مع كل شروق للشمس أو غروبها ومابين خيوطها أو مع سحائب ظلام الليل تصدح حناجر الإستقبال لشهيد وترفرف بيارق توديع شهيد في هذا الحي أو ذلك الزقاق وفي تلك المنطقة أو ذلك الشارع وكلها بعناوين الزفاف حتى تزينت هذه المحافظة بصورهم ويكاد يكون زفافهم جماعيآ لولا تواريخ وأمكنة الإستشهاد بالرغم من فوارق أعمارهم مابين طفل ومراهق وشاب وكهل ، قافلة الشهداء تسير ولا وجود لمحطة توقف لإستراحتهم ريثما ترفع اليافطات وتزال سرادقات العزاء وتخلع ثياب الأحزان وتهدأ المقل وتذهب غصة فراق الأحبة وتبتسم النفوس ولو فسحة من الزمن وتعيش برهة لا تسمع فيها ندب ولا تشاهد دموع ولا تتقدم فيها تعازي .الشهيد القادم علينا اليوم إختلف عن أقرانه في قافلة الشهداء بكل المضامين وإكتسب أوصاف قل من سعى اليها ليجمعها ويحتويها ويحملها لتكون أوصاف مقرونة بأسمه وتلازمه لا إراديآ وكأنها عجنت لتمتزج بشخصيته ، بعد سقوط منظومة البعث المقيتة في العراق أصابته أزمة صحية كادت أن تنهي حياته وشلت جسده وعلى أثرها أصبح لا يحرك عضو من جسمه ولا ينطق بكلمة وعجز التطبيب في علاجه وأصبح شفاؤه حلمآ أقرب للإستحالة فأومأ الى أهله أن يحملوه الى كربلاء المقدسة ليتنفس عبق ضريح أبا الشهداء وأخيه أبا الفضل عليهما السلام ويتبرك بزيارتهما ، وهناك دعا الله سبحانه متوسلآ بهما بقلبه لا بلسانه فأعانه الله ببركتهما فقام من ساعته مشافى مما حل به وأخذ عهدآ على نفسه أن يكون خادمآ لزوار الإمام الحسين (ع) ويغض الطرف عن متاع الدنيا وما فيها فبادر لإنشاء موكب حسيني تميز بتقديم الخدمة للزائرين وإحياء المناسبات الدينية والمشاركة الفاعلة في كافة النشاطات المجتمعية ومن خلال هذا العمل أصبح مسؤولآ عن كم من المواكب الحسينية ولجهوده المتميزة ومثابرته الدؤوبة ومتابعته الميدانية أصبح أمينآ عامآ لممثلية المواكب الحسينية في محافظته التي يتجاوز عدد مواكبها 3000 موكب حسيني ولم يزيده هذا العمل وهذه المسؤولية إلا تواضعآ وبساطة في الحياة وتعاونآ مع الجميع ومودة لهم . وما أن نادت المرجعية الرشيدة بفتواها الجهادية الكفائية المباركة للدفاع عن المقدسات والأرض والعرض كان هو المبادر الأول في تلبية هذا النداء وشمر عن ساعديه ليكون في مقدمة الركب فكان هو ورفقائه أول من تجحفلوا في فرقة العباس ع القتالية ليكونوا ضمن بذرتها الأولى ويثبتوا أسسها ويدعموا بنائها لتكون أحد أهم الفصائل التي تحارب التكفير والزمر الوهابية وتنظيم داعش الإرهابي وأنيطت به مهمة الدعم اللوجستي والإشراف على التموين ومسؤولية الإعاشة وكان له شرف المشاركة في كافة الفعاليات القتالية للفرقة في جرف النصر وآمرلي وبلد وسيد غريب وسامراء وبيجي وتكريت وغيرها ، ولم يقف عند هذا الحد بل سعى الى فتح مقر لفرقة العباس ع القتالية في محافظته وبما يمتلكه من علاقات وطيدة مع كافة الأطراف إستطاع أن يكمل تدريب آلاف المتطوعين من الشباب ليكونوا على أهبة الإستعداد للدفاع عن الوطن ومعينآ لرفد الفرقة بالمقاتلين ، وما أن شرعت الفرقة بالتهيئة والإستعداد والتخطيط لتحرير قرية البشير في كركوك حتى كان هو أحد رموز قياداتها مواكبآ لكل التطورات على الساحة وجائت لحظة الهجوم فإنتفض متسارعآ لصولة الحق ودحر الدواعش الأنجاس فتوغل في عمق المعركة متحديآ لهم ويقف على راية الضلالة التي كانت منصوبة في تلك المنطقة لينكسها ويرفع علم العراق الأبي ويثبت راية الفرقة بأسم أبا الفضل العباس (ع) معلنآ تحرير هذه الأرض وتهتف حناجر المقاتلين الأبطال معه لبيك ياعلي لبيك ياعلي وبعدها… !!كمن القدر المحتوم ليهوي هذا القائد الهمام مضرجآ بدماءه الطاهرة لتروي أرض البشير ولتحلق روحه في عليين مع الشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، ودق جرس النداء في ربوع البصرة الفيحاء أن هلموا لزفاف شهيد جديد وهذه المرة الشهيد (الحاج طاهر لازم البديري)الرحمة والغفران لروحك الطاهرة وأرواح رفقائك الشهداء عزيز وماهر وأحمد وسعدتم بما نلتم من جنة عالية قطوفها دانية ..والنفس تنعاك على ألم الفراقفإن لم نلتحق بقافلتك فنتوسل اليك أن تذكرنا حين نمر عليك لننال شفاعة الشهداء ..