<< هنالكَ من الأخبارِ أخبارٌ قد لا يتحمّل البعض تجاوزها او غضّ النظرِ عنها وبمجرّد قراءةِ عناوينها ! , إلاّ بالتنفيس والكتابة عنها وتجريدها ممّا ترتديه او تتغطى به من مفرداتٍ وغير مفردات ! >> .
وقد إطّلعت الناس خلال ال 48 ساعة الماضية على ما زخرت وحفلت به عدة مصادر صحفية او إعلامية عن تكليف السيد مصطفى الكاظمي للقيام بدور الوساطة بين الولايات المتحدة والحكومة الأيرانية , بل ومحاولة تصوير أنّ إسناد رئاسة مجلس الوزراء للكاظمي قد كان لهذا السبب .! , ودونما انتقاصٍ لما يمتلكه رئيس الوزراء من خبراتٍ خاصة مُذ كان رئيساً لجهاز المخابرات وفي عمله الإعلامي والسياسي في المعارضة قبل الأحتلال , وسيّما عدم انضمامه للأحزاب الدينية الحاكمة , لكنّما ينبغي تثبيت ما هو مُثَبت او ثابت اصلاً بأنّ العراق لا يحكمه ايّ رئيسٍ لمجلس الوزراء ولا رئيسي الجمهورية والبرلمان , وإنّ احزاب الأسلام السياسي وكتلها وفصائلها هي المتحكّمة بمقدّرات الدولة ومتغلغلة في كلّ مفاصلها وخصوصاً في الأجهزة الأمنيّة المختلفة , وسيّما في كافة دوائر وزارة الداخلية وجزئياتها , ولا يبدو أن تنصيب وزيرها الجديد ف اول ركن عثمان الغانمي ” رئيس الأركان السابق ” سوف يؤثر او يغيّر من هيكلية واوضاع قياداتها في سيطرتهم على كيان الوزارة , ودونما استرسالٍ في هذه الجزئيات الظاهرة للعيان , فالتساؤل الذي يتشقق ويتشظى من بثّ ونشر خبر قيام العراق بدور الوساطة بين تلكما الدولتين , هو أنّ العراق يمرّ في اصعب واقسى حالات الضعف السياسي والأقتصادي وما يترتب على ذلك , ولولا مبادرة امريكا وبريطانيا بالتبرع للعراق بحزمة مالية ” مجهولة الكم ! ” ودونَ او قبل أن تطلبها الحكومة العراقية ” فأنّ مسألة تسديد رواتب موظفي الدولة على الأقل غير مضمونةٍ للشهور المقبلة < ويبدو او يترآى أنّ منح وتحديد مبالغ المنحة او المساعدة المالية الأنكلو – امريكية يرتبط بنجاح المفاوضات المقبلة بين العراق وامريكا حول مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق , ومتطلباته الأخرى بما يتعلّق بالفصائل المسلحة وحتى الحشد الشعبي > , ثُمّ أنّ البلاد تعيش اوضاعاً غير مستقرة بين قياداتٍ حزبيةٍ عليا وسواها , فبجانب مسألة محاولة إعادة الألوية العسكرية التي انفصلت من قيادة الحشد الشعبي والتي لم تنجح وبتأثيرٍ وقرارٍ من المرجعية , ومروراً بتنظيم عصائب اهل الحق التي اعلنت مؤخراً بنيّتها للتعرض للقوات الأمريكية , وانعطافاً الى الرأي المضاد لكتلة الفتح التابعة للسيد هادي العامري التي دعت الى عدم التصعيد مع الأمريكان .! , كما يتطلّب الأمر المزيد في التمعّن والتأمّل في مسألة رفض الأحزاب الدينية الحاكمة لترشيح السيد الكاظمي في المرة الأولى , وعادت لتأييد ترشيحه في المرة الثانية , وماذا يقف وراء وأمام ذلك .! وما قد يفرزه في المدى المنظور , وربما ما جرى من اتفاقاتٍ غير معلنة جرّاء ذلك .
كلّ ما مذكورٌ في اعلاه ليس سوى البعض القليل ممّا يحدث ويجري ويسيل في الجبهة الداخلية المتصدّعة في البلاد , ولسنا هنا بصدد التطرّق للخلافات الجسيمة المشتركة بين الحكومة المركزية واقليم كردستان , ولا الى العمليات المباغتة للدواعش على القوى الأمنية لغاية يوم امس , ولا حتى الى حالة التضخّم المفاجئة في الفساد المالي والتي بلغت اكتشاف معملٍ سرّيٍ خاص لحفر الآبار النفطية بالقرب من منطقة أم قصر .!
لماذا جرى اختيار العراق ” في الإعلام ! ” وكأنه وقعت القُرعة على العراق دون سواه لأداء دور الوساطة بين طهران والأدارة الأمريكية .!! , والوساطة تتطلب دولة محايدة اولاً ! ولها من الثقُل والنفوذ والتأثير بين الطرفين المتنازعين , وهذا ما مفقودٌ عندنا , بل أنّ بعض مراكزالقوى العراقية هي ايرانيةٌ اكثر من الأيرانيين .!
سلطنة عُمان التي هي المعقل الأساسي كقناة اتصالٍ وتواصل بين واشنطن وطهران منذ الأتفاق النووي الأول بين ادارة اوباما والحكومة الأيرانية والتي استمرت لستة شهور بصورةٍ سرية آنذاك , والتي افادت بعض التقارير الصحفية العالمية مؤخراً بأنّ مفاوضاتٍ مباشرة او غير مباشرة وحتى عبر رسائل بين الأيرانيين والأمريكان جرت مؤخراً في مسقط – عاصمة السلطنة مؤخراً , ولم يجرِ التأكّد من دقة هذه المعلومات بنسبة 100 % 100 , ثمّ أنّ بدائلاً اخرى متوفرة للوساطة بدون العراق , فالسفارة السويسرية في طهران هي التي تقوم برعاية المصالح الأمريكية منذ عام عام 1978 بعد ازمة احتجاز رهائن السفارة الأمريكية هناك والى الآن , وبالمقدور ايصال ايّ رسالةٍ دبلوماسيةٍ خاصة بين أحد الطرفين الى الآخر , كما ما اسهلَ سهولةً من ذلك تبادل رسائلٍ مفترضة بين كلا الطرفين عبر ممثلية ايران في الأمم المتحدة في نيويورك لو تطلّب الأمر ذلك , وبدون توسّطٍ او وساطاتٍ لمن هم ليسوا في الموقع الوسط , وباتوا وبانوا غير محسوبين على ايّ وسطٍ او اوساطٍ عراقيةٍ حقيقية .!