في الوقت الذي يتابع العالم اجمع منذ اكثر من شهر الضجة الكبرى التى اثارها الاختفاء الرهيب للصحافي السعودي جمال خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلاده باسطنبول فى الثاني من شهر اكتوبر الماضي ، وقد اصبحت مسالته قضية راي عام عالمي وتقاطعت مصالح العديد من الدول حول الموقف منها وقد برز بشكل واضح الابتزاز الكبير الذي يمارسه البيت الابيض اليوم في اجرامه بزعامة رئيسه دونالد ترامب والمواقف المتناقضة التي يطلقها في كل يوم و المبنية على المصالح لا المبادئ والقيم الانسانية والدولية والحقوق الدستورية ، وفي تطور نوعي مفاجئ في الموقف الأمريكي من حرب اليمن، حيث حثت الولايات المتحدة بضرورة وقف القتال بسرعة على ارضها ، وبدء المفاوضات بين اطرافها في الشهر المقبل لانهاء الصراع المستمر منذ سنوات ولم يكن احد ينتظر ويثق بترامب وادارته انصافا ولا عدلا من خلال الجرائم الكثيرة التي جنتها الولايات المتحدة طوال التاريخ بحق الشعوب وتستمر في دعم العدوان على اليمن حالياً ، ان الدعوة جاءت من واشنطن الداعم العسكري الغربي الرئيسي للتحالف الذي تقوده الرياض لذا فهي جزء من المشاركين في الاعتداء على هذا البلد اي لا يحمل الطلب اي حيادية انما لحفظ ماء وجه المعتدين الذين فشلوا في الوصول لتحقيق اهدافهم العدوانية والضغوط في الكونغرس من أجل النأي بالنفس في تقديم العون للسعودية بسب تدخلها وفي عدوانها على اليمن وكما يعتبره اخرون انما هي ورقة للاستفادة منها في كسب الاصوات لانتخابات التجديد النصفي القادم حيث يشهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول اختبار حقيقي على رئاسته مع إجراء هذه الانتخابات فى الولايات المتحدة. ورغم أن هذه الانتخابات لا تحظى عادة بنفس القدر من الاهتمام الدولي الذى يحظى به السباق الرئاسىي لصالح الحزب الجمهوري القادم ولم يكن في الماضي لانتخابات التجديد النصفي على هذا القدر الكبير من الترقب والانتظار لما ستسفر عنه من نتائج، ولكن الاهمية تأتي لأن العامين الماضيين شهدا فى ظل حكم ترامب الكثير من العواصف والجدل والأزمات. وبذلك تصبح الانتخابات المقبلة أشبه باستفتاء على ترامب الذي تحوم شعبيته حول 40%، وهى نسبة ضئيلة لرئيس لم يكمل عامه الثاني بعد فى الحكم ، والعودة لحرب اليمن تقول الأمم المتحدة من خلال تقاريرها إن ثلثي سكان اليمن البالغ عددهم 28 مليون نسمة يواجهون نقصاً في الغذاء والمياه النظيفة، جراء هذه الحرب الهدامة ، مضيفة أن 8 ملايين شخص على حافة المجاعة وهم في ازدياد مستمر ووباء الكوليرا منتشر على نحو كبير في البلاد وقد أدى العدوان عليه إلى مقتل الالاف من ابناء شعبه ولكن المجاعة في البلاد ستكون القاتل الأكبر.
ان وقف العدوان او ادامته هو بيد ابناءه وان الامر يتعلق بهم متى ما تحققت مطالبهم في العيش الكريم اولا واخراً وفي مفاوضات محايدة تقودها الامم المتحدة بشكل تام لان فيها مصير شعب و وطن ولا يفرط به ليسلمه لعصابات مأجورة ، في صنعاء وعصابات في عدن ولزرعهم في اماكن اخرى من المدن اليمنية وهذا الأمر لن يقبل به لا الشعب اليمني ولا الشرعية اليمنية. فإن الحرب التي يقودها الثنائي السعودي الاماراتي، بدعم عسكري من الغرب تثير ردود افعال ساخطة ولا تحظى بتأييد الراي العام في العالم .
ولكن على الرئيس الامريكي على الاقل ان لا يجاهر بمواقفه ويبتز حلفاءه واصدقاءه ويهينهم على مرأى ومسمع من العالم اجمع كما فعل ويفعل في قضية الخاشقجي والتي اضعفت حكام السعودية ومرغت انوفهم ليجبرهم على دفع المليارات من الدولارات ، في ارسال وزير خارجيته الى العاصمتين المعنيتين بالقضية يعني الرياض وانقرة اذ زار السيد بمبيو اولا الرياض والتقى العاهل السعودي وولي عهده واخرين ثم سافر الى تركيا و التقى القيادة التركية ليناقش مع الجانبين ملابسات القضية التي اصبحت مكشوفة بعد اعتراف المملكة في كون الجريمة تم الاقدام عليها في القنصلية وبناءاً على دلائل دامغة وسط توقعات الكثيرين ان يكون الرجل حاملا معه سيناريو معد مسبقا لانقاذ ولي العهد السعودي المتهم الرئيسي في مجمل هذه القضايا الاجرامية على ان تقبل به تركيا مقابل حوافز وامتيازات تتحقق لها والمستفيد الاول من المسألة برمتها هى الادارة الامريكية وتنفيذ اجندتها الخاصة .
والاستفادة من هذه الحادثة لتحقيق بعض ما يحلم به الرئيس ترامب في الاستمرار بابتزاز الرياض لاجل سرقة مخزون السعودية المالي وتستغله في ضرب اعداء امريكا و لتوفير الغطاء على ما يفعله الكيان الصهيوني بحق شعب فلسطين ، وهم في حراك مع الصهاينه وفتحوا لهم المجال ليتطاولوا اليوم على الأمة العربية الإسلامية ، وتكون لهم ألسن تنطق وأقلام تكتب ، ولولا هذين النظامين ومن معهم من شرذمة ، لماتجرأ الكيان الصهيوني على أن يعمل شئ بحق فلسطين وبحق الأمة الإسلامية أجمع .. هكذا هي فطرة السياسات الامبرالية الامريكية القائمة على مبدٲ “الراسمالية” فهي تختص لها حلفاء لتستخدمهم كمعاول ومواد لاعمار مشاريعها الاستثماريه والاستعمارية سواءا في آتون صراعات اوحروب اقليمية مدمرة فاهم مافي الامر هو ان تجني امريكا الثمار التي تخدم مصالحها وتوسع نطاق سيطرتها العالمية وتقوي عصب اقتصادها من خلال تلك الحروب التدميرية الهوجاء ولو كان هذا على حساب دمار حلفاءها وهلاكهم.ان كل هذا الظلم الذي يواجهه الشعب اليمني على اكثر من صعيد ومن اكثر من جهة، الا ان هذا الشعب الابي لا يحتاح الى من يبكي على اطفاله، فهو يعرف جيدا كيف ينتقم من الذين سرقوا الحياة منهم، فهذا الشعب يشهد له العدو قبل الصديق، بقوة بأس رجاله ، فلم يكن يصيب كل من تجرأ للاعتداء على هذا الشعب الا الهزيمة، وتاريخه البعيد والقريب يشهد على ذلك .