كنّا قد كتبنا الكثير من المقالات حول آليات النهوض بالصناعة السينمائية العراقية ,والخطوات والآليات الواجبة الحدوث لخلق سينما حقيقية , وكانت النتيجة مما عرضناه وكل ما وضعناه أمام ولاة الأمر (لينجحوا في مهمتهم وهم الذين يقرؤون ويكتبون ويفهمون ويشعرون )هي الصمت؟! , ومن حق الفنانين والمثقفين ان يعرفوا ويعلموا ويشعروا بفعلكم الثقافي وان يكون معاليكم وزيرا للثقافة حقا وصدقا وفعلا ,وكلنا كسينمائيين حتى من يختلف معكم أو معنا نريد لسيادتكم النجاح بالعمل معكم سوية لخدمة الفنون والثقافة العراقية,وفق خطة شفافة ومدروسة تجعل الفيلم العراقي بضاعة رائجة في سوق الفيلم تأتي بموارد تعزز الأقتصاد الوطني كما أكد عليه رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي , أما اللبس الحاصل لدى البعض بكون فن السينما غير مستحب أو مكروه فأقول لهم شاهدوا الأفلام الأيرانية ,زوروا مؤسسات الانتاج السينمائي الإيرانية؟ لتتأكدوا من
صدق ما نقول ؟أقرأوا عبارة المرشد الأعلى آية الله العظمى علي خامنائي الرائعة حول السينما تحديدا حينما قال ( أصنعوها جيدا لكي لا نرتقي المنابر) ومعنى ذلك أن خطيب المنبر ربما يخاطب العشرات أو المئات أو ربما الآلاف , لكن السينما بتأثيرها البصري وقوتها الجمالية تخاطب عشرات الملايين لتغير سلوكهم , عاداتهم ,تقاليدهم ,ثقافاتهم, واقترح إجراء حوار مباشر وصريح حول مسألة حرمة الفنون أو غيرها بين الأطراف الرافضة للفن,والفنانين والمثقفين,فالحوار والمكاشفة والتعارف يصنع المعجزات , وإذا ما أجرينا استفتاءا للمواطن العراقي لنعرف رأيه سيجيبنا الأغلبية من المواطنين كما انني اسأل عامة الناس في الشارع (نريد صالات عرض مسرحي ؟ نريد صالات عرض سينمائي؟ نريد معارض للفن التشكيلي؟ نريد حفلات موسيقية؟ نريد عروض باليه وعروض رقص شرقي ؟ فهل المعارضين للفنون يريدون فرض معتقداتهم الفقهية على الموطنين العراقيين مجرد سؤال بريء؟هل نحن دولة مدنية؟ هل نحن دولة دينية؟ أين هو شكل الدولة ونوع اقتصادها؟ رأسمالي؟ اشتراكي؟ اقتصاد السوق؟ وليتحقق هذا لابد لمعالي وزير الثقافة من التعجيل باتخاذ إجراءات حاسمة صارمة لمافيا الفساد( لأن التأخير يعني التسويف وضياع الأموال) التي نخرت
الأموال المخصصة للإنتاج السينمائي ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية , فيما يخص إنتاج الأفلام العراقية , والفوضى التي حصلت في عدم إعطاء الفرص للسينمائيين الحقيقيين , ومنحها لمن جاء يضحك علينا ويسرق نقودنا , وهذا ما كنت قد نوهت عنه قبل المباشرة بالمشروع وطالبت وزير الثقافة السابق بأن تستغل هذه المليارات من الدنانير في جانبين , كأن يخصص منها جزء لتأهيل دور العرض السينمائي, والقسم الآخر يخصص حصرا
للسينمائيين الشباب الذين شاركت أفلامهم في مهرجانات عربية ودولية ,ولم تحصل ولو دعوة واحدة لهؤلاء المبدعين ,بل طمست حتى المشاريع التي قدموها لنتفاجىء بسيناريوهات بائسة ومخرجين أكثر بؤسا وكأنهم خارج التاريخ وهذا أنما ينمّ عن فقرهم الثقافي والمهني وعجزهم عن الإبداع وفروسيتهم في الإيداع والسحب والتحويل مستهزئين بعقل المشاهد العراقي قدموا لنا كل هذه الخزعبلات وأؤكد هي خزعبلات , لا تنطوي على أبسط أبجديات اللغة السينمائية ((مثل نكتة مصورة اسمها مهرجان البلور,والغريب الواضح أن الدكتور المخرج الكبير والأكاديمي وفارس أقامة المهرجانات والاحتفاليات مستمر بإتحافنا بنكاته
