نعم لقد التقوا..تصافحوا..تعانقوا ..تصالحوا وقتيا وربما شكليا أو صوريا..تبادلوا الابتسامات فوتوغرافيا ثم رحلوا بطائراتهم الخاصة ليغرد كل واحد منهم من هاتفه وعلى طريقته وانطلاقا من مصالحه ووجهة نظره ، ولكن ماذا عن مضيفهم المشهود له بالجود وحسن الضيافة والكرم – العراق – وشعاره على الدوام وعلى مر التأريخ :
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا …نحن الضيوف وأنت رب المنزل
فهل حصل هذا العراق العريق على شيء حقيقي يذكر ولو بالحد الادنى من كل هذا الهيل والهيلمان ومن تلكم العزائم والولائم وذاك المؤتمر ؟!
ها قد اختتمت وقائع مؤتمر”بغداد للتعاون والشراكة” بمشاركة تسع دول إقليمية اختلفت مستويات تمثيلها بين رؤساء وملوك وامراء ورؤساء وزراء ووزراء خارجية ، هي كل من الإمارات ومصر والسعودية والكويت وتركيا وقطر والأردن وإيران ، اضافة الى فرنسا ماكرون الذي حضر الى المؤتمر لا ادري بصفة ” مراقب ” أم بصفة ” مشاغب ” ، فضلا عن جامعة الدول العربية ، ومجلس التعاون الخليجي ، ومنظمة التعاون الاسلامي في قمة الحوار الإقليمي والتي يتأمل منها جلهم أو كلهم وبحسب المعلن تحقيق التقدم في ملفات أمنية واقتصادية بدعم من دول الجوار !
وبما ان تلكم القمة النوعية وان كانت تشاورية قد عقدت في العاصمة العراقية بعد طول غياب وحصار وقطيعة الامر الذي عده بعض المراقبين عودة عراقية قوية الى حاضنة المجتمع الدولي وعودة ميمونة الى الحضن العربي، وبما ان هدف المؤتمر المعلن هو تحقيق الاستقرار ودعم الامن والاقتصاد والاتفاق على آليات تعاون إقليمي ودولي بين قوى المنطقة فى إطار تصالحي وللحؤول من دون تكرار السيناريو الافغاني بعد الانسحاب الاميركي المزعوم او المزمع من العراق ، فلابد من ان يركز العراق اولا وقبل اي شيء آخر على مصالحه ومصالحه ومصالحه وعلى الصعد كافة ومن ثم ليهتم بمصالحة المتخاصمين مع بعضهم على ارضه وما اكثرهم مصالحة ” مصر مع قطر ” و ” الامارات مع قطر ” و ” السعودية مع ايران ” و ” الاردن مع الامارات ” و ” مصر مع تركيا ” و ” ايران مع الكل ، والكل مع ايران ” وربما مصالحة ” توم مع جيري ” رغما عن انف ” مترو غولدوين ماير، وكان على العراق ان يسترعي انتباه ضيوفه كلهم الى جملة امور وقضايا مهمة – ولا اقول هامة كما تم ترديدها مرات عدة في كلمات الضيوف لأن هامة مأخوذة من الهم والحزن وليست من الاهمية بشيء – وملفات شائكة ويضعها امام كل واحد منهم لتحقيق الاهداف المرجوة من انعقاد هذا المؤتمر وللحيلولة من دون تحوله الى مجرد فقاعة اعلامية وظاهرة صوتية ومهرجان للالتقاط الصور الحميمية وتبادل العناق الحار بين الفرقاء والاعدقاء لا اكثر وبما ان الجميع قد تقاطعوا في كلماتهم المتتابعة مع بعضهم ، وبما ان كل واحد منهم قد غرد خارج السرب ضمنا خلال النص المقروء والمسلفن ، وبما ان بعضهم قد خالف عن عمد الاعراف الدبلوماسية والقواعد البروتوكولية وضربها عرض الحائط فيما بعضهم حاول التقليل من شأن العراق ضمنا واظهاره بمظهر المستعطي وهو الذي سبقهم كلهم في تعليم البشرية جمعاء القراءة والكتابة والحضارة والتأريخ وبقرون طويلة وعلى مختلف الصعد ، الا انهم اتفقوا على ضرورة مساعدة العراق والوقوف معه للخروج من ازماته ومغادرة محنته الا انه -وحتى لايكون الكلام مجرد هواء في شبك ، ولازوبعة في فنجان ، ولاجعجعة من غير طحن وحتى لايكون احدهم حلو لسان ، قليل احسان – وعلى قول احبابنا واشقائنا المصريين ” اسمع كلامك اصدقك ..اشوف افعالك استعجب ” ولإثبات حسن النية بعيدا عن سوء الظن والطوية ولكي لاتكون التصريحات والوعود مجرد حبر على الورق ولامجرد حرث على رمل الساحل وسطح الماء كسابقتها :
