وعد …ذلك هو اسمي …لم يكن ذلك اختياري بطبيعة الحال انما هو اختيار الاخرين .
تمردت على هذا الاسم مذ نوديت به لأول مرة ,لكنه ظل ملتصقا بي يمضي حيث امضي وكان ابواي يلحظان امتعاضي من هذا الاسم الذي وجداه بحسب رأيهما مناسبا بل وجميل .
وجدت الشجاعة لاطرح عليهما سؤالي هذا فبدى عليهما انهما مندهشان لسؤالي وبعد فترة من التردد قال أبي:-
–لأنك جئت على فترة من طول الانتظار حيث كاد اليأس ان يقتلنا وحين استفتحنا بالقران الكريم كان اسمك (وعد) هو الاسم المختار حيث كانت الآية(وواعدنا موسى )).
لم أشأ ان اعترض ,هكذا كانت قصة اختيار الاسم ووجدتني الوذ بالصمت والزم نفسي الرضا .
بلغت من العمر ستة اعوام ولذا دخلت عالما جديدا هو عالم الدراسة ولما كنت لم ادخل الروضة التي تسبق الدراسة الابتدائية وجدتني اجد صعوبة في تقبل الدرس كما هي الحال مع صديقي (كرم) الذي راح يساعدني وييسر لي ما اجده عسيرا فتحسن مستواي الدراسي وصرت اقبل على الدرس بشغف واحسن حل التمارين بيسر.
صار صديقي كرم بالنسبة لي قدوة ومرشدا رغم اننا في عمر واحد فهو يجيد مهارات لم اتعرف اليها الا من خلاله واوصلني الى معارف لم استوعبها الا بمساعدته والسبب هو الفارق الثقافي والعلمي بين اسرتينا فوالدا كرم متعلمين وبشهادات عليا اما والداي فلم يحظيا بشيء من التعليم .اجل كانا كادحين في هذه الحياة واستطاعا ان يوفرا الحياة البسيطة لأسرة اراد الله تعالى ان يخفف عنها الكثير من الاعباء وان كان البعض يعتبر هذا التخفيف حرمانا الا وهو قلة العيال ,اجل اسرتنا قليلة العيال اذ لم تلد امي بعدي الا اخت واحدة وقد اسموها ختام بعد ان اخبرتهم الطبيبة المختصة ان امي لم تعد قادرة على الانجاب ,ذلك امر الله ولم يكن والدي يجدان في هذا غصة فقد تقبلا الامر بحمد الله وشكره والرضا بقضائه وكان والدي يردد دائما :لقد انعم الله علينا بوعد وهو يعدل عندي عشرة ابناء وبختام وهي تعدل عندي عشر بنات فأسرتنا مكونة من مجموع هذه الاعداد المفترضة وفي الواقع نحن (اربعة فقط) ويختم قوله بعبارة عن قول للأمام علي عليه السلام مفادها (قلة العيال احد اليسارين).
وتسير بنا الحياة بما تيسر من رزق حلال طيب وقد عمل ابي الكثير من الاعمال وان كانت مهنته الاساسية خياطا وقد تعلمت منه امي تلك المهنة وصارت تعمل ايضا بهذه المهنة وتستقبل في بيتنا الكثير الكثير من السيدات والبنات وهن يثنين على مهارتها وتفننها ودقة عملها واهم من هذا اخلاصها وصدقها فهي لا تخلف مواعيد الانجاز وايضا تحرص على تفصيل قطع القماش بما يوفر تفصيلا دقيقا قد يوفر في بعض الاحيان قطع صغيرة تستغله لخياطة فستان لطفلة صغيرة تعود لصاحبة القطعة فتأخذها شاكرة ممتنة.
امي هي اول من علمتني الاخلاص والصدق فوجدتني احصي على نفسي كل صغيرة وكبيرة مذ نعومة اظفاري وكان هذا اكبر اسباب ما لقيت من معاناة لكنها شدت ازري واضافت لي قوة ارادة وشدة بأس وكان النجاح حليفي في نهاية الامر وان كانت المكاسب ضئيلة قياسا لمن حققوا مكاسبهم بطرق غير واضحة بل اقول غير صحيحة.
هكذا كانت الايام تمر بنا هانئة هادئة طوال سنوات طفولتي حتى بلغت عامي العاشر وكانت شقيقتي ختام بلغت عامها السابع فهي تصغرني بثلاث سنوات وكنت قد انهيت عامي الدراسيالخامس وكان انتظار النتيجة النهائية هو الشغل الشاغل ولذا رحت اعد على اصابع يدي الايام حتى حل موعد توزيع الشهادات ومضيت صبيحة ذلك اليوم الى مدرستي ومضى الوقت حتى اطل علينا المعلم وهو يحمل الشهادات وينادى الاسماء وكان فكري مشغولا بصديقي (كرم ) لأنه لم يحضر لنيل شهادته وهو اول من نادى عليه المعلم باعتباره الاول على المدرسة وليس على الصف فقط وتوالى النداء لمرات ومرات ولكن دون جدوى (كرم) لم يحضر …ترى ما هو السبب…………..؟
ترك المعلم شهادة صديقي (كرم ) ونادى على اسماء اخرى كان النداء الثالث على اسمي(وعد) مضيت الى المعلم بخطوات ثقيلة وقلب مليء بالقلق وفكر تائه واستلمت من يد المعلم نتيجتي التي كتبت عليها ملاحظة مفادها(نهنئكم بنجاح ولدكم)وكنت في قرارة نفسي اعتبر هذه التهنئة كانت احق ان تقدم لصديقي (كرم)الذي شغلني تأخره عن الحضور واستلام النتيجة.
ترى ….ما هو السبب…الافكار تدور وتختلف الصور احيانا اقول ربما كان مسافرا…احيانا اقول ربما كان مريضا فيزداد قلقي وتشتد بي لواعج الحزن ……………..بقي السؤال معلقا ………………..لماذا لم يحضر صديقي كرم لنيل شهادته المدرسية……………….؟