يقول جعفر الخليلي عن زيارته للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في مستشفى الكرخ ببغداد : عند زيارتي له وجدت جمعا من المشايخ والوجوه وهم يخوضون في بحث كتاب (وعاظ السلاطين ) للدكتور علي الوردي الذي كان قد صدر منذ ايام قريبة ، ولم يترك احد من الجالسين شيئا لم يقله من افساد الوردي ، وكان الشيخ يحتدم غيظا .
وقد علمت ان ارشد العمري كان عند الشيخ منذ دقائق فافرغ الشيخ غضبه في اذن العمري ، ولم يترك العمري الشيخ حتى وعده وعدا اكيدا بانه ستخذ جميع الاجراءات الممكنة في حق الدكتور علي الوردي وفي حق كتابه هذا اذا ما اصبح الصباح
وكنت قد فرغت من قراءة الكتاب في ذلك اليوم فانبريت للقوم افند ادعاءهم واروي للشيخ اراء الوردي على حقيقتها بالرغم من اني كنت واحدا وكانت الحاشية التي احاطت بالشيخ جمعا كبيرا فلقد قلت للشيخ
او لم تنعتني باكثر مما استحق من نعوت ادبية فنية كدت ترفعني بها الى الضراح الارفع ؟ وما الى ذلك، قال : بلى ، قلت : تناس كل ذلك ياعمي واعتبرني قارئ بسيط قرات الكتاب ولم ار ما قاله المشايخ
فانطلقت اسارير الشيخ هنا وهدأ، ولم اتركه حتى حملته على ان يوفد احدا في تلك الليلة الى ارشد العمري ليخبره بانه قد تسرع في طلبه بمعاقبة الدكتور علي الوردي، لانه لم يكن يقرا الكتاب .
ثم يمتدح الشيخ كاشف الغطاء قائلا لم يوجد بين كبار علمائنا المتاخرين من كانت له مثل هذه الاحاطة الفقهية والادبية وحسن السليقة التي عرف بها الشيخ كاشف الغطاء، فقد كان بدون شك اكبر علماء عصره الروحانيين وكان افضلهم في جميع مراتب الاجتهاد. ( 1هكذا عرفتهم / 249 ـ 250 ) .
اقول : حقيقة تاملت كثيرا في هذا الموقف ومن الجميع ، وانا اعتقد ان نص الحدث لم ينقل بدقة لان كلمة بسيطة تضاف او تحذف تغير المعنى .
الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء علم من اعلام الشيعة ومشهود له بمواقف خلدها التاريخ ، لكن في هذه القصة ان صحت بتفاصيلها فان الشيخ يستعجل ويتخذ قرارا بحق الوردي نتيجة نقل كلام من اشخاص دون الاطلاع على الحيثيات او الاستفسار من الوردي امر غير سليم وانا استبعده .
واما مسالة الطلب من ارشد العمري بمعاقبته فان الخليلي لم يكن حاضرا بل نقل له ، فاعتقد انه طلب منه ان يتحقق مما قاله المشايخ واتخاذ اجراء على ضوء ذلك .
وما يخص الاستاذ الخليلي فانه يؤكد على ان الكتاب لا يوجد فيه ما يمس الدين ، لا اعلم هل قرا ما كتبه الوردي بحق الحجاب وكل الوعاظ دون استثناء؟ وهذا نص ما قاله الوردي :» وقد دلت القرائن على ان المجتمع الذي يشتد فيه حجاب المراة يكثر فيه ، في نفس الوقت ، الانحراف الجنسي من لواط وسحاق وما اشبه . ( وعاظ السلاطين ط/2 سنة 1995 ص /8) . وفي الهامش كتب « ويبدو ان وعاظنا يستسيغون انتشار الانحراف الجنسي بين الناس ولا يستسيغون انتشار السفور ، ولعلنا لا نغالي اذا قلنا ان الانحراف الجنسي منتشر بين الوعاظ اكثر من انتشاره بين غيرهم …»
يقول الوعاظ والوعاظ بال التعريف يعني الكل دون استثناء منتشر بينهم الانحراف الجنسي .
واسال الخليلي فهل ما ذكرت من مديح بحق كاشف الغطاء وهو يستحق ذلك يصدر منه اتخاذ قرار انفرادي ومن ثم التراجع ؟ وهل يصح ياخذ شهادة شخص واحد مثلك امام عدد من الشهود ضدك ؟ فهذا لا يتفق والعدالة ، اكرر قد لا يكون الخليلي دقيقا بنقل النص، ولكن بالعموم حدث من حيث انتقاد افكار الوردي ومقبوليتها من قبل الخليلي والله العالم