27 ديسمبر، 2024 3:19 ص

ماظهر من فساد خلال استجواب وزير الدفاع تمثل قمة هرم الجليد وما خفي كان اعظم. الفساد تحول الى ثقافة تأصلت في مؤسسات الدولة, ومعالجته والقضاء عليه تحتاج إلى معجزة, لأن ألادوات المستخدمة في العلاج هي ذاتها ملوثة بجرثومة الفساد, فنحتاج الى تطهيرها اولا ومن ثم استخدامها في العلاج, والأدوات هنا اعني بها اعضاء السلطة التشريعية الذين يمارسون عملية الاستجواب, وهيئة النزاهة بوصفها جهة مسؤولة عن ملاحقة الفساد والفاسدين, وأخيراً القضاء الذي يخضع هو الآخر للتسييس والضغوط السياسية. لا أظن ان اجراءا جدياً وحقيقياً في هذا الملف سيحدث, وما فعله وزير الدفاع هو انه أكد مايعرفه الجميع من تورط الرؤوس الكبيرة بالفساد. من منا مثلاً لايعرف ان اكثر رؤوساء الكتل البرلمانية تدور حولهم شبهات فساد؟ ومن منا لايعرف ان اغلب زعماء القوى السياسية الفاعلة تحولوا الى زعماء مافيات سياسية بفعل صفقات الفساد واستثراءهم على حساب المال العام, ومقارنة بسيطة لحالهم قبل 2003 وبعده تكشف عن حجم الثروات التي اسسوها بفعل الفساد؟ من منا لايعرف ان اغلب القوى السياسية المشاركة في الحكومة تعتبر الوزارة او المنصب مغنم لها وتقوم بحلب الوزارة لصالحها؟ من منا لايعرف ان نسبة كبيرة من البرلمانيين يستغلون صلاحياتهم لجمع الثروة عبر الابتزاز السياسي وما شاكله؟ هل نسينا الكوميشينات التي يحظى بها هذا السياسي وذاك من هذه الوزارة او تلك؟ هل نسينا كيف تقاسمت القوى السياسية الكبرى العراق على انه كعكة لكل جهة سياسية حصة منها؟ أين ذهبت الموازنات الانفجارية؟ اين اختفت مئات المليارات منذ 2003 والى يومنا هذا ومن المسؤول عن هدرها وسرقتها؟
أيها السادة الفساد لايمكن القضاء عليه او معالجته بأدوات فاسدة, ابحثوا عن ادوات غير ملوثة. فتشوا عن طرق فاعلة, واظن ان افضل تلك الطرق هو الثورة على الواقع الفاسد الذي لاتنفع معه كل دعوات(العقلنة) و (الوسطية) وعدم حرق المراحل. كنا نقول سابقاً ان الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة وتبين ان الفساد هو الارهاب بعينه فبدلاً من ان تلاحقوا زعيم داعش لتقضوا عليه ﻻحقوا الحيتان السياسية الكبرى التي فتكت بالعراق وشعبه قبل ان يفتك به الإرهاب, وبالتأكيد ان امرا من هذا سوف لن يحدث, فمن ذا الذي يجرؤ على ملاحقه هذا الرمز السياسي او ذاك لمحاسبته اذا كانت اغلب القوى السياسية المتحاصصة متفقة على الفساد وشاهدنا ردود فعل بعضها تجاه عملية الاستجواب. ليس لها إلا ثورة شعبية تطيح بالفاسدين