المصورة وهو مازال يصدق نفسه واهما مثل غيره من الواهمين أنه يصنع فيلما سينمائيا )),و على شاكلته ظهرت لنا نكات أكثر فتكا بوعينا الجمالي فكان منها نكتة: (ليلى وبغداد) للمسرحي المغترب الحالم بأكل المسكوف بالشوكة البلاستيكية البيضاء بدل أصابع يديه وسرقة أموال الدولة ثم العودة إلى المهجر وكان يردد لكل من يقابله: (جئت من اجل العراق؟ (وأنا أحب العراق )؟ والحقيقة أنه تذكر بلده فقط ليفوز بغنيمة عائدا إلى مهجره المعتم كما غيره حينما أعلن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية – تلتها التحف السينمائية الأخطر في خداعنا فكانت كما يلي:- قسطرة, والمحلة ,و فلات ,و حنين,الحق أقول:- يجب أن يخجلوا مما صنعته أيديهم ويراجعوا تأريخهم , وألا يستمروا في التدليس على أنفسهم وعلينا وعلى وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح , والأغرب أن من فحص الأفلام ووافق عليها ظهر في قناة الحرة متنصلا مما وقعه بالموافقة عليها علما أنه لم يخرج فيلما واحدا . وأنا أتساءل ببراءة :- كيف يمكن أن يكون الفنان كذابا نصّابا ولصا وسارقا ومتهربا من المسؤولية ولا يحضر الجلسات النقدية ولا حتى العرض الجماهيري في المسرح الوطني ,فهل من فعل ذلك عنده ضمير أو حياء من نفسه على الأقل وحتى أمام المشاهد العراقي
المسكين , الذي كان يصرخ محتجا على رداءة بعض المسماة أفلام جزافا,وكانت وجهة نظري كباحث ومراقب لصناعة السينما في العراق , فقلت حينها وكان معي المخرج سالم شدهان وأعطينا تصريحا لجريدة الصباح عند الشروع بتنفيذ مشروع بغداد عاصمة الثقافة , ولم يوافق المسؤول الأعلى على نشره متحججا بأن تلك التصريحات ستخلق لنا مشكلة مع وزير الثقافة د.سعدون ,, فقلنا مانصه حينذاك:- إذا صرفت هذه المليارات على أفلام شيوخ المخرجين وبفعل توقعاتي من أفلامهم السابقة أن هؤلاء أساتذتنا المبجلون لن يضيفوا لما قدموه في الماضي بل ستنفق هذه الأموال لتذهب صنائعهم ألا سينمائية صاعدة إلى الرفوف العالية كما الزبد الذي لا ينفع الناس ولا يمكث في الأرض , وقبل المباشرة ببرنامج العروض الذي أعده قسم السينما في دائرة السينما والمسرح كنت أمنّي النفس بأن يكسر مخرجونا الكبار استنتاجاتي النقدية عن أفلامهم السابقة .ويقدموا لغة سينمائية في حدّها الأدنى , أو تحوي القدر الأدنى من أبجديات لغة السينما ,لكن الذي حدث عكس ما فكرت فيه أو أجبرت نفسي على توقعه, وهذا ما أحزنني لسببين ,الأول هو هدر المال والجهد والتعب الذي بذلته كوادرنا السينمائية , إضافة إلى الدعم المعنوي والفني وحتى الإداري الذي بذلته
