من عام 2018 : وهو يخرج من العراق !
إلى عام 2019 : وهو يدخل إلى العراق !
لمناسبة العام الجديد …………..
أخجل أن أقول لك السلام عليكم .. لأنني نسيت السلام !
ووددت إنطلاقا من دوافع الأخوة والصداقة والزمالة بيننا أن أقدم لك وصايا مجانية لعلك تنتفع بها كي لايصيبك ما أصابني ! وقد رأيتني وأنا أودعك إلى فضاء بعيد.. كيف أن أشهري ممزقة وأسابيعي أصابتها جروح غائرة وأيامي تحطمت وساعاتي تناثرت ودقائقي تمرضت .. حتى الثواني حائرة، تائهة أضلت الطريق ..
أيها الأخ والزميل عام 2018 تعلم ما أمتلك من قوة فأنا أطول منك لأنني عام كبيس ! لم ينفع معي لأنني دخلت العراق وتجولت بين الشوارع والمزارع والحقول ودعاني يوم الجمعة لزيارة مدن دخلها الدواعش .. وتحديدا مدينة إسمها الرمادي سمعت عددا من الأعوام القديمة عندما كنا أنا وأنت صغارا كيف يتحدثون عنها وعن فراتها ونخيلها وباديتها وشوارعها وجوامعها وجامعتها بنشوة وفرح ..عن مدينة تعطرت بالطيب وأهلها والشهامة تتناثر بين عيونهم.. كنت أتمنى أن أزور الرمادي وها أنا كبرت وأردت أن أسأل أخي عام 2015 عنها فقالوا لا يعرف أحد ما مصيره فقد خطفه لصوص وعتاة من الظالمين .. لا أطيل عليك دخلت إلى الرمادي .. فلم أجد أو أعثر على ما سمعت ! أكوام من حجارة وتلال من التراب غصت بها هذه المدينة.. جوامع وقباب مهدمة.. مبان محطمة .. بيوت ومدارس تساوت مع الأرض .. أما أهلها فالحزن لايفارق وجوههم .. لم أر طفلا يضحك أو يلعب .. القهر واليأس أصاب حتى الفرات.. أصاب حتى جسور المدينة لا شيء غير الدم والدخان ورائحة البارود في الرمادي .. دخلت إلى قطعة من أرض يغمرها الطين وقطع سميكة ملوثة من قماش يسموه خيام ! سألت نفسي ما هذا !
فأجابني طفل مريض وآخر يرتجف من البرد وآخرون جياع أنهم هنا منذ سنتين.. بكيت حزنا أخي عام 2018 حين رأيت النساء والشيوخ والعجائز شبه موتى !
وأين ! في العراق .. ومن أين ! من الرمادي .. !
لا أطيل عليك وأوصيك أن تجمع شهورك وأيامك للذهاب إلى هناك .. إلى المخيمات أخي عام 2018 وإياك أن تخرج من العراق إلا وقد أغلقتم مخيمات الذل والعار والهزيمة .. وسأوصي أخي عام 2019 بأن ينقل لي ما نفذته لهؤلاء الفقراء الصابرين المحتسبين .. وداعاً أخي عام 2018 .. وكل عام وأهل المخيمات بألف خير وأن يكون عامي آخر عام لهم !