا لهم ومن أساس منهجهم ودساتيرهم وهذه الظاهرة هي عقيدة او مبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) .. هذا المبدأ السقيم البعيد عن الإسلام ومنهجه الإنساني والذي سوف نتحدث عنه لاحقا ..
وفي المحاضرة السادسة عشرة من بحث ( الدولة ..المارقة…في عصر الظهور…منذ عهد الرسول “صلى الله عليه واله وسلم” ) بتاريخ 13- 1- 2017 شرح المرجع السيد الصرخي حيثيات جريمة اغتيال الصحابي البدري الجليل سعد بن عبادة سيد الخزرج بقوله (” ان الكتلة الأموية القريشية هي المتهم الاول والاكثر استفادة من حادثة اغتيال الصحابي البدري الرضواني سيد الخزرج سعد بن عبادة “رض ” بعد تخلفه عن بيعة ابي بكر ” رض ” ولديها ألف سبب ومبرر لاغتياله وقتله لتحريض الناس على الخلافة ، وقد وردت أقوال عديدة في مقتل سعد بن عبادة “رض ” الذي وقع فريسة للكتلة الأموية القريشية , ولكن أكثرها غرابة هي التهمة التي يوجهها أئمة المارقة للجن باغتيال سعد بن عبادة ! ليدفعوا بذلك التهمة الموجهة لعمر ” رض ” بقتله على اثر تهديدات عديدة صدرت منه في إرغام سعد على بيعة أبي بكر لكن سعد لم يخضع لتلك التهديدات وأصر على عدم البيعة وبالتالي فأن تخلفه ينقض حتى الإجماع والاتفاق المدعى تحققه في البيعة ..
مؤكدا سماحته على أن عمر لا يحتاج إلى أن يكيد لسعد بن عبادة ويغتاله خصوصا إن المعروف عن سيرة عمر الجرأة والحدية في التعامل حتى مع امهات المؤمنين كحفصة وعائشة “رضوان الله” عليهن وكذلك مع فاطمة وعلي “عليهما السلام ” وقال المرجع الصرخي مستدلا بمصادر متعددة على حادثة اغتيال سعد بن عبادة منها :
جـ ـ روى البلاذري (وكذا الأندلسي): {{أنّ سعد بن عبادة لم يبايع أبا بكر وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ ، فَبَعَثَ عُمَرُ رَجُلا ، وَقَالَ: ادْعُهُ إِلَى الْبَيْعَةِ وَاخْتَلْ لَهُ، وَإِنْ أَبَى فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَدِمَ الرَّجُلُ الشَّامَ، فَوَجَدَ سَعْدًا فِي حَائِطٍ بِحُوَارَيْنَ، فَدَعَاهُ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَقَالَ: لا أبايع قرشيًّا أبدًا، قال: فإني أقاتلك، قال: وإن قاتَلْتَني، قال: أفخارجٌ أنت مما دَخَلَتْ فيه الأمّة؟ قال: أما من البيعة فإني خارج، فَرَماه بسهمٍ فَقَتَلَهُ}}أنساب الاشراف1:البلاذري// العقد الفريد3:الأندلسي
د ـ قال ابن عبدِ ربّه {{رُمِيَ سعدُ بنُ عُبادة بسهم فوُجِدَ دفينًا في جسده فمات ( هذه النقطة تشير إلى ما يقوله المارقة بأنّ سعدًا قتلته الجن، لاحظ، يقول: فوُجِدَ دفينًا في جسده فمات. يريد أن يشير إلى ان هذا السهم ليس من بشر، لم يُلتفت إليه، لم يلاحظه، لا يوجد له أثر، وقرينة الكلام هو قوله فيما بعد)، فَبَكَتْهُ الجِنّ فقالت:
وقتلنا سيد الخزرج سعد بن عُبادة * ورميناه بسهمين فلم يَخْطُ فؤادَه}}العقد الفريد4
وعلق السيد الأستاذ هنا قائلا ..(( هذا الكلام لو رواه واحد من الشيعة أو من الصوفية أو المعتزلة سنرى ما هو الرد عليهم من قِبل المارقة!!!))
وقال ابن سعد: {{أنّه جلس يبول في نفق فاقتتل فمات من ساعته ووجدوه قد اخضرَّ جِلْدُه}}الطبقات3:ابن سعد// المعارف: الدينوري
وقال ابن الأثير: {{لم يبايع سعد أبا بكر ولا عمر(رض)، وسار إلى الشام فأقام بحوارين إلى أن مات سنة15هـ، ولم يختلفوا في أنّه وُجِدَ ميّتًا على مغتسَلِه وقد اخضَرَّ جسدُه، ولم يَشعُروا بموتِه حتى سمِعوا قائلًا يقول من بئر ولا يَرَونَ أحدا}}(( يعني القائل ليس ببشر، من بئر سمعوا صوتًا ينادي ويقول ويحكي بأنه مات فلان أو قتل فلان)) اُسْدُ الغابَة:ترجمة سعد بن عبادة:ابن الأثير// الإستيعاب2: إبن عبد البَرّ
وعلق السيد الأستاذ هنا قائلا : ( : (1) كل منصف لو تجرّد عن كل خلفية تعصبية مذهبية أو قومية أو قبلية أو مصلحية نفعية واطلع على سيرة الخليفة عمر(رض)، فإنّه يجد الجرأة والجدّ والحدية في سلوك عمر(رض) ومواقفه سواء كان مع أم المؤمنين حفصه أو عائشة أو أبي بكر أو فاطمة أو عليّ أو رسول الله (عليه وعليهم الصلاة والتسليم)، … فهل نتوقع أن يكون مترددًا مع سعد فيلتجئ إلى أن يكيد له فيغتاله في منفاه الذي اختاره لنفسه؟! علمًا أنّ الخليفة عمر لم يتردد في إجباره على البيعة أمام الأشهاد ولكنّه تَرَكَهُ استجابة لطلب الصحابي الأنصاري في تركه وهذه كانت في اَوَّل خلافة أبي بكر، فكيف نجده يتردد في استدعاء سعد وإجباره على البيعة أو العقوبة مع الامتناع، بعد مضي ما يقارب الخمس سنوات وبعد أن قَوِيَت الدولة وثبتت أركان السلطة، مع ملاحظة أنّ سعدًا لم يكن له أيّ تأثير يُذكَر على المجتمع يسبب خطرًا على الدولة وأركانها في خلافة عُمَر(رض). وأضاف سماحته مؤكدا :
(2) إذا عَلِمنا وعرَفنا ذلك، وعرَفنا أن كتلة السقيفة تشكلت في مقابل كتلة ثانية في المسجد النبوي أو غيره فكان التنافس بينهما على السلطة والإمارة، وعَلِمنا أنّ عمر(رض) ترك كتلة المصاب النبوي لتدارك ما سيقع من تسلط ذاك الحي من قريش على مقاليد الحكم والتسلط على الأمة ومقدّراتها وهلاك الأمة على أيديهم، فإنَّنا سنرجّحُ أو نطمئنُ إلى أنّ سعد بن عبادة يُعتَبر الغريم الأول والمنافس والعدو الأول لرؤساء الكتلة الثانية؛ كتلة الحي الأموي القريشي الذي يسيطر على الشام، والذي وقع سعد فريسة سهلة سائغة بين أيديهم، فيكون لهم سببٌ وألف سببٍ ومبرر لاغتياله وقَتلِه، فينتهون من خطره ويحرضون الناس ضد الخلافة بإشاعة أنّها قد اغتالته.