قبل البدء بكتابة هذا المقال نسأل، هل اللاجئون الفلسطينيون، اليوم، سعداء في مخيماتهم أم تعساء؟
وهل وصلوا، أخيرا، إلى قناعة عقلانية واقعية متأنية تفيد بأن أي مقترح جدي وقابل للتنفيذ يدعو لإخراجهم من هذه المخيمات المزرية قد أصبح أقرب إلى قبولهم، بعد أن ظلوا سبعين سنة يحلمون بالعودة، ويرفضون التوطين؟.
والآن إليكم المقال.
القائد المجاهد حسن نصر الله يرفض توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلاد التي تحتضن مخيماتهم المحاصرة بالأسلاك الشائكة، ويدعوهم إلى انتظار محو إسرائيل، ثم تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، ثم إقامة دولة فلسطين العظمى التي تكون القدس عاصمتَها الدينية والسياسية والتجارة، وتل الربيع، المسماة حاليا بـ (تل أبيب) عاصمتَها الأخرى للسهر والسمر والسياحة والسباحة، ولكن بعد عمر طويل طويل جدا، بعون الله ورحمته التي وسعت كل شيء.
ومؤكد أن الفلسطينيين، وخاصة سجناء المخيمات، قد أفاقوا اليوم، وأدركوا أن الخميني ووريثه الولي الفقيه علي خامنئي، وحسن نصر الله ورفيقه قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وبشار الأسد، والطيب أردوغان، وحماس وقادة الجبهات الفلسطينية المولدة في عواصم الصمود والمقاومة والتصدي هم أكثر الذين ضحكوا على أهل المخيمات، واستغفلوهم، وقد آن الأوان ليقولوا لهم، جميعا، كفى أيها المنافقون.
ومن يعيش أياما معدودة، لا شهورا ولا سنين، في أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، في سوريا أو لبنان أو الأردن، يدرك أن أطفال المخيم، قبل رجاله ونسائه، يلعنون الساعة التي ارتكبت فيها الأمم المتحدة ودول العالم الكبرى جريمتها الكبرى التي لا تغتفر حين جعلت قضيتهم دجاجةً تبيض ذهبا لحضن كل من هب ودب من السماسرة العرب والمسلمين الذين ظلوا سبعين سنة يقايضون حقوقَ أهل فلسطين برواتب ومناصب ومكاسب تُهدى لهم من أمريكا وإسرائيل بشرط أن لا يستخدموها، كلها أو جزءً منها، لنصرة فلسطين، لا بالفعل وحده، بل حتى بالكلام.
ويصعب على اللاجيئين الفلسطينيين وأبنائهم وبناتهم وأحفادهم أن ينسوا أيام دراما أيلول الأسود في الأردن وأسبابها ونتائجها، ومجازر مخيم تل الزعتر في لبنان، ومدافن مخيماتهم في سوريا، وحملات التهجير والإذلال التي لم تتوقف في البلدان التي قبلت باستضافتهم ولكن ليس برضائها ولا بمائها وغذائها ودوائها بل بأموال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي ما مر عام لم تكن فيه تشكو من نقص الموارد، وتعتذر عن تقصيرها في توفير خدماتها الضرورية اللازمة فقط لإبقاء اللاجئين على قيد الحياة، حتى وإن كانت حياة غير كريمة، ولا تليق ببشر.
كما لا يمكنهم أن يمحوا من الذاكرة سبعين سنة من الأحلام الخائبة بالعودة إلى مزارعهم ومنازلهم، قضوها وهم صابرون، صامدون، ويرفضون توطينهم في البلاد العربية المهجرين إليها، منذ أيام (اللاءات) الثلاث التي اخترعها القادة العرب، في مؤتمر قمتهم في الخرطوم عام 1964،(لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف بإسرائيل).
زعيم المقاومة والتحرير، حسن نصر الله، يرى أن التطورات الأخيرة التي تشهدها منطقة الخليج، والتي تستهدف إيران مرتبطة بـصفقة القرن.
ولم يفتْهُ أن يشيد بمواقف إخوته (المجاهدين) البحرينيين الرافضين لاستضافة بلادهم الجزءَ الأول من خطة السلام الأمريكية.
وعن قضية توطين الفلسطينيين في لبنان قال في (عيد المقاومة والتحرير) إن اللبنانيين والفلسطينيين يرفضون هذه الخطوة، ويؤمنون بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم.
فهل هناك أبأسُ من هذا الزمن الرديء، وأضلُّ سبيلا من زعمائه وأئمته ومجاهديه الذين لا يجيدون غير الكلام الكبير المنمق الجميل عن الصمود والتصدي، ولا يقاتلون إلا به، ولا شيء سواه؟.
الموت الموت لإسرائيل. الموت الموت لأمريكا. نعم، ولكن متى هذا الوعد إن كنتم صادقين؟.