أود التعرض لهذا الموضوع بصورة مبسطة وواضحة تساهم في نشر الثقافة والوعي بين أبناء الأمة…
ويكتسب هذا الموضوع أهمية أكثر فأكثر بعد أن شنت القوى الإستعمارية حرباً على ولاية الفقيه مما أدى الى نشوء عقل جمعي يرفض فكرة ولاية الفقيه بالمرة وصار الفرد بمجرد أن يسمع بولاية الفقيه فإنه سوف يتصور معنى قبيح لا ينسجم مع الحرية والقيم الإنسانية وقد ساهمت بعض وسائل الإعلام وخصوصاً الفضائيات المليونية في تشويه فكرة ولاية الفقيه لدى المتلقي والمشاهد وهذا الأمر ليس على وسائل الاعلام بغريب أو عجيب بل إن هدفها الرئيسي هو الإضلال وخلق رأي عام ينسجم مع تطلعات الدول التي تقف وراء الفضائيات المليونية ووسائل الاعلام….
فهل إن ولاية الفقيه كما يدّعون؟
وخير جواب عن هذا السؤال هو طرح السؤال الآتي ثم الجواب عليه…
ما هي ولاية الفقيه؟
هي حاكمية الفقيه وسيطرته على المجتمع بحيث يكون له حق التصرف فيه كتصرف الحاكم العرفي في محكوميه..
وهذه السيطرة مشروطة بوجود المصلحة العامة…….
إن ولاية الفقيه من المسائل الخلافية (بالنسبة لثبوتها للفقيه “المجتهد”) وهي محل إجماع بالنسبة للمعصومين (عليهم السلام) بل إن ولاية المعصوم العامة غير مشروطة بوجود المصلحة العامة فهي (ولاية عامة مطلقة) وثبوت الولاية العامة للمعصوم هي من العقائد بل هي القوام الأساسي للإمامة إذ بدون الولاية العامة كيف يمكن أن تتصور الإمامة فهي أصل من أصول الدين والمذهب..
فالإمامة بالمعنى الأعم شيء مفروغ منه ومحل إجماع المسلمين..
والمراد منها هو الاعتقاد بالإمامة بصورة عامة بغض النظر عن مصاديقها فهي بهذا المعنى من أصول الدين..
أما الإمامة بالمعنى الأخص يعني إمامة الائمة الاثني عشر فهي أصل من أصول المذهب وعليه فإن إنكار الإمامة بالمعنى الأعم يوجب الكفر كما هو الحال عند الخوارج..
أما إنكار الامامة بالمعنى الاخص مع الإيمان بها بالمعنى الأعم لا يوجب الكفر كما هو الحال بالنسبة للمخالفين من المسلمين..
فالولاية العامة للإمام المعصوم هي محل إجماع علماء المذهب وهي من لوازم الإمامة التي هي أصل من اصول الدين والمذهب…
أما ثبوت الولاية العامة للفقيه فإنها محل خلاف بين علماء المذهب فالمشهور منهم من يحتاط وجوبا بعدم ثبوتها للفقيه ويوجد من العلماء من يفتي بثبوتها للفقيه ولكنها مشروطة بوجود المصلحة العامة إذن هي ولاية عامة مقيّدة بوجود المصلحة العامة..
وهذه الولاية العامة هي أحد المناصب الشرعية الثلاثة التي يكون موضوعها الفرد الذي بلغ رتبة الاجتهاد..
فالمجتهد (الفقيه) له ثلاث مناصب شرعية:
الاول: منصب الفتوى اي اصدار الفتوى بقصد تقليد العوام. فالمجتهد مفتي ومرجع تقليد.
الثاني: منصب القضاء وهي الفصل بين المنازعات والمرافعات عن طريق إصدار الحكم القضائي ويسمى أيضاً بولاية القضاء.
فالمجتهد بحسب هذا المنصب قاضي.
الثالث: منصب الولاية العامة.. وهذا المنصب بموجبه يكون للفقيه حق الطاعة وإصدار الأوامر العامة والنواهي العامة( أحكام الولاية) في حدود المصلحة العامة…
وقد إتضح أن ولاية الفقيه هي منصب شرعي وكذلك إن موضوع الولاية هو من المسائل العلمية الاجتهادية بمعنى أنها تستند على ما دل عليه الدليل لا أكثر ولا أقل…
وقد بحثت هذه المسالة منذ مئات السنين وليس لها دخل فيما حصل في الجمهورية الاسلامية في ايران بل إن الذي حصل هو تطبيق لهذه المسالة التي كان السيد روح الله الخميني(قدس) يفتي بثبوت ولاية الفقيه…
وقد طرح هذه المسالة في ابحاث الخارج التي كان يلقيها في المنفى في النجف الاشرف…
ويعتبر طرح هذه المسالة في البحث الخارج هو إحقاق للحق بل إن إعراض الفقهاء عن عرض هذه المسالة كان سببه في الأعم الأغلب التقية من الطغاة المستبدين على طول العصور ولكن مع ذلك كله فقد تعرض لهذه المسالة منذ مئات السنين بعض الفقهاء كالسيد الداماد(قدس) والشيخ مرتضى الانصاري(قدس) وغيرهم وبالقطع واليقين إن هؤلاء الفقهاء أقدم من السيد الخميني(قدس) والسيد محمد باقر الصدر(قدس) بل إنهم عاشوا وماتوا ولم يولد هؤلاء الأعلام الى أكثر من مائتي عام…
إن الدليل الرئيسي على ثبوت الولاية العامة يوكّد على جعل الفقيه حاكماً ومتصرفاً وهذا الجعل من قبل الإمام المعصوم بصفته شارعاً مقدساً..
وليس من الصحيح التهكم الإستخفاف بهذا المنصب الإلهي لأنه إستخفاف بالإمام المعصوم(عليه السلام)…
وقد مارس السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) الولاية العامة لأجل تربية وهداية المجتمع وهذا يؤكّد أن فكرة ولاية الفقيه ليست فكرة ضارة كما يصّورها الغرب!!.