-1-
يُخيّل لبعض السلطويين أنّ الصرامة المطلوبة في ادارة دفة الحُكم، تتطلب التهجم والعبوس، خلافاً لما تقتضيه القواعد الأخلاقية والانسانية ..!!
إنّ افترار الثغر عن البسمات الحلوة يشي بانَّ وراءها روضة زاهرة من السجايا النبيلة والخصال الأصيلة، وفي طليعتها الانفتاح على الناس ، وإظهار الحبّ والمودة لهم ، والاعلان عن الاستعداد الكامل لخدمتهم وإسعاف حاجاتهم …
إنّ المؤمن من صفاته أنه هشٌّ بشٌّ .
وكانت العرب تمتدح الرجال فتقول : بسّام الثغر
وهكذا يتجلّى بانّ ما يتصف به البعض من الظهور بوجه عابس ، وتعامل جاف ،لا يمّتُ الى أسباب النجاح في أداء المسؤوليات بِنَسبٍ ولا سبب..!!
انها مجرد أوهام ليس لها نصيب من الصحة ..
وإنّ التجارب الاجتماعية تُثبتُ أنّ المحيّا الطلق ، والوجه المشرق ، والبسمات العذبة ، هي من أهم أسلحة النجاح الاجتماعي والسياسي والاداري أيضاً ….
-2-
كان آخر ملوك العراق ، فيصل الثاني (1935-1958) يوصف بانه صاحب ابتسامات آسِرة تكشف عن وداعةٍ وطيبة …
ومن هنا :
لم يكن العراقيون المتذمرون من مظالم العهد الملكي البائد راضين بما لقي هذا الشاب الوديع من مصير مؤلم يوم 14 تموز /1958 .
-3-
وكان يُطلق النكتة ويمارسها:
فقد روى المرحوم الاستاذ عبد الغني الدلي- الوزير والسفير العراقي المعروف – قائلاً :
{ عندما كنا على مأدبة الغداء ، الملك والأمير رعد نجل الأمير زيد ، التفتَ اليّ الملك وقال :
أتعلم لماذا ( ابن عَمّي) باسم رعد ؟
فقلت :
كلا
فأغرق الملك في الضحك ، ثم قال :
انها قصة مدهشة ، ذلك أنَّ عمّي عند ولادة ابنه ، فَتَحَ القرآن الكريم يستفتح له ، ويُطلق عليه اسم السورة التي تطالعُه عند الفتح ، فجاءت سورة (الرعد) .
ثم راح الملك يضحك ، ويقول :
ليس العجب هنا ، ولكنّ العجيب كان يكون أشدّ لو أنَّ عمّي عندما استفتح له وقع على سورة (الفيل) مثلا .
فماذا كان يصنع ؟
أيسميه فيلا ؟! }
فيصل الثاني عائلة حياته مؤلفاته/ أحمد فوزي ص96
-4-
وأذكر ان ملك البحرين (حمد بن عيسى) دعاني لزيارة البحرين ، وكان سفير البحرين في المملكة المتحدة انذاك ( خالد آل خليفة) – وهو وزير
الخارجية الفعلي – والشيخ خالد آل خليفة بَدِينٌ للغاية وقد رجاني أن أتني عليه عند الملك فقلت له :
سأذكرك بما تستحق …!!
وخلال المقابلة التي أُجريت لنا مع الملك قال :
حينما أرسلنا سفيراً لنا في بريطانيا ، تساءل البعض :
هل هو سفير البحرين أم سفير دول مجلس التعاون الخليجي الست ؟!!
في اشارة واضحة الى بدانَتِهِ المُفْرِطة، وأنّهُ يعادل ستة رجال ..!!
-5-
انّ صاحب الوجه المُتهلل بالبشر والطلاقة، أقدر على النفاذ الى القلوب من غيره.
وإنَّ المسؤولين أشد الناس حاجةً الى ان ينفذوا الى قلوب مواطنيهم ، لأنّ هذا النفاذ هو مفتاح النجاح الحقيقي .
-6-
ألم تسمع بما قاله أعداء أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عنه ؟
قالوا :
انه ذو دعابة
فأصحاب العبوس هم تلاميذ تلك المدرسة الجاحدة البائدة …
ويكفينا هذا في استهجان أفعالهم ومنطقهم …