اليوم وبعد ان تحول المطر الى مارد حال دون وصولي الى مكاني المعتاد رفعت راية الاستسلام جالسا في احدى المقاهي المتداعية والتي اطلق عليها ظلما اسم ( كافيه النبلاء ) وتقع على تخوم البتاويين من اقصى الطرف الجنوبي وليس الطرف الاغر وعلى ظهر اريكة متهالكة رميت نفسي المحبطة بسبب طغيان المطر متأملا الشارع المتحول الى بحر تطفو على سطحه مخلفات شتى تنبعث منها روائح لايكفي وصفها بالغريبة او لانظير لها في عواصم متعبة مثل باريس ومدريد وروما وكوالامبور فحسدت نفسي كعراقي يحظى ببحر في اي زقاق من كل مدينة او ضاحية في بلده كلما ارخت السماء لدموعها العنان حتى اذا كان شحيحا هذا الدمع وكان على الاريكة المجاورة شخصان لاتشي ملابسهما بمهنة معينة ولاتدل سحنتيهما على شبع او عافية منذ سنوات فقطعت الشك في نفسي واوهمتها انهم من الفلاسفة حتى تنجلي الغمة وقررت الاستماع لحديثهما واصغيت بخبث كي لاينتبها لي وكان اول الخيط خلافهما على مبدأ ( مثلي لايبايع مثلك ) هنا عرفت ان الموضوع يدور عن الانتخابات فاقتربت قليلا فقال الاول :
. كان صوت المرجعية واضحا عندما اعلن ممثلها من مكان قريب جدا من جسد الحسين عليه السلام وفي خطبة الجمعة وعليه فيجب على الناخبين الربط بين قول المرجعية في عام سابق ( المجرب لايجرب ) و(مثلي لايبايع مثلك) وعدم تكليف انفسنا عناء العيش في دوامة الانتخابات وترك الحبل على الغارب و(نارهم تاكل حطبهم ) هنا قهقه الثاني ساخرا وقال : المرجعية وعلى لسان ممثلها قطعت اوصال الحديث حسب مصلحتها كمن قطع اوصال الاية وقال : ( ولاتأتوا الصلاة ), قال الاول كيف ؟ فقال الثاني : ان الحسين عليه السلام عندما قال مثلي لايبايع مثلك اردفه بفعل وشهر سيفه بوجه طالب البيعة منه فاكتملت الحلقة ودافع الحسين عن مبدئه حد الموت ومرجعيتك اكتفت بالقول دون الفعل وقبل ان ياخذنا الحديث علي ان اثبت لك خطل المكتفي بالقول دون الفعل ومن نفس السنخ .. ياصديقي هناك قول شيعي مأثور اطلقه مسلم بن عقيل ساعة مقتله عندما اوصى لخائن اذ لايوجد غيره في المجلس وقال : ( لايخونك الامين وقد يؤتمن الخائن ) وهذه اصبحت قاعدة فقهية يستند لها الفقهاء منذ ازمنة سحيقة ومن المؤكد ان مسلم كان مضطرا لوصية خائن في وضع اشد حراجة لذا لم يترك هذا الامر الالهي ( الوصية ) وهو على ابواب الاخرة حتى لو كان الموصى له خائن لكن وكلام المرجعية لم يكن كلام مضطر لكي تأخذ القول وتتنصل عن الفعل وهي التي تملك كل ادوات الفعل وفتوى محدودة منها تكفي لارغام طالب البيعة على التنحي وهي لم تفعل فعل المضطر مثل مسلم بن عقيل ولم تأخذ بعمل المعصوم مثل الحسين يوم شهر سيفه وحارب حتى الاستشهاد ولك ان تسمي مرجعيتك ماشئت او تضعها في مكان يناسبها . ففرك الاول اصابع كفه ندما وغلبة وقال : الحديث معك يدفع بي نحو الشك ان لم يكن الكفر ووجوب تركك افضل والذهاب للبحث عن قطعة خبز لم تجرفها الامطار خيرا من الجلوس معك