– كان لابد من وضع ورقة امام الرئيس الفرنسي ماكرون ، تسترعي انتباهه جليا الى أن السماح المستفنز والمستمر بنشر الرسوم المسيئة والتضييق على لبس الحجاب في فرنسا علاوة على اصدار القوانين المجحفة والمتواصلة التي تضيق على الجالية العربية والمسلمة معيشتها وحياتها وتفرض قيودا على عاداتها وتقاليدها هناك لن يصب قطعا في صالح الاستقرار الدولي والاقليمي ابدا وسيظل مؤججا لروح الكراهية المتبادلة بين الشعوب والامم بغياب الحوار العقلاني والانساني والحضاري البناء ولا اريد ان اتحدث اكثر ” وبالفرنسي je ne veux plus parler ” ..طبعا العبارة الفرنسية الاخيرة -اخوكم خامطها من غوغل – ولا ادعي التحدث بالفرنسية فإن كانت غير دقيقة فالعتب على غوغل وليس على كاتب السطور” علما بأنني كنت بصدد اضافة ايموجي ضاحك هاهنا تحديدا ولكنني لم افلح لقلة الخبرات الالكترونية ولكوني من جيل يكاد أن ينقرض يطلق عليه رواد مواقع التواصل بجيل الطيبين ولا ادري ان كنا طيبين فعلا كما يتوهمون ام انها مجرد دعاية اعلامية فقط لاغير ..ومعذرة للجميع بإستثناء الشاب النحيف الجامح سباكيتي معكرون !”.
– وكان على العراق ان يضع امام ممثل تركيا ورقة مماثلة مكتوب فيها ” ان مواصلة الاعتداء التركي على الاراضي العراقية وقصفها المتواصل وعلى مدار سنين بذريعة مكافحة حزب العمال الكردستاني التركي المعارض -بي كاكا – وتجريف الغابات والتوغل داخل الاراضي العراقية يوميا والى مديات خطيرة لنفس الغرض ما تسبب بهجرة وترويع ونزوج الاف العوائل الكردية العراقية الامنة من القرى التي تتعرض للقصف شبه اليومي اضافة الى حرق محاصيلهم الزراعية ، لن يحقق الامن والاستقرار بين البلدين الجارين اسوة بعموم المنطقة ، كذلك موضوعة تحويل مجرى المياه من ارض المنبع الى ارض المنبع ثانية بدلا من ارض المصب ما تسبب بانخفاض مناسيب المياه في دجلة والفرات وزيادة ملوحتهما في العراق والذي تسبب بدوره بهجرة الفلاحين والمزارعين لأراضيهم تجاه المدن في الجنوب العراقي ونفوق مواشيهم وتلف محاصيلهم وتصحر اراضيهم ، وبالتركي Yazı klar olsun sana
– كان على العراق ان يضع امام الكويت ايا كانت درجة تمثيلها في هذا المؤتمر ورقة مكتوب فيها ” ان استمرار مطالبة الكويت بديونها وبالتعويضات عن ما يسمى بحرب الكويت طيلة الفترة الماضية ومحاولة اثارة هذه المشكلة بين الحين والاخر كذلك اثارة قضية ترسيم الحدود وخور عبد الله وميناء الفاو واسر الصيادين العراقيين والتضييق عليهم في المياه المشتركة ، اضافة الى قضية الحقول النفطية المائلة بين البلدين وقضية الارشيف الكويتي وملف المفقودين والطائرات المدنية ، لن يخدم الاستقرار في عموم المنطقة ّولن يحقق الازدهار للعراق الذي تدعي الكويت حرصها على الحفاظ على وحدة اراضيه واعادة اعماره ونهضته وازدهاره وعودته الى الحاضنة العربية سالما منعما وغانما مكرما ” المفترض ان العراق قد حوصر 13 سنة وقد ذاق المصائب والكوارث والويلات ودفع مليارات الدولارات تلو المليارات كتعويضات للكويت وانتهى الامر وعلى الكويت اذا ماكانت جادة فعليا وحريصة على مغادرة العراق مأساته التي لاتتوقف ان تسقط ما تبقي من ديون وتعويضات بذمة العراق – ان كان بذمته ديون حقا وليس ادعاءا – ليتنفس قليلا ويشم عبق الخلاص ويتنسم عبير السلام والحرية لأنه والى كتابة السطور مايزال يردد ما ردده جورج فلويد “لا أستطيع التنفس” كذلك ما ردده عبد الحليم في رسالته من تحت الماء ” اني اغرق ، اغرق ، اغرق “.
