سألتني: العفو انت استاذ بالجامعة.. ؟
التفت الى اولادها الاربعة الملتفين حولها، وهم يحملون حقائبهم المدرسية، وانقدح في ذهني حجم معاناتها وهي تحاول ان تربي جيلا… في دولة يقودها (مماليك) يحاولون تدمير كل شيء لاشباع رغباتهم الشخصية والحزبية…
اجبتها بلطف: تفضلي..
قالت: هاي الكتب اللي يطوها للابتدائية هواي.. وصعبة كلش… يعني ما جاي انلحك.. وما يفتهم منها الطالب شي.. بلكت تحجون .. تسوون جارة…!
تكلم رجل كبير يجلس خلفي في الباص وقال: وليش يومية يغيرون المناهج..؟ حتى المعلمين داخوا.. واحنه خلصت فلوسنا من الاستنساخ..
ماذا اجيبهم… وانا افهم جيدا ان اشرار (الغبراء) يحاولون تدمير ذهنية اجيالنا… وتحقيق ارباح بطبع المناهج.. يغيروها لاجل عقود جديدة.. يطبعوها بالمليارت ويرموها في المخازن..
كنت سابقا اكتب عن هذه المواضيع، واقدم مقترحات … عسى ان تحرك العجلة… ثم توقفت عن الكتابة لقناعتي ان نية (التخريب) موجودة عند السلطة الفاسدة… ونية (التربية) مفقودة.. كذلك، اذا كتبت، يمكن لهم ان يحولوا اي مقترح نافع اكتبه الى تطبيق ضار… او يستخدموه لاغراض سياسية وضيعة…
اليوم اذا اقترحت ان جهاز لوحي لا يتجاوز سعره بضع دولارات ، يمكن له ان يحل مشكلة الطبع والكتب، لاكثر من عامين او اكثر… بل الجهاز اللوحي، قد يضيف فوائد كثيرة للعملية التعليمية، لانك ممكن ان تضيف (الميديا) واشياء مفيدة كثيرة…
لكن حتى هذا المقترح سوف يكون سببا للضرر، لان السلطة العميلة سوف تستخدمه بشكل سيء…تنفيذا لمخططها التخريبي..
قلت في نفسي… هم الحجي (الكلام) بعد ما يفيد..
اليوم.. كنت ادرس بنتي .. بكتاب (العلوم-النشاط) للصف الرابع ابتدائي.. وثارت ثائرتي على الظلم والمؤامرة التي ينفذها العملاء.. وقررت ان اكتب نقدا لاذعا وثوريا ضد هذه السلطة الفاسدة والفاشلة الحقيرة التي تحكم العراق منذ 13 سنة .. لكن تذكرت نصيحة (صديق) لي بان اقلل من حدتي … واكون ناصحا.. ولذلك اولا اقدم ملاحظاتي على هذا الكتاب.. وهي تنطبق على المناهج كافة.
اولا: مستوى المعلومات في الكتاب لا يناسب مستوى طالبنا… بل ينتج ارهاقا ذهنيا وشعورا بالاحباط لدى الطالب…
طبعا هسة يطلع واحد من (….) الوزارة ويحجي بالمستوى العلمي ورفع المستوى قوانين الامم المتحدة… ولكم (.. ..) جاي يجون طلاب السادس للكلية مالتنه .. اغلبهم ما يعرف شنو محيط الدائرة او مساحتها… ويكتب اسمه باخط المسماري… علما ان معدلاتهم تسعينات… وهاي الكارثة ما صايرة بتاريخ العراق…
انا درست اول ابتدائي عام 1969 بالقراءة الخلدونية وبكتاب الحساب الازرق بس… وخلصت الاول ابتدائي وصرت اقره جريدة … هسة حاطين كومة كتب… واغلب الطلاب كل شي ماكو…
ثانيا: مثلا صفحة 6 من الكتاب اعلاه، الذي يصلح منهجا لكلية الطب .. في النقطة 6: استنتج : لماذا تزداد اعداد البكتريا في الطبيعة بسرعة كبيرة؟
قرات الموضوع ولم اجد جوابا لهذا السؤال الغامض.. واتحدى وزارة التربية اذا تجيب على هذا السؤال .. الذي تم توجيهه الى طالب انهى صف الثالث الابتدائي قبل اشهر…
وهسة هم يطلع (…) من الوزارة ويكول: الطلبة يجيبون على الاسئلة الوزارية، وهذا يعني ان المناهج قد حققت غرضها… وان المستوى العلمي كذا وكذا… اي صح لان الاسئلة معروفة عند الطلبة من تكرارها.. نفس الاسئلة تتكرر والاجوبة محفوظة… وحتى اخطاءكم بالاسئلة تتكرر… لان (كوبي) و (بيست)… كولو لا..؟
ثم بدات اساعد ولدي في الصف الثاني ابتدائي، في حل واجب درس الاسلامية .. طلبوا منه يكتب الدرس مرتين… وانا اساعده في حل الواجب، تذكرت ان الهدام .. كان يقطع افلام الكارتون ويطلع الاذان… بطريقة خبيثة تجعل الطفل ياخذ موقف سلبي باطني من الاذان… واعتقد ان العصابة في الوزارة تكرر ذلك بطريقة ذكية..
قلت في نفسي.. وزارة التربية راح تدمر الاجيال.. وتنهي العراق.. وهي العدو الاول للاسرة العراقية، لانها فارغة تماما واكيدا، من اية مؤهلات علمية ومهنية. لان كل وزير يجي يديرها حسب مزاجه ومزاج حزبه وربعه والامور تايهه.. شنو الحل؟
الغاء التربية ووزارة التعليم وتاسيس هيئة مستقلة بعنوان “هيئة التربية والتعليم” لماذا؟
اولا: الهيئة يفترض ان يكون لها مجلس او هيئة جماعية تخصصية، محكومة بثوابت ومنهجية وطنية ثابتة.
ثانيا: ذات طبيعية مؤسساتية، تدار من قبل خبراء مؤهلين، ولا تحكم بمزاج شخص متخلف افرزته المحاصصة.
ثالثا: الهيئة توازن بين التربية والتعليم، ولها خططها الخمسية، فضلا عن تحديد الاستتراتيجيات، والمنطلقات.. وغير ذلك.
علما ان هذا معمول به في بلدان عدة… واعتقد انه ضرورة لانهاء انحدار التربية والتعليم.. والتقليل من معاناة الاسرة العراقية… لكن هذا اذا كان البرلمان ما جاي بالتزوير…
اذا بقت المفوضية والمحاصصة… راح تزيد الامور سوءا..