23 ديسمبر، 2024 2:27 ص

وفاة خديجة الكبرى أثيرة الرسول

وفاة خديجة الكبرى أثيرة الرسول

عندما يصل الانسان الى مستوى يكون ركنا من اركان الدين الخاتم لترتفع تلك الانثى وتكون قوية الى هذا الحد فبصبرها وتضحياتها وحكمتها ، واموالها ، قام هذا الدين العظيم واعزه الله بها وبسيف علي اذ لولا اموالها وسيف علي لما قام للإسلام عمود ولما اخضّر له عود .
وأي مرتبة سامية عندما تكون هذه المرأة واحدة من أقدس النساء واطهرهن مدى الزمان وتكون اصلا لأبناء النبي وأماً للزهراء والمعصومين عليهم السلام. ولدت ام المؤمنين خديجة الكبرى في مكة المكرمة قبل ولادة النبي بخمسة عشر عاما ، يرجع نسبها الى جدها الاعلى غالب بن فهر ، عملت بالتجارة التي ورثتها عن والدها وكانت تساعد المحتاجين والضعفاء المرضى من ارباح تجارتها ، امراة تتمتع بذكاءٍ وقوة شخصية وحنكة في تدبير الامور.
دافعت عن الرسول ورسالته والقرآن بكل وجودها وما تملك مع تحمل العذاب والمعاناة والحصار في شِعب ابي طالب حتى اكلوا اوراق الاشجار وحشائش الارض لمقاطعة قريش ، لا بيع ولا شراء ولا اخذ ولاعطاء ولا يتزوجوا منهم ولا يزوّجوهم ولكنها عظّت على جراحها لانها آمنت بالوصول الى الهدف ونجاحه لا محالة فكانت المكافِحة والمنافِحة والصابرة من اجل ذلك الى ان انتصر الاسلام وضرب جرانه في الارض شرقا وغربا . اعطت كل شئ لله من اجل ان يسلم الدين وتنجح الرسالة المنقذة .
ان امرأة سمت بهذا السمو واثبتت وجودها بهذه القوة لهي جديرة ان يقفَ الدهرُ امامها باحترامٍ وتبجيل . كانت نعمة الزوجة والمحامي والمعين والمساعد للنبي فهي له بيت وسكن ومأوى عندما تحدق به المشاكل والأخطار ، ونعم الدافع والمحفز من اجل مواصلة الطريق وابلاغ الرسالة السماوية . إن لهذه المرأة حقاً في أعناق المسلمين جميعاً لأنها اوصلت لنا الدين سالماً لننعم بالانتماء اليه.
هي اثيرة الرسول من بين زوجاته ولم يتزوج غيرها طيلة حياتها وكان كثير المدح لها والثناء عليها حتى غارت منها عائشة وورد عنها انها قالت 🙁 ما رأيت خديجة قط ولا غرت على امرأة من نسائه اشد من غيرتي على خديجة وذلك من كثرة ما كان يذكرها )1 . آمنت به في اصعب الظروف وأحلكها حيث كفر به الناس وابتعدوا عنه وحاربوه وصدقته اذ كذبه الناس واعتبروه شاعراً مجنوناً وواسته باموالها ووجودها اذ حرمه الناس وقاطعوه .
اخبرها الرسول صلى الله عليه واله قائلا : ( ياخديجة ان الله عز وجل ليباهي بكِ كرام ملائكته كل يوم مراراً).2 وما أرفعه من وسام عندما يقلده إياها رسول الله :(خديجة سبقت جميع نساء العالمين بالايمان بالله وبرسوله)3 وظلت تتقلب بين انوار المدح والثناء الى
ان وصلت الى مرحلة الاصطفاء حيث قال الرسول: (لقد اصطفى الله عليا والحسن والحسين وحمزة وجعفر وفاطمة وخديجة على العالمين)4.
علمت بحكمتها ورجاحة عقلها فاختارت الرسول زوجاً قالت : ( إني رغبتُ فيك لقرابتك مني وشرفك في قومك وأمانتك عندهم وصدق حديثك وحسن خُلقك)5 كانت اول سيدة في الاسلام واول مصلية واول مؤمنة بولاية امير المؤمنين علي بن ابي طالب عن عائشة : ( ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب )6 اليكن معاشر النساء من أحبت هذه المرأة وارادت تعزيتها فعليها بالعمل والتمثل بها في ظروف صعبة يمر بها البلد .
ان المواساة العملية واداء ما اوجبه الله تعالى عليكن من حفظ الزوج في غيبته وحضوره وتربية الاطفال التربية الاسلامية الصالحة الرصينة والواعية وذكر الله تعالى على كل حال لهي افضل تعزية ومواساة ، فأنتن اللاتي تصنعن التاريخ فاذا كان المهندس يقتل اثنين او ثلاثة في خطا يرتكبه في التصميم او الطبيب عشرة او عشرين فإن المرأة تقتل امة كاملة بخطئها ، لقد اوكل الله تعالى اليكن القدر الكبير من التربية وصنع الانسان والامم فان وراء كل إنسان ناجح متميز امرأة .
الامهات يصنعن العلماء والقادة والذادة والاولياء والصالحين الذين يصلحون امر هذه الامة المتعبة وهذا الوطن المنهك ، ولكُنّ في خديجة ام المؤمنين اسوة حسنة في التربية والاصلاح وصنع المستحيل وبلوغ القمم في الفضل والشرف ما أحوجنا جميعاً للرجوع الى هذه المفاخر من النساء لنقوّم بهنّ وضعنا ونصلح بهنّ حالنا ونربي بهنّ أنفسنا . فهل ثمن تضحياتكم ان تهدم قبوركم وتمحى بيوتكم وآثاركم من الوجود بحجة الشرك والعبادة من دون الله .
لقد قضت عليها السلام صابرةً محتسبةً في نفس عام وفاة سيد البطحاء ابي طالب عليه السلام وكان ذلك عام للحزن والغم على قلب الرسول في العاشر من شهر رمضان الفضيل ، ونزل الرسول في قبرها ليبدد وحشة القبر عنها وليملأه سكينة وطمانينة ، ولفها بردائه الذي كان عليه عندما نزل عليه الوحي بطلب منها فسلام على تلك الروح الطيبة الكبيرة والايمان والصبر الجبار وعلى تلك المرأة الرمز.
……………………………………………………………………………………………………
1 المستدرك على الصحيحين 2 كشف الغمة للاربلي 3 مستدرك الصحيحين للحاكم 4 بحار الانوار للمجلسي 5 دلائل الامامة للطبري 6 الاصابة