– كان على العراق ان يضع امام الاردن ورقة مكتوب فيها ” ليس بالنفط ولا بالتجارة وحدها تقوى اواصر الاخوة والمحبة بين الشعوب والجيران والا فلا ، فهناك الجغرافيا المشتركة والقومية المشتركة والدين المشترك والجيرة والنسب والمصاهرة ووحدة الدم والعشائر والتأريخ والمصير المشترك ، وبالتالي يجب ان يعامل العراقيون بالحسنى لا على اساس النفط والتجارة فقط ، اذ من غير المقبول ان يضيق على العراقيين سفرهم الى الاردن ومنذ سنين طويلة الا بشروط معقدة جدا وان تغلق الحدود وتفتح امامهم بين الحين والاخر كيفيا ، ولابد من ان لاتبنى العلاقات مع العراق على اساس النفط والتجارة فحسب من دون اية اعتبارات اخوية وانسانية وجيو – سياسية اخرى ” وبديش احكي اكتر يازلمه ” .
– كان لابد من وضع ورقة اخرى تنصح الاخوة في الامارات العربية المتحدة الى عدم الارتماء الشامل والكامل في الحضن ال ا س را ئ ل ي لأن هذا الامر من شأنه ان يستفز مشاعر العرب والمسلمين عامة في ارجاء المعمورة ومن شأن هذا الاستفزاز المتواصل شبه اليومي بما تتناقله وسائل الاعلام لوحده ان يمثل عائقا وان يكون معيقا امام تحقيق الاستقرار الوحدة والتآلف بين الدول في عموم المنطقة ولاسيما العراق وانتم سيد العارفين …ولكن ومهما يكن من امر فإن تغريدات حاكم دبي كانت الاجمل والاروع حين قال “وصلنا بحمد الله بغداد، عاصمة الرشيد والمأمون وعاصمة العالم، دار السلام، بيت حكمة البشر ..بغداد الشعراء والأدباء والعلماء، بغداد دجلة والفرات، رغم جراحها متفائلين بعودتها ونهضتها ومجدها بإذن الله، حفظ الله بغداد، حفظ الله شعب العراق العظيم” وشكرا لهذه الكلمات الجميلة الندية الصادقة !
– كان لابد من وضع ورقة امام الوفد الايراني يقترح عليه فيها الكف عن التدخل في الشؤون العراقية بتاتا لاسيما التدخلات السياسية والاقتصادية والامنية منها ،الكف عن اثارة موضوعة الحرب العراقية – الايرانية وتحميل العراق مسؤوليتها ووزرها بين الحين والاخر ، الكف عن قطع الغاز المجهز لتشغيل المحطات الكهربائية وبالاخص في فصل الصيف حين تصل درجات الحرارة الى اكثر من 50مئوية ، الكف عن تحويل المياه الى ارض المنبع بدلا من ارض المصب لاسيما في فصل الجفاف ما تسبب بعطش البشر وهلاك الزرع والضرع ، حتمية ضبط الحدود بين البلدين وعدم السماح بدخول المخدرات والمواد الغذائية التالفة الى العراق مقابل تهريب النفط والاثار عبرها وما شاكل ، الكف عن اثارة الفتن والقلاقل واحترام الجيرة ..كان لابد من اعادة وزير خارجيتها الى الوراء بعد تقدمه الى امام خلافا للبروتوكولات ما تسبب بغضب الاعلام العربي كله وتسبب بـ – زعل رئيس وزراء الامارات -بحسب ما روجته بعض وكالات الانباء ، وحسنا فعل الكاظمي حين صحح المعلومة عن حجم التبادل التجاري بين البلدين من 300 مليار دولار كما جاء على لسان اللهيان ، الى 13 مليار دولار على لسان الكاظمي !
