18 ديسمبر، 2024 11:56 م

وطن يستنشق البارود بلون النفط؟!

وطن يستنشق البارود بلون النفط؟!

تُبنى الأوطان، على أساس حضاراتها، وتَجني ثمار ما صَنَعه الأجداد، في رسم خطوط المستقبل، لحياة؛ تحفظ كرامة الفرد، مع توزيع الثروات بالتساوي على الشعب، في بدايات نشأة الدولة العراقية وبرلمانها، أصبحت قبلة للعلم والثقافة، حتى اشتهر المثل الذي يقول “مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ”.
وطن استشعر الحياة، فراح يبحث عن الموت، وأي موت! انه موت الحروب، موت في الجملة، تَبَنّى فكر العسكر، من خلال رؤساء البلاد، الذين كان أغلبهم عسكريين، فحولوا المجتمع العراقي الى معسكر كبير، يقوده بفكر وعقلية شرطي وحرامي، حتى استيقظ الشعب، على اصوات الرصاص، وفوهات البنادق.
بعد استقرار شبه طبيعي، من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، بدخل عالٍ للفرد العراقي، مع القيمة النقدية للدينار، كان الدينار الواحد يساوي ثلاث دولارات، بدأ مشواره الاول، بحرب مع الجارة ايران، لاسباب اصبحت مكشوفة للقاصي والداني، وبدعم خليجي غير محدود، حتى استنزف الجيش؛ على مدى ثمان سنوات، راح ضحيتها قرابة المليون شهيد، دون ان نعلم ماهي النتيجة.
سنتان لم تكفِ، ليهدأ صراخ الجرحى، ولا أنين الأرامل، وأمهات الشهداء، ليشعل نار حرب جديدة، في الكويت سنة ١٩٩١، دخلها مستهزئا وخرج منها ذليلاً يجر حسرات الجيش، الذي انهكته صواريخ الطائرات الأمريكية، وقاذفات البوارج البحرية، ليدق صافرة الجوع، بحصار اقتصادي، أكمل عمل الحروب، وانهك ما تبقى من شعب، تحت مطرقة الحرب وسندان الجوع، معلنا النهاية؛ لثقافة شعب عمره 5000 عام.
نعيش اليوم ترسبات تلك الحروب، ومخرجات الدكتاتورية وانعكاساتها، على تصرفات الفرد العراقي، لم تكن الناحية الاقتصادية هي المتضرر الوحيد، من تلك الحقبة، بل أثرت على المنظومة الأخلاقية والنفسية للشعب، وتهيئة الارضية لسلبيات لم تكن موجودة قبل نصف قرن.
أغلب ضحايا هذه الحروب، كانت المناطق الجنوبية، لانها ارض المعارك، واغلب الجنود هم من تلك الطبقة الفقيرة بسكانها، والغنية بأرضها، التي تطفو على بحر من النفط، ما عاشت خيره إلى الآن، بسبب عدم وجود استراتيجية حقيقة لانتشال هذا الوطن من واقعه المزري.
وطن 70% من شعبه كان يكره الحكومة ومنظومة الدولة، لن يغير نظرته بهذه السرعة، واغلبنا لا يفرق بين الحكومة والوطن، والذي رسخها الإعلام المضاد، ومنظومته الالكترونية، بشكل مدروس ومتقن، ليخلق جيلا لا يأبه بمخالفة أنظمة السير، ويتفنن بطرق التجاوز على خطوط الكهرباء والمياه، بما لا يقبله الشرع والقانون.
التخطيط الذي يحاكي الواقع، ويرسم خطوط الانطلاق، نحو تنمية بشرية حقيقة للفرد العراقي، يرافقه تطور في البنى التحتية المستهلكة، والتي تؤسس لنظام اقتصادي متعدد، يعطي مستحقات ويلزم الجميع بمسؤولياته، يحكمه قانون راسخ في قلب الشعب؛ قبل عقل القاضي.