22 نوفمبر، 2024 4:59 م
Search
Close this search box.

وطن..بلا..وطن

تعالت الأصوات واحتج المحتجون ضد الظلم والظالمين .. خرج مسرعاً.. وصل الى باب الدار.. وعاد مسرعاً.. فقد نسي ما خرج من أجله..لقد نسي العلم العراقي . وأخذ العلم.. فقالت الأم:
ـ الى أين ؟
فأجاب بكل عفوية:
ـ الى الوطن.
ابتسمت :
ـ أي وطن ولم نمتلك ما نأكله من العشاء..بدلاً من الذهاب إلى التظاهرة إذهب وأبحث عن عمل .
ـ حسناً سأذهب واجلب ما فقدنا منذ سنوات، سأذهب واجلب حياتنا الكريمة من تلك الأيادي الظالمة في سلطة الظلام .
خرج حتى وصل الى تلك المعركة الحاسمة ورأى الرصاص المتناثر وهم لا يحملون سوى الاعلام والورود . ذهب إلى احد المحلات وطلب ورقة وقلماً وكتب شيئاً ووضعه في جيبه وعاد إلى التظاهرة مطالباً بحقه من تلك الوحوش التي كلما أكلت جاعت . من تلك الكائنات التي تمتلك الحواس الخمس ولا تمتلك الاحاسيس . مطالباً من تلك النماذج التي تعيش على وطن ولا تمتلك الوطنية، التي تدعي الوجدانية ولا تعرف الإنسانية، التي تدعي البشرية وقلوبهم شيطانية، التي تدعي الرحمة وافعالهم عدوانية، وهل يكفي لوصفهم ذلك لا يكفي لوصف من لا وصف لهم . واستمرت التظاهرة حتى أراد الله إن يعطيه ما سلب من حقه فكانت تلك الرصاصة التي حالت بين الإبن وأمه والزوج و زوجته والأخ والأخت تلعب دورها بالحرمان الدائم، ومن دون ذنب فقط الآن يريد أن يعيش كما يعيش الآخرون .
رنّ جرس هاتفه وإذا به صديقه.. وماذا يقول لتلك الأم التي تنتظر ولدها ليجلب لها ما يسد جوعهم في العشاء ولا يعلمون هل سيأكلون في الغد أم لم يكتب الله لهم رزقةً بقدر حاجتهم . سمعتْ الخبر ففرَّتْ كطير فرَّ من قفص محبوس به لسنوات، وما إن وصلت المشفى وإذا هي لم تكن الوحيدة التي تبحث عن ولدها..بل وجدت العشرات غيرها . وصلت لطفلها الذي مهما كبر بالعمر يبقى صغيراً وجميلاً بعينها ..تقدم لها الطبيب وأعطاها ما كان بجيب ولدها من أشياء شخصية.. ومن تلك الأشياء كانت الورقة.. فتحتها وقرأتها:
” ” امي العزيزة.. لا تحزني.. الوطن يستحق ذالك
وطلبت من أحد أن يقرأ ما كتب بها فقرأ:
“ولكن نحن نبحث عن حياة كريمة وسط غابة لا يعيش فيها غير المفترسات ولا مكان للأبرياء .. لم أكن مخطئاً نحن نبحث عن وطن بلا وطن..”

أحدث المقالات