الإدارة التي واصلت الليل بالنهار في تسهيل عملهم وتقليص الوقت اللازم لإكمال الموافقات الرسمية ولا ننسى هنا الجهد الجبّار الذي بذله السيد معاون المدير العام الأستاذ إسماعيل الجبوري رجل الإدارة الميداني المحنّك وكل من عمل معه , وهذه حقيقة ميدانية ملموسة,وليست مديحا , فليس من عادات الناقد المهني ,أو الذي يحترم تأريخه , ومنجزه الفني والفكري أن يقف مع المطبلين والمزمرين والمصفقين والمرائين لأن ذلك الفعل سيطلق أمام مدركاته الحسية والعقلية غمامة سوداء تحجب تذوقه لماهيات الجمال , نعود إلى فكرتنا , بأن كل التسهيلات التي قدمتها كوادر دائرة السينما لينجح أساتذتنا الذي أخذوا فرص غيرهم ,ولا تنسوا المحسوبية والمنسوبية وتكنيك تبويس اللحى ومسح الأكتاف والضيافة العربية الاصيلة في مطاعم الدرجة الأولى لما لها من فعل ساحر والذي يثبت حضوره في كل مرة , لكن ما صعقني كما صعق النقاد المعنيين عندما شاهدنا (أحلام اليقظة) للمخرج صلاح كرم صانع المسلسلات الجميلة , فحزنت وضربت رأسي شاعرا بالخيبة عندما شاهدنا (بغداد حلم وردي) للمخرج فيصل الياسري وكأنني أقول لنفسي لأصبرها على الغضب 🙁 أهذا فيلم فيصل الياسري ) هل أنا أحلم ؟ هل أصبت بالجنون؟! , ولكن لننتظر , ونرى فيلم أستاذنا
شيخ المخرجين قاسم حوّل , ترى ما لذي سيقدمه لنا بعد فيلمه (بيوت في ذلك الزقاق) المنتج في أواخرسبعينيات القرن الماضي وهو روائي طويل ,وفيلمه التسجيلي الممتع (الأهوار) وكالعادة وبوصفي شخصية تفاؤلية كنت أنتظر منه فيلمه الموسوم (بغداد خارج بغداد) فماذا رأيت؟ لقطات مملّة ومزعجة وتخبط في فهم المضمون وفوضى وخلطة عجيبة بين شخوص ملحمة جلجامش ,والأحداث في تأريخ العراق الحديث ,وإساءة لرموز العراق الشعرية مثل الزهاوي والسياب وغيرهم
فأظهرهم كشخوص كاريكاتورية تثير النفور وتشيع غباءا مستحكما في ذهن المشاهد ,وغضبا على ما يفكر فيه هذا الرجل من أوهام وخرابيط وهلوسة مقتنع هو:_ انها سينما؟ عجبي؟ ,أين الإيقاع ؟ أين التشويق؟ أين المتعة؟ , وأحيلكم إلى فيلمين سرياليين هما فيلم (كلب أندلسي) الذي كتبه وأخرجه لويس بونويل وسلفادور دالي وفيلم (دم الشاعر) ل..جان كوكتو لتشعروا بالمتعة الجمالية والتشويق والابتكار للشكل السينمائي المدهش هذا إذا ما حاججنا مخرج بغداد خارج بغداد بأنه أكتشف أسلوبا أو مدرسة جديدة في الإخراج وكل ما قدمه لنا لا يفضي إلى :- فكرة أو مضمون أو حتى رؤية , ولا
ننسى مأساته التي سبقت هذا الفيلم وهو فيلمه (المغنّي) الذي أنتجته شركة سينمائية فرنسية وكأن واقع الحال حول أساتذتنا المخرجين الثلاثة : صلاح كرم , فيصل الياسري , قاسم حوّل , يصرخ برأسي قائلا:- يا أحبتي لقد أسأتم لتأريخكم الفني ,والسينمائي وخدعتمونا ,واستغفلتم وزارة الثقافة,واستهترتم بالمال العراقي الحلال , وهدرتم فرص الحالمين بلغة سينمائية مؤثرة في سوق الفيلم والمهرجانات العربية والدولية (كما هي الأفلام المؤثرة التي أنتجها المركز العراقي للفيلم المستقل بإدارة مهنية يقودها الصديق المنتج عطية وأخيه المخرج المهم محمد الدراجي) , وصنعها السينمائيون الشباب الذين يعملون بكل مهنية ونقاء ونظافة يد لصنع أفلام عراقية بلغة سينمائية عالمية الشكل والمحتوى ,لقد سحقتم قلوبنا المحبة لكم وأحلامنا الوردية كما تسحق الزهور, ,(وهنا أطالبكم بالاعتذار والاعتراف بكل ما فعلتموه بنا) بأن قدمتم لنا أفلاما لا تستحق المشاهدة و لا حتى النقد؟! نحن الطامحون إلى سينما عراقية كثر الحديث عنها تقرأ الواقع العراقي وطنا ومواطنا بصدق وصنعة سينمائية مبهرة , وكأنني أقرأ العبارة التالية مسبوقة بالدموع طبعا مكتوبة فوق قبور أفلامكم : ((بعد ما شاب ,جابوه للكتاب(الملّة) … نهاركم سعيد…..