18 ديسمبر، 2024 11:05 م

ومضات على العقلية الجنسانية العربية/ العراقية

ومضات على العقلية الجنسانية العربية/ العراقية

من وحي كتاب( الجنس في الرواية العراقية) للباحث داود سلمان الشويلي.

لازالت الرحى تدور حتى هذه الساعة دون كلل، بين فكي الثابت العرفي / الديني، وبين رياح العقلانية المنبعثة من الأنظمة العلمانية، التي فضحتها المشاهدات العينية، من خلال وسائل التواصل الإجتماعي، واليوتب، وكل عوالم الإنترنت ومحطات اللجوء والسفر، بكل مافيها من إيجابيات وسلبيات، جعلت من الفرد العربي / والعراقي بالخصوص يقارن ويطمح الى أمل الحرية في إنتخاب نمط حياة يتنفس فيه الحرية، دون قيود جاهزة بأسم الأعراف البالية أو الفقهية، ولازال بصيص التحول الى عالم الحرية أمل الشباب بالخصوص لقبر الأعراف والثقافات الفقهية.

إن أمل الشباب في حق التواصل الروحي بأسم الحب في سماء الحرية – دون إرهاب إجتماعي فقهي أو سلطوي – هو حق إنساني طبيعي شرعته السماء قبل الأرض. وللجنس العراقي مظاهر إجتماعية جنسية تنحدر سلالتها من مختلف سهول الثقافات المحيطة بها والقادمة من كل حدب وصوب، لتصب في واديه، ولاتختلف عن مثيلاتها العربية.

الجميع يعلم إن أغلب الأنظمة العربية قمعية، وترزخ كل شعوبها تحت سلطتها بإسم الدين وشرع الله في القرآنْ، إذ لايتجرأ أحد على فضح صور الواقع لآثار الكبت والحرمان وسُلطتهُ في قهر وقتل حرية وإرادة الإنسان، ولاينفذ من أقطارها إنسٌ ولاجان الا وإصطادته شُهُبٌ مِن نار.

كمظاهر جنسية سلوكية متعددة تدق خطاها بكل أوزانها المرعبة في طبول جيش التحرش والإغتصاب بكل أنواعه، ومظاهر لفظية جنسبة يندى لها الجبين، تفضح ضحالة الأخلاق والضمير، بالرغم من التأديب الفقهي بشرائع ومعايير أخلاق السماء للشعب يومياً، فلاتوجد شعوب تؤدب كشعوبنا العربية والإسلامية ومع ذلك الإزدواجية تعشعش ويطفو على السطح ما يدل على لاخبر جاء ولاوحي نزل بلسان اللغة العربية.

لن يرتدعون، فالشباب عازمون على خنق رؤوس تنين القهر بكل أشكاله وبدون ضابط للحرية المنفلتة.

لهم الحق في رفع الضغط وكل أشكال الكبت، لكن لايمكن رفعه، دون مقومات الحرية في حفظ الحقوق وكرامة الإنسان من ثقافة الجنس وحق المشاعر الأنسانية والثقافة الصحية وكل مؤسسات الحماية الأجتماعية ، وما لها من شأن في ضبط وكبح جموح الحريات المنفلتة كي لاتصار الى قهر قاتل يعوض القهر السابق، فيخنق الحياة وكرامة الإنسان.

المجتمع العربي فيه من الصور التي يندى لها جبين الإنسانية. صورة الواقع الوحشي لذئاب تنتظر فريستها الأنثى التي تنجر خلف الإيمان بالعلاقة العشقية النبيلة لانها كائن حي لها مشاعر كالذكر لافرق. أو من تُجرجر أذيالها الظروف الإقتصادية القاهرة الى حيث الرذيلة، ولامخلص لها، فلا الله رب العالمين بخاسفها بتلكم الذئاب كما خسفها بقوم لوط، ولا الناس الرافضون لهذا الإستغلال والأعتداء الجنسي ومظاهره المزرية يحركهم الضمير فينتفضون لمحاربة التحرش في الأماكن العامة، وكل أنواع الإستغلال الجنسي والوظيفي والمادي!!
فسجل الجنايات والأحكام والشكاوى تفضح المفضوح، وعند جهينة ( الناس) الخبر اليقين، فَهُم في بحر الواقع المريض مكابدون، وكل شاب عراقي أوعربي سيعترف لك بالواقع والعقلية المريضة، حتى وإن نكرها على نفسه.

