19 ديسمبر، 2024 12:15 ص

وزارة خارجية العراق أم إيران؟!

وزارة خارجية العراق أم إيران؟!

ليست من باب الصدفة أو من دون سابق إنذار أن تبادر وزارة الخارجية العراقية الى إصدار بيانات رفض أو شجب أو إدانة أو عدم موافقة على أية مواقف إقليمية أو دولية غير إيجابية من نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، الى الحد الذي يمکن القول فيه بأن وزارة الخارجية العراقية ولاسيما في عهد إبراهيم الجعفري، صار أشبه بالرصد الذي يتکفل بمهمة متابعة کل المواقف الدولية المتعلقة بإيران، فإذا کانت المواقف إيجابية فتتم الاشادة بها أما إذا کانت سلبية فتتم إدانتها!
الانسحاب الامريکي من الاتفاق النووي الذي کان بمثابة مصيبة على بلدان المنطقة عموما و العراق خصوصا، عندما قامت طهران ببسط نفوذها على بلدان في المنطقة وفي مقدمتها العراق بشکل تکاد أن تطبق على الانفاس، هذا الانسحاب لو لم يکن بوسع العراق الترحيب به کما فعلت العديد من بلدان المنطقة فکان يکفي أن يلتزم الصمت على الاقل، ولکن يبدو أن وزارة الرصد بقيادة الجعفري تأبى ذلك و تصر على أن يکون لها شأنا وعلى عادة الجعفري”المتفلسف”، فإن بيان وزارته حرصت أن تصف قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران “متعجل وغير محسوب”، وکأن وزارته لاتتعجل في مواقفها و تتحسب لکل شئ خوفا على مصلحة العراق المصادرة بيد النظام الايراني!
بيان وزارة الجعفري تضيف أيضا بأنها تتابع”باهتمام بالغ التطورات الأخيرة والخطيرة بخصوص قرار الرئيس ترمب انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي”، من دون أن تتکلم هذه الوزارة ولو ببنت شفة عن الاسباب التي دعت الرئيس ترامب للإنسحاب من تلك الاتفاقية، فإلى جانب کونها لم تلجم إيران صاروخيا، فإنها فتحت الابواب أمامه ليبسط نفوذه على بلدان المنطقة ومن ضمنها العراق، وإن ترامب يريد تصحيح الخطأ الکبير الذي قام به سلفه أوباما عندما سمح لطهران بأن تتصرف بهذا الشکل السلبي و توظف الاتفاق النووي کستار و کواق لمخططاتها في المنطقة و العراق.
هذا الانسحاب الذي زلزل الارض تحت أقدام الاوساط السياسية الحاکمة في طهران لأنه يمهد من أجل فتح الابواب لمراجعة ماقد أقدمت عليه من إجراءات و ماحققته من مکاسب غير مشروعة على حساب أخطاء السياسة الامريکية في المنطقة و العراق، هو إجراء وجد فيه الشارع العربي جانبا إيجابيا لأنه يقوم بغلق الباب الذي فتحه الامريکيون بأنفسهم أمام إيران وإن ترامب يسحى لإغلاقه، والافضل لفيلسوف وزارة الخارجية الذي لايفهم الکثيرون أحيانا تصريحاته لغرابتها و عبثيتها و تعابيرها الجنجلوتية، أن ينتظر قليلا ليرى هل حقا إن قرار ترامب کان مستعجلا و غير محسوبا؟