صفات المعصوم بين ان كانت ذاتية او مكتسبة من الله عز وجل عن طريق رسول الله (ص) تجعل من الاتباع الدخول في دوامة النقاش بل حتى الخلافات العنيفة في قراءة قول او فعل المعصوم بينما واقعا هم متفقون على اعلمية المعصوم ولكن الكيفية هذه التي تثير الفرقة وحتى التنابز بكلمات قاسية .
شاهدنا على ذلك نهضة الحسين عليه السلام التي اخذت بعدا واسعا في دراسة معطياتها وقد اثارت الجدل وبل اثارت تساؤلات بسبب ما نسب لهذه النهضة العظيمة من خوارق، واكرر كل الذين اختلفوا في ماهية النهضة وماهية الحسين عليه السلام كلهم متفقون على عظمة نهضة الحسين وانه سيد الشهداء وحفظ الاسلام بدمه .
في مطلع السبعينيات في ايران ظهر كتاب بعنوان الشهيد الخالد للمؤلف نعمة الله صالحي نجف ابادي قدم قراءة ملخصها انه يرى الحسين عليه السلام نهض لاجل الرسالة ولا علاقة للحديث الذي تتناقله الكتب بانه اخبر بخروجه ومصرعه ولهذا امتثل لذلك ، وبسبب هذا الراي تصدى له عدد كبير من علماء حوزة قم للرد عليه وحتى كان لعلي شريعتي راي في ذلك وبسبب هذا التناحر استغلت السافاك هذا الخلاف وقامت بطباعة عشرين الف نسخة من الشهيد الخالد على نفقتها ، وبقي الجدل حتى بعد انتصار الثورة وقد رد صالحي على كل من انتقده وحاولوا اشراك السيد الخميني الا انه رفض وحتى اوصى ولده السيد احمد بعدم الدخول في هذه المناظرات التي تشتت وحدة المسلمين .
راي انا القاصر ان مهمتنا والتزامنا هو الحفاظ والامتثال لتراث اهل البيت عليهم السلام والتراث هو قولهم وفعلهم وتقريرهم ، اما ما يكنون في صدورهم فهذا لا يمكننا الخوض فيه ، المعصوم ملهم من الله عز وجل في استنباط الحكم الصحيح من القران الكريم وسنة رسوله ، والتاريخ يحدثنا عن كل الخلفاء الذين عاصروا الائمة عليهم السلام انهم لجاوا اليهم في الاشكالات الفقهية اوكل ما له علاقة بالرسالة ، ولا احد يستطيع ان يقول ان الائمة تعلموا عند فلان او فلان ، الكل يعترف انهم تعلموا ابا عن جد لتنتهي المدرسة برسول الله (ص) عن الله عز وجل .
وعليه فان قراءة نهضة الحسين عليه السلام يمكن قراءتها من خلال الاحداث التي رافقتها بعيدا الفلسفة والتنبؤات والاقتراحات .
الامام الحسن عليه السلام عندما صالح معاوية كان احد شروط الصلح هو
” ان يكون الامر للحسن عليه السلام من بعده فان حدث له حدث فلاخيه الحسين عليه السلام وليس لمعاوية ان يعهد فيه لاحد ( صلح الامام الحسن عليه السلام تاليف الشيخ راضي ال ياسين ص/397)، ولما جاء نبا هلاك معاوية في رجب والحسين بالمدينة فمن المؤكد طبقا للشرط هو احق بالخلافة ولان معاوية اخل بالشرط بل ان اهل المدينة هم اول من خذل الامام الحسين عليه السلام وهم يعلمون ببنود الصلح ويرون معاوية وهو في المدينة يوزع الاموال للتمهيد لبيعة يزيد ولم يعترض احد منهم بل اغلبهم غرتهم الاموال .
ايام معاوية جاءت رسائل العراق تحث الحسين على النهوض ولكنه لم ينهض بحكم بنود الصلح حتى لا يقال عن الحسين عليه السلام انه اخل بالبنود . بعد هلاك معاوية طلب من الحسين البيعة ليزيد فرفض وجاءته كتب العراق للقدوم اليهم في الكوفة ، ارسل ابن عمه مسلم ليرى الاوضاع وياخذ البيعة له ، وقد تم ذلك وارسل للحسين انهم بايعوه وكان رحيل الحسين الى الكوفة هو لغرض ان يحكم ، وبعد ان تغيرت الاوضاع بسبب عبيد الله بن زياد ومقتل مسلم عليه السلام فان الحسين عليه السلام عندما التقى اولا بجيش الحر وهو على مقربة من الكوفة اخرج الرسائل وقال للحر انهم ارسلوا لي فان تراجعوا فليقولوا ذلك واعود حتى تكون الحجة عليهم لا على الحسين ، فقالوا له ليس فينا من كتب اليك .
وباختصار بعدما التقى الجمعان في يوم عاشوراء ارادوا كلمة من الحسين عليه السلام وهذه الكلمة تغير مجرى التاريخ وتجعل رسالة الاسلام في طي النسيان بل يصبح الحسين عليه السلام مثلا للخضوع والعياذ بالله ، ولانه رفض الذلة فكان ما كان من المجزرة .
القصص التي يرويها قراء المنابر او الموجودة في المقاتل بحاجة لتمحيص وتدقيق حتى ان البعض منها تخدش النهضة ورجالها .
عندما طلب الحسين عليه السلام من اهل المدينة النهوض معه وقال لهم ان يزيد شارب الخمر لم ينهضوا ، ولما جاءهم عبد الله بن حنظلة ليقول لهم ان يزيد شارب خمر نهضوا معه وخلعوا والي يزيد وكانت النتيجة واقعة الحرة الماساوية التي تعتبر مصدر والهام لجرائم نتن ياهو بالمسلمين .