في ليلة الثالث عشر من رجب, بعد ثلاثين سنة, من عام الفيل, انشق جدار الكعبة, لفاطمة بنت أسد, زوجة أبي طالب عم الرسول ص, لتدخل جوف الكعبة, وتخرج بعد ثلاثة أيام, وهي تحمل وليدها, علي بن أبي طالب, عليهم السلام .
هذا الوليد؛ الذي فضله الله تعالى, على عيسى ابن مريم النبي ع, حين أمر والدته مريم العذراء, بالخروج من بيت المقدس, كونه بيت عباده, ولكن جدار الكعبة, انشق من اجل أن يولد الفتى الهاشمي, في حادثة لم تحدث لأحد قبله, ولا حدثت لأحد بعده, فهو وليد الكعبة المشرفة, وشاء الله أن يكون استشهاده في بيت الله أيضا, وهو قائم يصلي فهو شهيد المحراب, ومابين ولادته واستشهاده, طاعة وجهاد في سبيل الله .
تلك الميزة والفضيلة, التي حباها الله لعلي ع, دون غيره من البشر, ولكنه عليه السلام, لم يطرح هذه الميزة, أو يتباه بها على غيره, حتى عند اضطراره, بتعريف نفسه للناس وفضله عليهم, فكان يذكر كثيرا, من المناقب بحقه, وبقربه من رسول الله ص, فكان يتحدث عن مبيته في فراش ابن عمه, وجهاده في بدر وأحد, وماذا فعل في معركة خيبر, ولكنه لم يذكرهم, بولادته في الكعبة, لسبب بسيط أن هذا الميزة, لم يكن له دور فيها, وإنما خصه الله بها, فلم يستخدمها لتحريك المشاعر او لتحقيق غايات, حتى وان كانت تلك الغايات, سامية ونبيلة .
فعلي ع, اقرب من القريب لرسول الله ص, وهو نفسه التي باهل بها اليهود, لقول الله تعالى: ” وأنفسنا وأنفسكم “, وهو الذي قال فيه رسول الله ص : ” علي مني, بمنزلة هارون من موسى, إلا أنه لا نبي بعدي “, وأيضا القائل فيه : ” أما أنت ياعلي, فصفي وأميني ” وكذلك قولته المعروفة, يوم الغدير : ” من كنت مولاه, فعلي مولاه, اللهم والي من والاه, وعادي من عاداه ” والكثير من الأحاديث, التي وردت في فضائل علي ع .
وعلي من أهل البيت, الذين ورد فيهم, قول الله تعالى : ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” “وعلي مع الحق, والحق مع علي, يدور معه, حيث ما دار ” فعلي لم يكن شخصا, وإنما كان منهجا ومشروعا للأمة, وإمتدادا لرسول الله ص, وسيبقى علي حاضرا, بمشروعه ونهجه .