– كان لابد من وضع ورقة امام وفد قطر تخبرهم بأن العراق مازال مستاءا وسيظل ان لم يكن على مستوى الحكومات المتعاقبة فعلى مستوى الشعب المظلوم يوم كانت المقاتلات الاميركية تحلق لضرب العراق من قاعدة العديد الاميركية او مطار ابو نخلة جنوب غرب الدوحة والاسهام في حصاره منذ عام 1996 وحتى احتلاله عام 2003 وان كان لابد ولتكفير هذا الذنب وتلكم الخطيئة التي لاتغتفر فلا اقل من ان تسهم قطر وبكل امكاناتها بإعادة اعمار العراق من زاخو الى الفاو ..مجانا ومن دون مقابل يذكر !
– كان لابد من وضع ورقة امام وفد جامعة الدول العربية تسألهم فيها عن دور هذه الجامعة بخلاف القمم الطارئة والعادية التي تعقدها بين الحين والاخر والتي ينام خلال جلساتها بما هو موثق بالصور معظم الزعماء والقادة العرب ويشخرون ، يسأل عن دورها في حل مجمل القضايا العربية الملحة والقضايا الاقليمية الشائكة وابرزها القضية المركزية الام – فلسطين – والمسجد الاقصى والجولان وسيناء والضفة الغربية وغزة المحاصرة وعرب 48 وحل مأساة فلسطيني الشتات والمخيمات والدياسبورا منذ تأسيسها عام 1948 بمقترح من أنتونى إيدن وزير خارجية بريطانيا آنذاك ، والعراق ولمن لايعرف هو عضو اساس مؤسس فيها ؟!
– كان لابد من وضع ورقة مماثلة تسأل منظمة التعاون الاسلامي التي تأسست بعد حريق المسجد الاقصى عام 1969 عن دورها في حل المشاكل الهائلة والعالقة بين البلدان الاسلامية والتي يفترض انها تمثلهم ومحاولة التوفيق بينهم وتقريب وجهات النظر وتقليل حدة الصراعات وتخفيف زخمها ، او الاسهام برعاية ضحايا هذه الصراعات التي لاتتوقف على الاقل والاسهام بإعادة اعمار ما تخلفه من دمار وخراب واحتراب واعادة النازحين واللاجئين الى مناطق سكناهم ، نريد انجازا واحدا فحسب بإستثناء تغيير اسمها من ” منظمة المؤتمر الاسلامي ” الى منظمة ” التعاون الاسلامي ” وبخلاف حضور المؤتمرات والندوات واطلاق التصريحات والشجب والاستنكارات والتي تختتم عادة باكل المشوي والمحشي اضافة الى المعجنات مشفوعة بشرب الشاي السيلاني المهيل والقهوة العربية – المستوردة من البرازيل بعد تجريف مزارع القهوة الاصيلة في اليمن والتحول بدلا من ذلك الى زراعة القات – والعصائر الاجنبية بأنواعها والانتهاء بالفواكه المستوردة والحلويات ، جلسات لاتخلو من التقاط الصور الجماعية والشخصية والسيلفيات بعد ان يبتسم كل واحد منهم ابتسامة مجاملة عريضة وجامدة بلا مشاعر وبعد ان يعدل كل واحد منهم وقفته او جلسته ليتبعها بتعديل عمامته وجبته وغترته وقبعته وعقاله المصنوعة برمتها- بغياب الصناعة والمصانع العربية والاسلامية -في كل من كوريا الجنوبية والصين واوربا والهند وتايوان واليابان ؟!
– كان لابد من وضع ورقة مماثلة امام مصر الشقيقة وسؤالها عن اسباب غيابها الطويل عن الساحة العراقية وعلى المستويات كافة ” الزراعية ، التجارية ، الصناعية ، الثقافية ، الصحية ، العلمية ، السياسية ، الدبلوماسية ، الانسانية ….وعدد ما شئت ” وقد كانت العلاقات وحتى العام 1991 على افضل ما يرام بين البلدين الشقيقين الحضاريين العريقين حتى انك لم تكن تمر بحي ولا زقاق ولا مدينة ولاقضاء ولا ناحية عراقية من الشمال وحتى الجنوب قط الا وتجد فيها مئات من الاشقاء المصريين العاملين هناك وفي شتى المجالات !
– كان لابد من وضع ورقة امام وفد السعودية وسؤالها عن اسباب غيابها الطويل عن الساحة العراقية وعلى مختلف الصعد ” استثماريا ، تنمويا ، تجاريا ، ثقافيا ، دبلوماسيا ، علميا ، جامعيا ، سياسيا ، خدميا ، انسانيا .الخ ” ما ترك الباب مفتوحا على مصراعيه لغيرها لملء هذا الفراغ العجيب بدلا منها وفي شتى المجالات !
