19 ديسمبر، 2024 5:19 ص

في زحمة الوجع تصبح اللاعودة الى أيامنا الماضية مستحيلة،،
عند تلك اللحظة التي تقاطعات فيها النظرات بعد اشهر الغياب تركمت المشاعر المتضاربة تملأ اللحظات ،،مرت النظرات مخترقة مشهد الرقباء والعيون التي انزرعت على جانبي خط الرؤية،،وهاهي أمامه اخيراً،،صورت له وساوسه التي غرسها اليأس الذي ولد في رحم الحرب التي لا يبدو ان لها نهاية تلوح في الأفق،،عند تلك اللحظة بدا شخصا خارج الزمن،،وهاهي أمامه حقاً،،جاءت على وقع صوته المتهالك ،،تعلم انه مر فقط ليراها،،وعاد الى المكان الذي يقع خلف خط النار لأجلها وحسب،،وهي التي صارت صلته بالناس والأشياء،،وبوصلته التي توجه خطواته،،،وهو يصعد السلم المفضي الى غرفتها في مكان عملها كان قد فكر ماذا سيقول لها،،رتب مئات العبارات التي تبدأ جميعها بكلمة مشتاق،،تلك التي تبخرت لحظة التقت العينان،،في لحظة ألفها القلب ولم تغب عن ذاكرة النبضات التي اعتادت التسارع كلما التقت العيون،،
مذهل كيف ينقلنا الحب من أقصى درجات القنوط الى قمة الفرح المستحيل تحت وطأة الحرب التي باعدت الوجوه تمزقت طرقات اللقاء،،تلك الشرايين التي كانت تنبض بالمشاوير التي جمعتهما،،أراد ان يبادر بالتملص من سجن المألوف الذي فرضه وجود الاخرين وكان يتمنى لو قال،،
– كيف الحال،،ساعترف انني حضرت لأجلك،،
غير انه قال يوجه شفرة الاشتياق بضمائر الجمع،،
-اثرت المرور بكم لتعرفوا كم أحبكم،،ولا استطيع ان أغادر المكان الا بعد رؤيتكم،،
كم هي كريمة هذه اللغة التي لا تخذلنا عندما يضيق العالم علينا طرقات البوح،،!!تسمح لنا ان نعترف صراحة بما يختلج في قلوبنا،،ولا تمانع ان نكتب رسائل حبنا السري المحظور بكلمات غير كلمات الأشواق والحب واللوعة،،
لحظة أزفت اللحظات بالانتهاء سار مغادرا ويدها تلوح له بالوداع،،تلك التي طالما كانت تبادل يديه المترقبة الرغبة المكتومة بلمسة،،يوم كانت تضعها مسترسلة على المقعد الفارغ الذي كان يفصل بينهما في الباص الذي اعتادا ان يجلسا فيه متجاورين تفصلهما مساحة أمان من العيون التي اعتادت ان تنهش كل فراشة تجرؤ على التحليق،، التقت العينان اخر مرة وتناهت الى سمعه عبارتها التي كانت زاده في طريق العودة الطويل الى بيته،،وظلت كذلك لأيام لاحقة،،
– انت تأتي لأنك تحب هذا المكان ولا تحب غيره،،صحيح؟
بعينيه ولسانه أوصل لتلك العيون ما كانت متأكدة منه وخافت ان تغيره ايام الفراق الإجباري الطويلة،،  
،وهو يستعيد اللحظة التي سعى ليعيشها،،،تساءل في سره وهو يراقب ملامح الطريق المفضي الى مغادرة المدينة التي أرغم وأهله على الخروج منها بسبب الحرب،،،كم من الساعات والأيام كانا يلتقيان ،،وكم كان اللقاء في كل مرة مختلفا،،يحمل في كل موعد قصة اخرى،،بنوع مختلف من المشاعر التي تندرج تحت مسمى الحب،،ظلت تلك المشاوير تروي عروق الوردة البيضاء التي نبتت في القلب لأجلها على حين غفلة ومن غير سابق إنذار،،
عاش اللحظة بكل التفاصيل الحقيقية التي استشفها وخلقتها ذاكرة اللقاء،،وظل يضيف اليها في كل مرة تفصيلا صغيرا،،عما قالت،،وما كانت تلبس،،وتفاصيل حركات يديها ورمشة جفنيها،،وهو في زحمة امتنانه للوقت المستقطع الذي ما كان ليصدق انه سيحظى به،،فكر بالموعد القادم متى سيأتي؟،،وكيف سيعيش الايام التي تفصله عنها،،؟وهل ستعود الحياة الى الطرقات التي تحفظ حكاية مشاوير العشق اليومية عن ظهر قلب،،؟؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات