هل ستجدون أفضل من خيار تأجير البلاد للآخرين , لكي ينقذوها من براثن عجزنا وشرورنا , ومن غبائنا الحضاري الوطني المخزي المشين؟!
الوطن تناوبت على قيادته جميع الملل والنحل والأحزاب والفئات , وكأنه عدوها وعليها أن تنتقم منه ومن أهله أجمعين.
وما أنجزت الحكومات والأنظمة إلا ما يُستعار منه ويندى له الجبين!!
ماذا قدمت الحكومات المدعية بالوطنية , وذات الحزب الواحد والقائد والفئة الواحدة والأغلبية الساحقة , وما شاكلها من هذيانات الضياع والإنقراض؟!
الوطن عاش منذ نشأة دولته المعاصرة تابعا قابعا في أروقة المصالح والمطامح الإقليمية والعالمية , وما جاءت حكومة واحدة تفكر بالوطن وتعمل من أجل مصلحته.
وبما أننا سجلنا أرقاما قياسية في العجز الحضاري والفشل السياسي والإداري والإستثماري وعلى كافة المستويات , فأن من الحكمة أن نعترف بخيباتنا ونعلن أن من الأفضل لنا أن نعرض الوطن للإيجار , بدلا من أن يبقى تابعا ومستلبا ومملوكا للآخرين وفقا لذرائع ما أنزل الله بها من سلطان.
وطن بلا سيادة ولا قيادة ولا عنوان , وكل ما فيه يجري وفقا لأصحاب الحصص والمطامع والمشاريع التدميرية الرائدة.
لقد حان الوقت لعرض الوطن للإيجار , ومن الأفضل أن يؤجر أما للصين أو لروسيا , لأنهما الوحيدتان القادرتان على البناء وإعادة ترتيب أوضاعه بما يتفق ومواصفات العصر , أما الدول الأخرى فالتجارب معها واضحة النتائج , لأنها لا تفهم إلا في الإستثمار بما يعزز مصالحها ويطور طموحاتها , فهي تستثمر الثروات والويلات والتناقضات , ولا يعنيها مصلحة الوطن والناس , لأن ذلك ليس من شأنها , ويمكنها أن تسوّق ما لا يحصى من المسوغات لإبادة الشعب ومحق الوطن , فالمهم مصالحها المعلنة والخفية.
ومن المعروف أن العديد من الدول الأفريقية أصبحت نسبة منها مؤجرة للصين التي تستثمرها في الزراعة والعمران , وهي التي تسعى للتصنيع في غير أراصيها , مما يعني بأنها ستجعل ما تستأجره مراكز إنتاجية وتصنيعية ذات مردودات ربحية متراكمة.
وقد أصبح من المسؤولية التأريخية ومن الوطنية أن يؤجر الوطن للصين أو لروسيا لبضعة عقود , على أن يتم بعدها تسليمه لقيادات رشيدة تتعلم خلال تلك الفترة مهارات إدارة دولة وبناء وطن بمستوى دول أوربا الشرقية .
قد يغضب مَن يغضب , ويضحك مَن يضحك , ويتهم مَن يتهم , لكنها حقيقة مؤلمة مفجعة أثبتناها بتفاعلاتنا المكشوفة المشينة منذ ألفين وثلاثة وما قبلها وحتى اليوم , فهل لديكم حجة ودليل على أننا تمكنا من بناء دولة ووطن , وبأن أنظمتنا ليست دمى يحركها أسيادها عن قرب وبعد؟
نريد دليلا يؤكد بأننا قادرون وناجحون في قيادة وإدارة بلد كوطننا الذي أوجعناه وأبكيناه وجلبنا عليه الأهوال , ولا زلنا سكارى بالأوهام ونتخبط بالأضاليل!!