– كان لابد من وضع ورقة امام وفد مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس عام 1981 وسؤاله عن دوره الحقيقي والفاعل في حل مشاكل الدول المنضوية تحت لوائه على الاقل ولا اقول مشاكل الوطن العربي برمته تتقدمها مشكلة سورية واليمن والسودان وليبيا والعراق ، عن دوره في تقريب وجهات النظر بينهم ، عن دوره في تخفيف حدة الخصومات والمقاطعات والخلاقات والصراعات المستمرة بين الدول الاعضاء واخرها وليس اخيرها مقاطعة قطر ، ومن ثم مصالحة قطر مقابل مقاطعة الامارات وهلم جرا ، عن اسباب اخفاقه الدائم حتى في تحديد مكان وزمان تنظيم بطولة كأس الخليج العربي بكرة القدم بمشاركة كاملة من دون – زعل – احد المنتخبات ومقاطعته للبطولة بهذه الذريعة أو تلك !
* والاهم من كل هذا وذاك هو عرض ورقة اصلاحية وحدوية شاملة من خلال الداتا شو وعلى مرأى ومسمع من الجميع وتحت انظار العالم بأسره تسأل عن اسباب خلاف الدول العربية مع بعضها بعضا طيلة عقود طويلة ومن دون حل يذكر ، تسألهم عن اسباب استعانة بعضهم بالاجنبي ضد بعض على الدوام ، والله تعالى يقول في محكم التنزيل ” وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ” ، تسأل عن اسباب اختلاف الدول الاسلامية مع بعضها والله تعالى يقول في محكم التنزيل ” وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” ، لماذا كل هذا الخصام والتناحر والتجاذب والتمزق والتشرذم ، ورسول ﷺ يقول في الحديث الصحيح ” : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” .
الم تسمعوا قول الشاعر العربي قديما :
كونوا جميعاً يا بنيّ إذا اعترى ..خطبٌ ولا تتفرقوا آحاداً
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً …وإذا افترقن تكسرت أفراداً
والله لو انكم بما تمتلكون من مياه وكنوز وخيرات وثروات ومعادن طبيعية هائلة ، وبما تمتلكون من اراض زراعية خصبة شاسعة وطاقات بشرية مهولة ، ومواقع جغرافية ومرافيء وسواحل وخلجان ومضايق وقنوات وانهار ستراتيجية مهمة للغاية يتوقف عليها اقتصاد العالم بأسره ويسيل لها لعاب الامم والشعوب في ارجاء المعمورة ، وبما تمتلكونه من تأريخ وثقافات وآثار وحضارات عريقة واصيلة ضاربة في القدم بإمكانكم ان تكونوا رقما صعبا لتجعلوا ماكرون وبايدن وترامب وجونسون وبوتين وميركل وبقية شلة الدول الصناعية الكبرى والصغرى والبين بين ، واعضاء حلف الناتو والنادي النووي ، هم من يتوسلونكم صباح مساء ويخطبون ودكم ليلا ونهارا وليس العكس يوم تكالب الجميع على قصعتكم وانتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل نزعت مهابتكم بتفرقكم وتشرذمكم وتمزقكم من قلوب اعدائكم وخصومكم وكل المتربصين بكم بعد ان رضيتم الهوان والتفرق والنزاع المستمر ولسان حالكم يصدق فيه قول الشاعر :
ومن يتهيب صعود الجبال…يعش ابد الدهر بين الحفر
فيما بعضكم يقف صاغرا على جنب ليقدم الخدمات طواعية الى هؤلاء الاكلة الشرهين المجتمعين على قصعتكم لكونه قد ارتضى لنفسه الهوان وان يكون من ضمن فريق الخدم والحشم و- المعزبين – وفات كل واحد منكم ان اكل الثور الابيض والتهامه اليوم سيعقبه لامحالة التهام الثور الاسود لاحقا ولو بعد حين ، وعلى قول البغادة في امثالهم الشعبية الرائعة ” اذا حلقوا لحية جارك …حضر نفسك وصوبن لحيتك اغاتي !”
وعجبي ان كل واحد منكم يزعم بأن الحق معه وحده وان غريمه على باطل والكل يدعي وصلا بليلى وليلى لاتقر لهم بذاكا وعلى قول قائلهم :
تبغي النجاة ولم تسلك مسالكها .. إن السفينة لا تجري على اليبس
اودعناكم اغاتي