للوطن معاني عظيمة رغم حروفه الثلاثة البسيطة ، ، فهوهوية الانسان الذي يحمله بكل فخر ويعتز والاحساس بالامن حين تشتد المناية عليه ، الوطن هو أقرب الأماكن إلى القلب ( وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ) ﴿٣٦ البقرة﴾
وهو الدافع إلى الجد في العمل والانتاج ( كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ ) ﴿٦٠ البقرة﴾
، الإنسان بلا وطن، هو بلا هوية، بلا ماضٍ أو مستقبل، فهو غير موجود فعليًا، ولبناء الوطن الرائع، لابد من بناء لبناته الأساسية بسلامة، هو الحضن الدافئ الذي يجمع مكونته معناً دون تمييز او تفريط، وهو نعمة من الله أنعمها على البشرية وهم الخليفة ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) البقرة٣٠
، فيجب عليهم حمايته والدفاع عنه حتى وان كلفه الروح وأغلى ما نملك بعد الله سبحانه وتعالى الذي لايعلو عليه شيئ ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ) ﴿٢٥١ البقرة﴾
والعمل كيدٍ واحدة لبقاءه وجسد واحد اذا اردنا آمناً وصموداً بوجه العواصف والمحن كما يقول القران الكريم ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ))
ومهما كتبنا من عبارات فلن تعطيه حقه لا يمكن وصف بالاشعار لان القلم يعجز عن وصف حبه لانه جزء من الايمان الذي بداخلنا بعيداً عن المساومات والمزايدات والمجاملات اصواتنا تنطق به ، آمالنا تتجه إليه، طموحاتنا ترتبط به،حبه ليس حكراً على أحد؛ حيث أنّ كلّ فردٍ يعشق ويحبّ وطنه لانه المستقر النفسي له، وديننا الإسلاميّ يحثّنا على حبّ الوطن والوفاء له قال ابن منظور كما جاء في لسان العرب ( الوطن ): المنزل تقيم فيه , وهو موطن الإنسان , ومحله , يقال : أوطن فلان أرض كذا وكذا , أي اتخذها محلا , ومسكنا يقيم فيه ، عرف الجرجاني الوطن في الاصطلاح بقوله : الوطن الأصلي هو مولد الرجل , والبلد الذي هو فيه ، عرفه بعض الباحثين , فمنهم من عرفها من منطلق كونها تحمل معنى فكريا يصادم العقيدة , أو بصفتها تحمل وجدانيا عاطفيا يندرج داخل إطار العقيدة الإسلامية ويتفاعل معها .
والوطنية في بعض المصطلحات القانونية الحديثة انتماء الإنسان إلى دولة معينة يحمل جنسيتها ويدين بالولاء لها والوطنية تعتبر عن واجب الإنسان نحو وطنه وعرفت الموسوعة العربية العالمية الوطنية بقولها : الوطنية تعبير قومي يعني حب الشخص وإخلاصه لوطنه .
ونظرا لما يمر به الوطن اليوم من ظروف حرجة , وما يتعرض له من هجمة شرسة – , أحدثت خللا في عقول وأفكار بعض افراده , فاختلطت عليهم كثير من الأمور المهمة , فنزع بعضهم إلى الغلو والتطرف والتشدد , كما نزع فريق أخر إلى التحلل والتمرد على الثوابت والمسلمات ,وهذا كله بسبب بعدهم عن المنهج الصحيح في التلقي , فزهدوا في تراثهم الأصيل
.حب الوطن هو من أخطر مظاهر الانتماء لأنه هو الذي يكشف عن وجوده ، هذا الحب لا يتولد من فراغ ، ولكنه يحي وليد مجموعة من الاعتبارات التي يحيها الإنسان ويعيش بها ، ويتشكل كيانه في الحياة من خلالها فهي تشمل بالنسبة له النعمة في احلي صورها ومن الطبعي إن يركن الشخص في حبه وولائه الى الجهة التي يشعر فيها الخير الأكبر والعطاء الأوفر
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عند هجرته من مكة: « ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ». . ولولا أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو مُعلم البشرية، يُحب وطنه لقد سمع رسول الله صلى الله عليه واله وسلمم وصف مكة من “أصيل” فجرى دمعه حنينا إليها، وقال: “يا أصيل دع القلوب تقر”
أرأيت كيف عبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن حبه وهيامه وحنينه إلى وطنه بقوله: “يا أصيل دع القلوب تقر”، فإن ذكر بلده الحبيب -الذي ولد فيه، ونشأ تحت سمائه وفوق أرضه، وبلغ أشده وأكرم بالنبوة في رحابه .علينا ان ندك هذا القول من نبيا الكريم ( ص ) الذي لو أدرك كلُ إنسانٍ مسلمٍ معناه لرأينا حب الوطن يتجلى في أجمل صوره وأصدق معانيه .
ومن هنا فليس غريباً أن يشعر الإنسان بالحنين الصادق لوطنه عندما يُغادره إلى مكانٍ آخر، فما ذلك إلا دليلٌ على قوة الارتباط وصدق الانتماء .
وكما يقول الشاعر
ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعَهُ
وألا أرى غيري له الدهرَ مالكاً
عهدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً
كنعمةِ قومٍ أصبحُوا في ظلالِكا
وللوطن في دم كل حر*** يدٌ سلفت ودينٌ مستحقُ