فالكل مسؤول ومذنب بكل واقعة تحرش/ إغتصاب أو زواج قهري، كما هو في إحدى صوره يتمثل بالفصل العشائري( لبعض العشائر العراقية) حيث تكون الأنثى فيه، هي الذبيحة التي تنحر إنسانيتها ويُقتل وجودها كقرباناً يُكفُر ذنوب الذكور المتقاتلة، بالرغم من إيمانهم بالله..فالله يقول وإذا المؤودة سألت بأي ذنبٍ قتلت. والمقصد..إذا المفصولة سُألت بأي ذنبٍ فُصلت؟ ويقول ( ولاتزر وازرة وزر أخرى) لكن الواقع يشهد عقلية لاعلاقة لها بشرع السماءْ!! ومن يعتقد إن السبب هو الدين في هذه النقطة خاصةً، فليجبني على السؤال التالي:-

لماذا التمتع بالفتيات في عقلية الذكر أمرٌ لاغبار عليه ولايخجل من ذكره، لعلاقاته مع جنسه، وعند الزواج يبتعد عنهن الى البحث عن شريفة؟ من أين للشباب الذكور قاطبة هذه العقلية؟

فكل من تواصل معها أخذه التفكير بعدم شرفيتها، لأن معيار الشرف الراسخ في عقله هو أن لاتقيم البنت أية علاقة حب قبل الزواج، ولاداعٍ للأمثلة، هذه الظاهرة، موجودة تخدم شهواته وبذات الوقت يحتقرها لأنها وثقت بمشاعر حبه دون علمها بالذي يخفيه في داخله؛ من صورة أبشع خنزير.

في الغرب الأمر تطور وأصبح الذكر والأنثى متساوون في البحث عن الجنس بصراحة، ونكتتهم أنهم يبحثون عن المناسب الأمثل، وقد يطول البحث لفصول، فالجنس بتوافق وتحاب الطرفين، فقد يتوافقون على العلاقة الجنسية بصراحة دون أي خداع، ويحمل كلا الجنسان عقلية السعي للتمتع بعيداً عن فكرة الزواج، فالزواج محطة قد تحط رحالها عندما يقتنع الطرفان وقد ينجبون أطفالاً، وعندها تكتشف أن ليس كل من له أطفال فهو/ هي متزوج/ متزوجة.

بل وأزيدكم؛ أن الأنثى هي الاكثر جرأةً، وهي من تخرج لصيد فريستها الرجل كل جمعة وسبت في البارات والحفلات، أي أن ولادة العقلية الذكرية العربية المريضة موجودة في عقلية الأنثى الغربية، والكلام عن ظاهرة عامة تشترك فيها أغلب الفتيات من عمر النضوج، لكن بفارق عدم نية الخداع بشكل عام بل بكل وضوح، فهي تشد الرجل للعلاقة الجنسية المؤقتة وكلاهما يبحث عن الشهوة، ومنها قد يتعلق أولايتعلق كلاهما ببعضهما، لتبدأ مرحلة العلاقة العشقية والتي تُحرِّم عُرفاً مبدئياً وضميرياً الخيانة من أي طرف، لأن الصدق في المشاعر، ومن يكذب فيها ويستمر لرغباته ينفضح ويُحتقر ويُشهّر به في مجتمعه ليتلقى الدرس الأخلاقي ويوصف بالخنزير.

فقبل أن نتهم الدين..أو الفقه الديني علينا أن نفهم العقلية ولانبقى خائفون من فضح العقلية ورفعها الى السطح فالضمير العربي بأجمعه مسلموه وكل طوائفه وقومياته الأخرى مريضوا النفوس لموت الضمير في ثنايا جوارحهم، فلاتلقوا بسهام الذنب على تعاليم السماء بما ليس لها فيه من هذه العقلية. فربما الحق يقع على فقهاء الدين في مسائل أخرى لكن ليس في هذه النقطة والا فإتهامهم بهتان ليس له حظٌ بين العقلاء بمكان.

ماعلاقة هذا بالدين؟ لايوجد شرع في كتاب اللهْ يحرم التواصل مع الأنثى بل يحث عليها ولاشأن لله، سوى ما أهدى شرائعه للناس للإيمان بها طوعاً لاكرهاً، وهي عبارة عن هيئة مقترحات وضوابط شرعية للحفاظ على كرامة الأنسان، لتحمي الفتاة المقهورة من عقلية الرجل، الذي يجعل من قلبها جسراً للعبور وصولاً لجسدها، من جراء الكبت والإستخفاف بقيمة مشاعر المرأة، ثم يتركها ليتزوج غيرها، يكون هو من قتل الأنسان وصورة الذكر الإنسانية السليمة، فهو من دعم هذا السلوك وحرمه على أخواته، وهو أي الذكر يعلم إن العلاقة بهذا الشكل خارج معايير الضمير الإنساني والشرع الرباني.

إن المطالبة بتحرير المرأة يتطلب تحرير الوعي الضميري في نفس الذَكَر من مخلفات عقلية الفحولة أو صورة الرجولة التي تسعى لتحرير جسد المرأة لغاية تفريغ الشهوات من جراء الكبت دون واعز ضميري تلتف حوله حزمة الأحاسيس النبيلة.

