هو عنوان الرواية الاولى للروائية الجزائرية ياسمينه صالح ،أستعرتها من صديق عاد قبل شهر من منشأ الرواية..فشعرتُ حين انتهيت منها ان الوضع العربي هو هو في المغرب أو المشرق ..الشباب يفتدون الوطن ليخّلصوه من الاستعمار الفرنسي وحين تتحرر الجزائر ..يحصد المحصول اعداء الثورة وهكذا يبقى ذلك المأثور اليوناني منذ جمهورية أفلاطون صالح للأستعمال دائما : (الثورات يخطط لها الدهاة وينفّذها الشجعان ويستفيد منها …….)وهذا القول التقطه من أنيس المسطول في رواية نجيب محفوظ (ثرثرة فوق النيل ) والكلمة المهيمنة في الرواية هي (الواجب)..(من يشعر بالضغينة أكثر من شعب يفتقد الحنان والدفء يعيش تتقاذفه الارجل والملاجىء شعب يعيش كيتيم تتقاذفه الارجل أجل من يحب هذا الوطن ؟ لكن الجميع يحبون الواجب : واجب الكلام ..واجب النقد..واجب الغضب ..واجب الاحباط../81).. كأن المواطن عليه دائما واجبات ينفذها ولاشيء سوى الواجبات.. الضابط الذي اسمه الرشيد يقتله الارهابيون اثناء الواجب وقبل تحرير الجزائر ينفّذ العربي أوامر قيادة الثورة وهو يسدد فوهة مسدسه نحو الخونة ،ثم أثناء الواجب يسبقه أحدهم فيجعله على مشارف الموت فيصاب بعوق في ساقه..بعد الثورة يحصل على تقاعد كل شهرين فقط ويبقى العربي لايملك بيتا مثل عوائل شهداء المقابر الجماعية في العراق ليس لهم سوى راتب كل شهرين ويحصلون عليه بمذلة الوقوف بالطوابير على مكاتب الصيرفة او البنوك وكالعادة بعد مضي ست ايام من الشهر الجديد..وهاهم أولادنا الابطال في الحشد الشعبي يفتدون الوطن بأعمارهم الفتية وكذلك غير الشباب يتحشدون ليفتدوا وطنا لم يحصلوا منه سوى :العلم العراقي المسجّى ..وهناك الجرح الغميق : الهجرة الجماعية للشباب العراقي ورغم مخاطرة هذه الهجرة التي تصل حد الموت لكن الهجرة لايتوقف نزيفها والسؤال هو لصالح من يتحول الوطن دار عجزة ووكر لصوص وأطفال يتامى وسيناريوهات اصلاح على الهواء؟ ومواطنون يلهثون من اجل اسباب الحياة اليومية ؟..في رواية(وطن من زجاج) توجد هجرة الى البلد الذي استعمر الجزائر الى فرنسا ..يقول السارد بهذا الصدد..(كي يزداد كرههم لسلطتهم التي تركت الاجنبي يهينهم /8)..المشرق والمغرب تجمعهم وحدة الهم والثورة المغدورة والخيبة الوطنية نفسها..(الوطن الذي حاربوا لأجله لم يعد يستوعبهم .لم يعد يتسع لأحلامهم ولصدقهم وان الشهداء الذين استشهدوا لأجله مجرد تواريخ يتذكرها الكبار وفولكلورا واحتفالا ../ 12)..في اوطاننا لاتبدأ الحكاية تحت نخلة أو سدرة أو شجرة بمبر أو توت أو بيت العائلة ..صارت (الحكاية تبدأ من المقبرة../8)..
*عمود صحفي أسبوعي/ صحيفة طريق الشعب / 30/ أيلول/ 2015