زيادة وارتفاع حالات الوفاة في السجون العراقية التي بلغت حوالي( 130) سجيناً خلال النصف الاول من العام الحالي 2021، والتي كشفتها تصريحات احد اعضاء مفوضية حقوق الانسان في العراق، تبين الحال المزري والمأساوي لهذه المؤسسات العقابية والتي تسمى (دور الاصلاح) من دون وجود اي بوادر اوعلامات لتطابق الاسم مع واقع حالها الذي يمكن اختصاره بان الداخل فيها مفقود والخارج منها امّا متوفي او مولود.
فانتشار الأمراض المعدية كالجرب وغيره وعدم وجود مستلزمات الانقاذ والصحة، من أبرز الأسباب للوفيات، وهي طبعا تشمل فقط حالات الوفيات المسجلة للنزلاء الذين يعانون من امراض سوء التغذية والفشل الكلوي ومرض السكري، مع التأكيد على أن المفارز والكوادر الصحية غائبة في بعض السجون.
هذه الاعداد واسباب الوفاة التي تم التصريح عنها هو ما يمكن التصريح به، لكنه بالـتأكيد لا يشمل عشرات الوفيات غير معروفة الاسباب والتي تسجل على انها طبيعية او توفي بأجله المحتوم، رغم ان السبب قد يكون سوء المعاملة او التعذيب اواكتظاظ الغرف والقاعات وغياب المرافق الصحية والخدمية، الى جانب تعذر تنفيذ البرامج الاصلاحية وتقسيم المسجونين حسب نوع الجرائم والفئات العمرية وغيرها من برامج الاصلاح والـتأهيل التي يحتاجها النزلاء.
وهذا ما يثير التساؤل عن دور جهاز الادعاء العام الغائب في التصريح او التعليق على هذه الارقام، رغم انه من اهم اهداف قانون الادعاء العام رقم(49) لسنة2017 حسب المادة(2/رابعاً)هو(مراقبة تنفيذ الاحكام والعقوبات وفق القانون) وهو ما لا يمكن تحقيقه الا من خلال العمل والتواجد الميداني والمباشر في كافة مراكز التوقيف والتسفيرات ودور الاصلاح الاجتماعي (السجون)، كما ان من مهام الادعاء العام التي بينتها المادة(5/ تاسعاً)(رقابة وتفتيش المواقف واقسام دائرة الاصلاح العراقية ودائرة اصلاح الاحداث وتقديم التقارير الشهرية عنها الى الجهات المعنية)، وكذلك ما بينته الفقرة عاشراً.
كما ان المادة(12) بفقراتها الثماني قد بينت بشكل تفصيلي وموسع دور(المدعي العام في دائرة الاصلاح العراقية) وتزويده بقرارات واحكام العقوبة والتدابير السالبة للحرية، ووجوب متابعة عضو الادعاء العام تنفيذ الاحكام والقرارات والتدابير والعقوبات الخاصة بالاعدام، كما بينت دور الادعاء العام في طلبات الافراج الشرطي ومراقبة صحة قيام المفرج عنه شرطيا بتنفيذ الشروط والالتزامات.
هذه الواجبات والمهام تبدأ من اليوم الاول لدخول الموقوف او المحكوم ومتابعة ظروفه واحواله داخل المؤسسة العقابية، بل وتمتد الى مرحلة ما بعد خروجه حيث له ان يستعين بالمجالس المحلية والمنظمات الاجتماعية في تحقيق ذلك.
ان مراقبة ومتابعة اوضاع الموقوفين والمحكومين من كافة النواحي(القانونية والصحية والدراسية والاجتماعية)هي من صلب واجبات ومهام واهداف قانون الادعاء العام التي فصلتها مواده وخاصة المادة(2) في دعمه للنظام الديمقراطي الاتحادي في العراق وحماية اسسه ومفاهيمه في اطار احترام المشروعية واحترام تطبيق القانون، والاسهام مع القضاء والجهات المختصة في الكشف السريع عن الافعال الجرمية، وحماية الاسرة والطفولة والتي يُشكل المحكوم والموقوف احد افرادها.
القاضي نائب المدعي العام
عبد الستار رمضان