ما حيلة الأوطان إذا زادت القيود عليها؟
وما سبيل المصلح حتى وان صدقت نواياه، وبلغ به النقاء مبلغه، إذا وجد خطواته وقد اثقلتها ترسبات الزمن البغيض، كيف يمكنه حينها الوصول إلى مبتغاه؟
البعض يحاول معالجة ذلك القيد بالمداراة، ناسياً أنه يمنح الفاسد فرصة للحياة، وللمخطئ مبرراً لما فعل وما زال يفعل!
والبعض الآخر يتوهم لكثرة ما عاش مكبلاً ان ذلك قدره وقدرته، فيقتله السكون والسكوت حين يكون الواجب المطلوب منه الحركة واعلاء الصوت بنداء الخلاص، والأسوأ أنه يبرر ذلك مؤصلاً عبوديته المعاصرة!
وثالث يعمد ــ وقد أيقن بصعوبة وضريبة الاصلاح ــ إلى معالجة الداء العميق والجرح الغائر بتغيير مظهره، والركون إلى عمليات التجميل التي لا تنجح مهما كان العمل متقناً في إخفاء تجاعيد الإخفاق والفشل!
ورابع يغالب التحدي بالرفض والصراخ ظاناً انه يمارس بذلك دوره وواجبه، فيقتله النقد ويئد حياته المليئة بصور المعاناة.
ولكن ومهما بلغت تلك القيود من الشدة والصرامة، تبقى قيود العقل والتفكير هي الأشد والأكثر خطورة، فهي التي تروض الأجيال على معنى الخنوع، او التورط بدوامات الخطيئة المتزايدة، فلن يكون المستقبل والحالة هذه إلا مظلماً وكئيباً وكالحاً!
لذلك كله يمكن القول هنا ان النوايا الطيبة وحدها لا تكفي، والتشخيص وحده لا يبني وطناً، والعلاج دون ادوات لا ينفع، وجهد الفرد مهما كان كبيراً سيتحطم في ساحات التحدي الصعبة.
وهكذا تغدو مهمة التحرر من تلك القيود هي الأولوية فبدونها لن يكتب النجاح أو الاستمرار لأي عمل ايجابي يواجه طوفان السلبية المتراكم، وهذه المهمة الضرورية لن تتحقق بالشدة، ولا بالمعاندة، ولا بالإنكار للواقع، بل هو برنامج عمل طويل الأمد، متدرج المراحل، يذيب بعضها بهدوء، ويحطم الأخرى متى ما استجمعت القوة لذلك.
إلى فرسان التغيير.. ازالة الأشواك سبيل أساسي وخطوة أولى في مسار التغيير المنشود.. فلا تنسوا ذلك ولا تتجاوزوه.