سيقول الآخر ولماذا يقننها الشرع ويحتكر التقنين؟

سؤال مهم جداً..وأجيب بما ينطبق على الواقع دون أي تفلسف، فما همني هو الصدق لوضع النقاط على الحروف.

نجيب:

الأنسان كائن إجتماعي ولكل مجتمع نظام وقناعات وعادات إصطلح عليها فباتت معاييره التي تعد ضابطاً على السلوك العام في تصرفات الذكر والأنثى.
اذ لايمكن لمجتمع أن يخلو من معايير وضوابط، ولأنّ مجتمعاتنا هبطت فيها الديانات الإبراهيمية السماوية، وتوافقت عليها حتى الذوبان فباتت فيه كالمحلول من ذائب ومذيب.

ليس من السهولة تبدليل ترسبات الأنسان الفكرية والعقدية والعرفية لأنها تخلف في النفس إنطباعات وأحاسيس تُشكل ركيزة العقل الذكوري العربي، بل باتت الأنثى تحمل ذات العقلية في التربية الأسرية بشكل تلقائي الى بناتها من حيث رفع قيمة الذكر على الأنثى والفصل فيما يصح للذكر من عمل داخل الدار وما للأنثى ومايقع على عاتقها.
هذه الهوية العقلية التكوينية ككل، هي صور تجول في العقول وتترجم الى أحاسيس في النفوس يتوافق عليها المجتمع، فلازالت قضايا الشرف خير شاهد على العقلية والرضا الإجتماعي. فما يتعقل بعقلية القيمة الذكورية وسلطتها والشرف لايمكن لك بالصدمات الألكترونية عكس مسارات الذكر الفكرية والحسية الى مدارات أوربية لاتتناسب الكتروناتها ونواتهْ إذ لم يمر بها في نموه، لابربيعها ولابصيفها ولابخريفها ولابشتائها، فكيف يمكن قهره على معايشتها وتقبلها دون المرور بمراحلها.

لا ريب من أن القهر بكل أشكاله- الإجتماعي والطبقي والسياسي والأقتصادي والفقهي، يخلف ضغوط نفسية يكابدها كلا الجنسين، ولها إنعكاساتها السلبية على سلامة شخصية الفرد من وقوعها في الشخصية الازدواجية وأمراض نفسية أخرى من جراء مايخلفة القهر من كبت ومعاناة وحرمان.

فالثقافة الدونية للمرأة بوصفها – الهدامة عند الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين، والمطلوب ضبطها لأنها مصدر الشرور، ومصدر الأغواء، وهي التي أغوت آدم، والصياد لفريستها الرجل – تتوهج في العقل العربي والإسلامي وتشترك فيها أغلب المجتمعات من ذو الديانات السماوية، وليس للشرع القرآني دخل بدونيتها أو تمثيلها بتلك الصور إلا بما سطرته الأحاديث وتفاسير فقه شاذة لاتنسجم لا مع روح القرآن في تكريم بني الأنسان ذكرا وأنثى ولا أنزل الله بها من سلطان.

فالقرآن هو ذاته الضابط في زمن نزول الرسالة والحاضر والمستقبل لمؤمنيه، لكن الفقه فسر شرع الله بما لايتفق مع قرآنه، فأصبح الفقه حاكم كمفسر لشرع الله، والله في كتابه يقنن العلاقات ويضبط الشهوات بأطار الشرعية للمؤمنين بها، ولايقهر العلاقات الجنسية ولايمنعها، فأوامره وتشريعاته ونواهيه لمن آمن طوعاً فألزم نفسه بها.
لكن خُطِف الدين وسيست دعائمه بما يخدم السلطة السياسية والُملك، فضمان مقارعة الأعداء تتم من خلال متانة الوشائج العقائدية الواعدة بالذود عن كرسي الملك أو الحاكم.

لايقهر الله أحد على الإيمان والهدى فمن إهتدى لشرعه، فلنفسه وسيجزي الله المؤمنين.

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) يونس.

من رغب بالضلالة لرفضه الإيمان بالله، فله وهو حر.

* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * ﴿١٠٥﴾ المائدة

ولاشيء عليه حتى لقائه بربه، وهذا هو الذي كان معمول به،منذ فجر القرن الأول للإسلام، إذ لم يوصِ الله بقيام خلافة دينية أوتسمية خليفة أو ضباط فقه يقودون الناس بالحديد والنار وقطع الرؤوس، للإيمان به وبشرائعه ، فما حصل وعُرف لاحقاً من خلافة وقطع رؤوس المرتدين وضبط فقهائي، وسياسة عصا دينية ليس من الدين، ولافرضها الله ولارسوله.

لو أراد الله الإيمان القسري لفعل ما قال لرسوله في سورة الشعراء:

عَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ 3

إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ 4.

ولكنه لم يفعل لأن الحرية في الإيمان مطلب أساسي وركن هام يمثل هوية وكرامة الإنسان.