ثمة حقائق وبديهيات اساسية خبرناها بالتجربة العملية ومنها ان عملية البناء تبدأ بالارادة والعزم وتنمية القدرات البشرية ، ومن هنا فإن أغلب الدول المتقدمة والمتطورة أخذت في خطواتها الاولى للنجاح كيفية بناء الإنسان وتوفير البيئة الخصبة لنمو قدراته وايمانها المطلق بأن الطاقة البشرية ماهي إلا قوة فاعلة وليس رقماً.
لذا تسعى كل دول العالم الكبيرة منها والصغيرة إلى بناء الإنسان والتركيز على شريحة الشباب لضمان المستقبل الذي من شأنه ألا يجعل الدولة رهينة التخلف والانكسار والاشتراطات والاملاءات .
لذا ففي الاغلب كان التركيز على اقتناص الفرص وتوفير بعضها لدعم الاقتصاد الوطني والذي يعد الخط الموازي للنهضة التي يقودها هؤلاء الشباب ، حيث اضحت البطالة في الغالب مشكلة تؤرق العديد من البلدان التي انحدر اقتصادها إلى مستوى متدني ، وهذا بحسب تعريف احدى المنظمات العالمية المختصة بدراسة وتحليل الظواهر الاجتماعية ومنها البطالة طبعاً .
ومن هنا جاءت المعالجات في اغلب الدول المتطورة بتوفير مايكفي من وسائل الاستقرار ومنها الالتفات لشريحة الشباب كونها المرتكز الأساس في بناء المستقبل وعلى جميع الاصعدة والتوجهات فكانت الرياضة أهمها طبعا ًفي بعض البلدان ، كون الرياضة اصبحت مظهرا من مظاهر تقدم الشعوب ولافتة لعلو تاريخها ومنجزها في كل المحافل بل أصبحت جزءا مهماً من حياتها .
والسؤال هنا .. هل تمكنت الحكومات المتعاقبة في العراق ووزراء الشباب والرياضة الذين تولوا المسؤولية ان يقدموا شيئاً لقطاع الشباب والرياضة أسوة بالدول الاخرى ، وهل اعطوا الاستحقاق التام والاهمية الكافية لاستقطاب هذه الشريحة واحتضانها وصقل مواهبها وتوفير البيئة المناسبة التي تجنبها مخاطر الانحراف الذي نشهده في الكثير من التوجهات لاسيما وان آفة المخدرات بدأت تفتك بأغلب بلدان العالم إضافة إلى التفنن في كيفية صناعة الجريمة المنظمة .. وهل تمكنوا من تصحيح وتقديم مايمكن تقديمه من تأهيل وإنشاء عدد اكبر من مراكز الشباب والصالات الرياضية والتركيز على الجانب الثقافي فيها بغية إيجاد الدراسات والكوادر التي يمكنها ان تنشأ جيلاً واعياً متطوراً وهل تحسسوا الخطر القادم الذي لامحال من ظهوره اذا ما التفتوا للفئات العمرية ..فمن المؤكد ان الجواب امام هذه التساؤلات سيكون عاجزاً وقاصراً كون قطاع الشباب والرياضة مازال يعاني الكثير من التشرذم والتشظي والتصدع بسبب فقدانه بعض اساسيات البناء .. ولا يخفى على المتتبع ان هناك المزيد من ( العلل ) على مختلف الاتجاهات في هذا القطاع المهم من بناء الملاعب والصالات والتي ممكن ان تستوعب جميع الرياضات الاخرى وايجاد فرص العمل وكيفية توظيف الطاقات الشبابية واستثمارها اضافة إلى البنى التحتية ، وفي المقابل نشاهد ونسمع مايؤلم النفس ويحزنها بأن البعض من الشباب اليافعين والفئات العمرية المختلفة انحدروا في منزلقات خطيرة وهم يتلاهثون ويتراكضون باتجاهات مختلفة وبسبب ضغوط الظروف والإهمال اصبحوا فريسة لطريق اخر دون أن يسلكوا المسار الصحيح فيما لو توفرت لهم تلك المقومات والأماكن المناسبة من مراكز رياضية وصالات وبعضهم الاخر لازال يتراكض وسط الأحياء السكنية والازقة ووسط الساحات الترابية لممارسة الرياضة باشكالها ..
هي دعوة مخلصة وصريحة لكل المسؤولين ان يدعموا قطاع الشباب والرياضة وان يزوروا الأحياء السكنية ويرون مايحصل فيها .