18 ديسمبر، 2024 9:39 م

في الليل،جمعت مايكفي من الصحف والمجلات الشهيرة التي سبق ان نشرت فيها تقارير ومتابعات ونصوص في شؤون متنوعة تتوزع مابين الثقافة والسياسة والمجتمع ، بما يؤكد على انني امتلك سيرة ذاتية مهنية تؤهلني للعمل في مؤسسة (آ…) للنشر والاعلام .

كنت على درجة عالية من الثقة بانني ساحظى بالفرصة التي ستمكنني من توفير مبلغ اضافي يساعدني على مواجهة احتياجات عائلتي الصغيرة في المدينة الذي نزحت اليها قبل اكثر من عشرة اعوام بعد ان تعرضت حياتي الى الخطر على يد جماعات اسلاموية متشددة.

لم اكن مندفعا للانخراط في عمل اخر اضافة الى عملي في المؤسسة الاعلامية الخاصة التي مضى على وجودي فيها انذاك مايزيد على الخمسة اعوام، لانني كنت مقتنعا بما اتقاضاه من اجر نهاية كل شهر ، اذ كان يوفر لي مااحتاجه من مال لكي اعيش حياة مستقرة الى حد ما،على الاقل لم اكن مضطرا فيها للاقتراض من الآخرين ، بمعنى ان حياتي كانت( مستورة ) كما اعتدنا ان نقول في مجرى احاديثنا اليومية اذا ما سألنا احد ما من الاصدقاء او المعارف عن احوالنا فنكتفي بهذه الكلمة حتى يفهم السائل باننا في حالة اقتناع بما نحن فيه من وضع معيشي،الاّ ان الاوضاع الصحية غير المستقرة لزوجتي( ساكتفي بهذه الجملة فقط ولن ادخل في التفاصيل لانها لاتعنيكم ولاتعني احدا سواي ) فرضت علي ان ابحث عن عمل اضافي لكي اواجه ارتفاع اجور الاطباء والخدمات الصحية والادوية.

بعد ان استقبلني مدير المؤسسة ورحب بي بشكل رسمي طلب مني ان اقدم له موجزا عن مسيرتي المهنية.ثم قدمت له المستمسكات التي كنت قد جمعتها استعداد لهذا الموقف. القى عليها نظرة سريعة ثم سألني عن المدينة التي ولدت فيها لكنني لم اتوقع ان يسالني عن قوميتي وعشيرتي وطائفتي !

ومع ذلك اجبت على اسئلته ، الا انني ختمت اجوبتي بسؤال وجهته له ولم اكن مستعدا ان اتجاوزه ” هل هناك ضرورة لهذه الاسئلة ؟ ”
في الحقيقة لم يتفاجا من سؤالي ، كما لو انه قد اجاب عليه كثيرا ، وهذا مابدا واضحا عندما جاء رده واضحا بجملة مختصرة لم يكلف نفسه في البحث عن صياغتها بشكل منمق ” بصراحة، نحن نفضل ابناء الاقليات.. لاننا نتعاطف معهم ، ونثق بهم،وباخلاصهم”
في كل مرة واجهتني مثل هذه الاجابة وفي اكثر من مؤسسة اعلامية كنت قد تقدمت للعمل فيها كنت اكتفي بترديد كلمة ” طزززززز ” مع نفسي وانا عائد الى البيت.

بعد ان وجدت ان لاجدوى من الاستمرار في هذه المهزلة، قررت قبل خمسة اعوام من الآن العمل وفق القاعدة الذهبية التي آمن بها اهلنا وعاشوا سعداء من خلال ايمانهم بها رغم ضيق ذات اليد التي كانوا عليها، فلم اعد مهتما في البحث عن عمل اضافي .

نسيت ان اذكر لكم القاعدة الذهبية ” القناعة كنز لايفنى ” التي جعلتني سعيدا طيلة حياتي وسط اهلي في ذاك الحي الشعبي القابع وسط مدينة الموصل القديمة الذي تحول الى انقاض اثناء تحريرها من سلطة تنظيم داعش .وعلى الارجح لم تعد هذه القاعدة صالحة للاستهلاك البشري هذه الايام خاصة بعد العام 2003 .
ولهذا اقول:طزززززز .