23 ديسمبر، 2024 6:02 ص

وليمة لديدان القبر

وليمة لديدان القبر

يموت الإنسان، كل إنسان، ولايستثنى من ذلك أحد، وحتى تغريدات البعض ممن يعبثون بالتاريخ عن كرامات وعن إشتراطات، إن فلان لايموت، وقد يرغب بالبقاء لاأهمية لها. بينما القرار هو لله الذي خلق الأكوان والإنسان، وكل ماعلى الأرض من دواب وشجر، وكل مافيه روح، حيث سيفني الجميع ولايبقى إلا هو سبحانه، ولهذا فإننا نردد القول الشريف، الحمدلله الذي قهر بالموت عباده، فلايعود من أثر لمتكبر ومتجبر وملحد ومنكر للبعث والقيامة طالما إن الجميع سيقبرون في حفر، أو تحرق جثثهم، أو يرمون في البحر فتأكلهم الأسماك، أو تلتهمهم رمال الصحراء والوحوش الضارية.

يسارع الناس الى وضع الميت من البشر في حفرة، ويهيلون عليه التراب، ولو بقي لساعات لتعفن وإنتفخت جثته، وخرجت منه رائحة لايطيقها بشر ولاحيوان، فينادي المنادي، إكرام الميت دفنه، فبقاؤه تعذيب للناس، وإهانة له. وحين يدفن وقد نعود لنطلع على حاله فنجده تحول الى كومة عظام لاأثر لحياة فيها، ونتساءل أين ذهب اللحم والدم والعظام، وأين تلك العيون وذلك اللسان؟ ولكن لاجواب.

ترى أيها أفضل أن تحمل الجثة الهامدة الى القبر لتكون وليمة للدود؟ أم أن يتبرع الإنسان ببعض أعضاء جسده الحيوية لمريض ومعتل؟ ربما سيكون الجواب الأعم إن الناس يفضلون أن يكون ذلك ويتبرع الجميع بأعضائهم، ولكننا بحاجة الى ثقافة أكثر حيوية وفعالية تدفع بالناس لكي يتبرعوا بأعضائهم بعد مماتهم فتلك الأعضاء في النهاية ستتعفن، وقد صرخ أحد ضيوف برنامج تفاعلي كان يناقش هذا الموضوع مخاطبا الناس، للإنسان أم للديدان، بمعنى هل ترغب أن تكون أعضاؤك حية في جسد غيرك بعد مماتك، أم أن تذهب معك الى القبر فتتعفن ويأكلها الدود؟

تبرع العديد من المشاهير والقادة والملوك والحكام بأعضائهم الحية، وأقروا ذلك قبل وفاتهم مايعني ان ذلك يمثل دفعة قوية للإنسانية لتستمر بوعيها المتصاعد لكي تستمر الحياة، وماأجمل أن تكون الأعضاء التي كانت في جسد مات صاحبه حية في جسد جديد منحته الأمل والحياة والمستقبل.