23 ديسمبر، 2024 2:38 م

وقفة مروريــــة

وقفة مروريــــة

أمتثلت لصوت صافرته بضرورة التوقف , فطرق زجاج نافذة سيارتي المتواضعة بقسوة ! وقال : ترجل من العجلة واظهر لي اوراقها الثبوتية في الحال ! بالفعل نفذت ماطلب مني رجل المرور الذي توسط الشارع مع زملائه في وقفة ثابتة وجادة .. ركنت السيارة على جانب الطريق مع رتل طويل من العجلات المدنية  التي توقفت هي الاخرى احتراما للاشارة نفسها , كنت اشاهد ذلك الرجل صاحب القميص الابيض الذي تغير لونه نتيجة اشعة الشمس المحرقة , حيث بدت عليه ملامح الانزعاج الكبير كانه مجبر لتحقيق متطلبات وظيفته هذه  ! , وقبل ان يصل دوري للتعرف عن سبب طلبه لسحب اوراقي الثبوتية ارتفع صوته فجاة مع احد المواطنين الذي بلغ من العمر الستين او اكثر ظننت ان ذلك الرجل الكبير احد مجرمي العصر ! فصياح رجل المرور كان عالي جدا ويوحي كأنه امام احد عناصر تنظيم القاعدة الارهابي !!!  كان يقول له بنبرة التهديد ! ( لو تحترك الدنيا حرك ماعوفك) تقدمت خطوات قليلة نحوهم وسألت ذلك الرجال المسن الذي باتت عليه ملامح الخجل من نظرات الناس المندهشة :  وقلت له عمي شنو السالفة ؟ شنو نوع مخالفتك ؟ اجابني بصوت ملئه الحصرة : عمي والله ماعندي مخالفة بس اجاني تلفون من زوجتي توصيني لبعض الاشياء الي محتاجته ..!!!!  وبعد ان غادرت تلك السيطرة الحدودية ! اسف اقصد المرورية .. بقي ذهني مشغولا بذلك الرجل المسكين الذي لم استطع ان اقدم له اية مساعدة تذكر  …. بالرغم من الحديث السيئ الذي اسمعه دائما عن رجال المرور والشرطة في جميع المحافل والمناسبات لكنني من الاشخاص الذين يقدروا جيدا عملهم ومايتحملون من مصاعب نتيجة القيام بمهام خدمة للصالح العام .. ومنذ ان كنا صغارا تعلمنا في دروسنا التربوية عن مهام رجال المرور فكنا نمتع انظارنا بالصور التي ترسم مهام المرور الانسانية بالاضافة الى واجبهم الوطني المقدس , اتذكر صورة لرجل المرور وهو يمسك بيد فتاة صغيرة يحاول تامين عبورها الشارع العام خوفا على حياته من العجلات المسرعة , وقبل ايام شاهدت احد الصور في مواقع التواصل الاجتماعي لرجل مرور يحمل رجل مسن على كتفيه ليأمن ايصاله الى النقطة المحددة , وزارة الداخلية امرت بتكبير تلك الصورة وتعليقها بشكل اعلان دعائي في شوارع العاصمة بغداد تكريما للخلق العالي الذي امتكله ذلك المروري الغيور . ولكن مثلما تمكنت تلك الوزارة من اصطياد هذه الصورة الجميلة والنبيلة لابد ان تكون عادلة في التقاط الحالات السلبية ايضا لرجال المرور مثل الحالة التي اشرت بها سابقا .. ونحن نتسائل هنا هل من واجب رجل المرور رفع صوته على مواطن مسن بلغ من العمر الستين عاما ؟ هل من صلاحياته القانونية تهديد ووعيد المواطن المخالف ؟ لايمكن ذلك لان المخالف يخضع الى اجرائات قانونية دون المساس بكرامته كمواطن , نحن نعلم ان معظم العاملين في هذا المسلك لايخضعون الى دورات تثقيفية تؤهله الى الوصول الى حسن التصرف مع المواطنين حتى في حالات التعدي عليه في اثناء اداء واجبه الوظيفي لاننا من المفروض نعيش في دولة قانون !!   ومن المفروض انها تحترم وتطبق القانون بجميع ميادين الحياة و مرافقها المتعددة , ان الحالة التي شاهدتها كانت في احدى شوارع بغداد الرئيسة وتحديدا ضمن منطقة تقاطع جامع النداء في حي القاهرة ببغداد وهي ان دلت على شيئ فهي تدل على غياب العنصر الاخلاقي للبعض من رجال المرور كون ان الشخص المسن هو امتلك من الايام والسنين التي من المفترض ان تحفظ له كرامته وكبريائة امام الناس حتى لو خطأ في حق القانون المروري لشيئ ما ان شيخة ذلك الرجل تدعونا الى احترامه وتقديره بغض النظر عن منصبه وتوجهاته فتلك اخلاق المسلمين  في العراق اخلاق ابناء الرافدين ابناء البصرة والموصل وكربلاء وبغداد وكل مدن العراق الجميلة فنحن صاحبي الشهامة الاصيلة  منذ ان خلق الله هذه الارض .ونحن  كصحفيين عراقيين نلتقط الخلل الذي قد يحدث في منطقة هنا او هناك ونحاول ايصالها امام انظار المسؤول الكريم الذي بدوره ربما لايسعفه الوقت من اصطياد هذه الحالات السليبة التي ربما تحدث بشكل انفرادي ,  نحن نطالب وزارة الداخلية بأجراء مشدد لانهاء هذه الحالات التي بدت تظهر على السطح وتنتشر بشكل سريع , ان استهتار بعض رجال الشرطة والمرور بات مزعج للغاية بغض النظر عن النسبة  لها  .. لاتنسوا يا اخوة اننا من علمنا الشعوب القراءة والكتابة واننا نعيل الكبير قبل الصغير  ولابد ان نحافظ على صورتنا العربية الغيورة بالرغم من الذي حدث ويحدث وان شيوخنا الكبار هم ذخر سنوات حياتنا وهم منار الطريق وقدوتنا الحسنة …