22 ديسمبر، 2024 9:11 ص

وفرة الغذاء.. حالة سلبية للبشر و الطبيعة اذا لم تكن رشيدة

وفرة الغذاء.. حالة سلبية للبشر و الطبيعة اذا لم تكن رشيدة

التطور التكنولوجي وانتشار المعرفة عن طريق الانترنت و سرعة النقل و امكانية الخزن طويل الامد عوامل وفرت الكثير من الموارد الغذائية الى الكثير من الافراد، وبالمقارنة مع اوضاع البشرية قبل ١٥٠ عام فقط نجد ان وفرة الطعام وتنوعه وامكانية خزنه و نقله كانت ضعيفة جدا، بل ان في بعض دول الشرق الاوسط كانت المجاعات او ندرة الطعام حاضرة حتى عام ١٨٩٠ ومابعد هذا العام استمرت بشكل اخف وطأة.

الوفرة والتنوع وانخفاض اسعار الغذاء جعل الافراد يستهلكون اكثر من حاجتهم الفعلية وفي بعض الاحيان كان له جوانب سلبية بدأت تطغى على الايجابية وهي متمثلة في.

١. زيادة نسب السمنة اثر الاستهلاك المفرط للغذاء.

٢. زيادة نسبة الامراض المزمنة اثر سوء نوع الاغذية “الاعتماد على الدهون و الكاربوهيدرات”.

٣. زيادة الصرفيات المالية على الاغذية مايسبب ضغطا ماليا على الاسرة.

وبسبب الوفرة و التنوع ظهرت “اساليب اهدار الاغذية” والتي لم تكن معهودة سابقا مثل.

١. زيادة حجم الوجبات الغذائية بما هو فوق حاجة وقدرة الانسان الغذائية.

٢. اتلاف الكثير من الطعام الذي يقدم على شكل وجبات مطبوخة او مجمدة دون اعادة الاستفادة منه “ان يقدم الى المحتاجين او يرسل كمساعدات قبل نفاذ صلاحيته، او يستخدم كأعلاف للحيوانات”

٣. اتلاف الغذاء الزائد عن الحاجة دون الاستفادة منها للحفاظ على سعرها في السوق، اي اصبح السعر والربح اهم من وفرة الانتاج بالتالي تعمد بعض الدول و الشركات الى حرق المنتجات الغذائية.

٤. عادات وتقاليد الضيافة المبالغ فيها في دول الشرق الاوسط سبب في اهدار الكثير من الطعام.

جميع هذه العوامل تسبب ضغط على الموارد الاساسية المتمثلة في

١. ضغط على موارد المياه

٢. ضغط على الاراضي الزراعية

٣. ضغط على منتجات الاسمدة و الحماية من الافات الزراعية

٤. ضغط على العاملين و المستثمرين في القطاع الزراعي “حكومات وشركات”

ويمكن القول فرضيا انه “كلما زادت الاغذية وانخفض سعرها ازداد الاستهلاك والهدر الغذائي”.

والاخطر من ذلك ان “الموارد الطبيعية قد لاتكفي لتغطية كل هذا الاستهلاك و الهدر و لا تحتمل حاجة زيادة الانتاج”

الحلول للحفاظ على انتاجية و وفرة و تنوع الغذاء

للحفاظ على قدرة انتاج الغذاء بشكل عام و في دول الشرق الاوسط تحديدا “والتي تعاني من نقص في وفرة الاغذية حيث تعتمد اغلبها على منتجين خارجيين بشكل كبير” يجب اتخاذ خطوات عاجلة على مستويين

الاول: انتاج الغذاء

١. الحفاظ على موارد المياه العذبة و تطوير طرق جمعها

٢. استخدام اساليب حديثة في الزراعة

٣. اعتماد الانتاج الزراعي الداخلي “لتقليل المصادر الخارجية الغذائية واضافة مورد غذائي جديد داخلي”.

٤. عدم تخفيض اسعار الغذاء بشكل كبير لتكون عملية شراء الاغذية محسوبة بشكل كبير من قبل الافراد ولتقليل هدر و استهلاك الاطعمة.

الثاني: نشر ثقافة الغذاء لدى الجمهور

١. الثقافة الغذائية تعتبر من اهم العوامل التي ترشد المجتمع في طريقة استهلاك الاغذية و شراءها والمعتمدة على “زيادة البروتين والابتعاد عن الدهون، معرفة الحاجة الغذائية من الفيتامينات و المعادن، تحسين نوع الغذاء وغيرها”، ومن الغرائب ان هذه الثقافة غير مدعومة اعلاميا و تعليميا، كما انها غير منتشرة بين افراد المجتمع كما هي ثقافة الاستهلاك التي تنتشر بسببها الامراض المزمنة والصحية.

٢. اساليب الاستهلاك الغذائي، في مقال سابق نشرته بعنوان “ازمة الغذاء العالمية هل تغير اساليبنا الغذائية” اشرت على اهمية تغيير طرق الغذاء منها “اساليب الضيافة، تقليص الاحجام الغذائية وغيرها”.

ان الوفرة وتنوع الغذاء و سهولة وصوله و رخص اسعاره حالة لم تظهر خلال تاريخ البشرية الا مع بداية عصر الصناعات و النهضة وبعد دراسات وبحوث و اختراعات كثيرة اوصلتهم الى هذا المستوى، وهي حالة خارجة عن الطبيعة التي تتطلب البحث عن الغذاء و الاكتفاء بما قل و دل على تاثيره، بالتالي على البشرية و المسؤولين عن رعاية هذا الملف ان يحافظوا على هذه القدرة بقرارات و اجراءات بسيطة ذكية عاجلة والا فقد يصطدمون بنقص عالمي هائل، مؤشراته بدأت مع بداية الحرب الروسية على اوكرانيا حيث ظهرت بوادر النقص و ارتفاع الاسعار وقلة الانتاج.