23 ديسمبر، 2024 12:24 ص

وزير الدفاع يحرج الدولة الفاسدة

وزير الدفاع يحرج الدولة الفاسدة

حلقة جديدة من حلقات مسلسل الفساد الطويل الذي تعَود العراقيين على مشاهدته ابطالها وزير الدفاع و رئيس البرلمان و عدد من النواب ، ابتزاز و مساومة و صفقات هكذا تنوعت المشاهد كما يرويها وزير الدفاع خالد العبيدي في جلسة برلمانية اعدت لاستجوابه بعد اتهامه بالفساد لينتهي الحال بالمستجوبين كمتهمين يتحملون عبء اثبات براءتهم ناهيك عن حالة الحرج الذي سببته اجوبة العبيدي للحكومة و البرلمان و الاحزاب او كما وصفها الشعب العراقي بـ ( الهجمة المرتدة ) او ( تغده بيهم قبل ما يتعشون بيه ) كنوع من السخرية لطريقة ادارة المسئولين الكبار لمؤسسات الدولة و اتخاذهم مناصبهم وسيلة لغرض الربح و المنفعة الشخصية.

في العادة نسمع ان الوزير هو من يعمل على التودد لأعضاء مجلس النواب و يقدم لهم الرشى و الهدايا لإغلاق ملفات فساده و عدم استجوابه فهو ( النائب ) يمثل الجهة الرقابية على عمل الوزير إلا ان العكس هو ما حدث و الادهي من ذلك هو مطالبة رئيس مجلس النواب نفسه للوزير بصفقات و عقود فليس غريبا بعد ذلك مطالبة النواب للوزراء بالرشوة او مساومتهم و ابتزازهم سواء اللذين ذكرهم خالد العبيدي ( الكربولي و حيدر الملا و عالية نصيف و حنان الفتلاوي ) او غيرهم  طالما يستخدم رئيس السلطة التشريعية و الرقابية هذا الاسلوب.

يحسب لوزير الدفاع العراقي صراحته وشجاعته في كشف الاتفاقات ( المساومة و الابتزاز كما وصفها ) التي حصلت معه و ذكره الاسماء مباشرة دون تردد خلافا لما اعتدنا عليه من غيره من الوزراء إلا ان ذلك لا يعفيه من مسؤولية اخفائها طيلة الفترة الماضية و عدم كشفه حقيقة فساد النواب و رئيسهم اللذين ارادوا استغلال ميزانية وزارة الدفاع لمصالحهم و استخدامهم لعملية الاستجواب لغرض الابتزاز و كذلك لم يُبلغ الجهات القضائية او الرقابية كهيئة النزاهة فقط لأنه اراد الحفاظ على ما لديه من ادلة لغرض حماية نفسه اذا ما تعرض للخطر هو او منصبه و الدليل ما حدث في جلسة الاستجواب التي استشعر فيها الخطر فكشف عن ما في جعبته من ملفات ابعدت الشبهات عنه قليلا و سلطت الضوء على رئيس مجلس النواب الذي ترك جلسة الاستجواب فورا بعد ورود اسمه ليس خجلا بل لأنه خشي ان يتصادم مع العبيدي فيكشف امورا اخرى تخصه او غيره من النواب فمن الواضح ان مجلس النواب لا علاقة له بعملية التشريع او الرقابة و ان اعضائه يعملون طلية اربع اعوام للبحث عن فرص استثمارية في الوزارات مستغلين مواقعهم و الحصانة الممنوحة لهم في ذلك.

و من الجانب الاخر يبقى السؤال الذي يجب طرحه بعد احداث جلسة استجواب وزير الدفاع هو ما دور القائد العام للقوات المسلحة فيما يحدث في وزارة تخضع لأوامره مباشرة ؟طبعا لا فرق ان كانت الاجابة نعم او لا فالنتيجة واحدة فالعبادي ان كان يعلم بحجم الفساد و صفقاته في وزارة شديدة الاهمية كوزارة الدفاع او لا يعلم يبقى مسئولا عن ذلك  و ادانة وزير الدفاع بالفساد تعني ادانته ايضا سواء بتهمة الفساد او لابقاءه وزير فاسد في منصبه.

ان كشف وزير الدفاع لبعض لأسماء بعض النواب ممن اتهموا بالفساد او ابتزازه لا ينفي تهم الفساد الموجهة اليه و التي يجب ان تسقط بأدلة حقيقية و قوية فما قام به رغم اهميته ليس انجازا بل احراجا لحكومة العبادي و البرلمان حاول من خلاله حماية نفسه و فضح من اراد اسقاطه لا اكثر فالشعب العراقي يعرف تماما ان الطبقة السياسية التي تحكم فاسدة و تستخدم المنصب لأغراض الربح و المنفعة الشخصية بعيدا عن الواجب الوطني او مطالب الاصلاح التي ينادي بها الشعب.