لا نعرف العدد الحقيقي لعدد الطلبة الحالي في المدارس والثانويات لوزارة التربية ، ونخشى أن يكون العدد غير معروف كما هو الحال في وزارتي المالية والتخطيط بعد التصريحات التي تعبر عن الجهل بالعدد المضبوط للموظفين في دولتنا التي نشأت منذ قرن ، وبغض النظر عن العدد المضبوط او بالتقريب فان التربية لها شان مهم لدى الملايين من الشعب فاغلب العوائل لها طلبة بمختلف المستويات ، وكما هو معلوم في العراق فان شؤون الطلبة تأخذ حيزا من اهتمام العوائل لان الغالبية تسعى لتامين مستقبلا مطمئننا لأبنائهم من خلال التعليم ، واغلب الظن إن كثير منهم يسعى لاجتياز أبنائهم عتبة السادس الإعدادي لكي تكون لهم فرصة للقبول في المعاهد والكليات ، وهناك عوائل تهتم بدراسة الأبناء وتجعله الشغل الشاغل لهم في نيل دراسة المجموعة الطبية ليكون أبنائهم ( برأسهم خير ) لان الخير في الدراسة بات يأتي من خلال ضمان التعيين ، وكما هو معلوم فان عوائل الطلبة مرت بحالة من القلق والخوف في العام الدراسي الماضي ( 2019 / 2020 ) بعد أن احتلت كورونا اهتمام العالم بجهاته الأربعة ، واستطاعت وزارة التربية إخراج الجميع من هذا المأزق من خلال القبول بأدنى من الحد المألوف عندما احتسبت درجات نصف السنة معيارا لاجتياز العام الدراسي ، ووضعت تسهيلات لطلبة السادس الإعدادي في حذف بعض المواد وتقليص المناهج الداخلة في الامتحان ومنح تسهيلات في نوعية الأسئلة والتصحيح ، بحيث ظهرت نتائج أكثر من التوقعات أجبرت وزارة التعليم للرضوخ لها من خلال التوسعة في القبول بالمجموعة الطبية وبما يمكنها من استيعاب عدد كبير من المتخرجين بمعدل 98% فما فوق .
واغلب الناس لم يكونوا متحمسين في تقبل واقع العام الدراسي الماضي رغم إن الكثير استفاد من اجتياز أبنائهم المرحلة التي هم فيها وان كان ذلك من ضروب المستحيل للبعض ، والكثير عول على العام الدراسي الحالي ( 2020/ 2021 ) لتصحيح ما حصل في العام الدراسي السابق من خلال التعويض عن النقص في إكمال المناهج بافتراض إن مناهجنا التربوية ترتبط يبعضها البعض بشكل ( كبير) ، ولكن ملامح العام الدراسي الحالي لم تثلج صدور العوائل الحريصة على مستقبل أبنائها حيث لا تزال كورونا تتسيد الاهتمامات وبلدنا ليس فيه العدد الكافي من المدارس لاستيعاب وتطبيق التباعد المكاني وتجنب الملامسة والاختلاط ، فأصدرت التربية تعليمات بجعل الدراسة حضوري في المدارس أشبه بالخفارات وبمعدل يوم واحد في الأسبوع ، ويتم استكمال متطلبات الدراسة للأيام التالية من خلال التعليم الالكتروني الذي تحول إلى موضوع يتندر فيه الكثير ، لان المتطلبات الأساسية لهذا النط من التعليم غير متوفرة من حيث الرغبة والقدرة والبنى التحتية ، والبعض يراه يتعارض مع مبادئ العدالة الاجتماعية الواردة في الدستور كونه لا يوفر تكافأ الفرص نظرا للتباينات بين أوضاع الأغنياء والفقراء ، ورغم كل الملاحظات فقد قبلت العوائل العراقية الكريمة بحلول وزارة التربية من باب القبول بالأمر الواقع والافتراض باستحالة أن يكون هناك حلا مثاليا في بلدنا للأسباب المعروفة للجميع ، ومن خيبات الأمل في هذا العام الدراسي هو عدم إمكانية تعويض ما فات من العام الدراسي الماضي للحفاظ على المستوى العلمي لأبنائهم وقبول بما يضمن اعتراف الدول الأخرى بشهاداتنا فيما بعد لان ، عقدة الزحف التي منحها الراحل عبد الكريم قاسم في عام 1959 لا تزال حجة لدى البعض في الطعن بمستوى التعليم في العراق .
ومن المفاجآت الأخرى للعام الدراسي الحالي ما حصل قبل أيام بالتزامن مع قرار اللجنة العليا للسلامة الصحية والتي اتخذت قرارات بخصوص فرض الحظرين الكلي والجزئي بدءا من يوم الخميس 18 شباط الحالي لمدة أسبوعين قابلة للتمديد ، فقد كانت المدارس وطلابها يتهيئون لأداء الامتحانات الفصلية ونصف السنة في موعد أبقى الناس في المجهول ، فهيأة الرأي في الوزارة لم تحدد موعدا لاحقا للامتحانات لكي يستفيد الطلبة من الحظر في التهيئة لها حيث علقت الوزارة قراراتها على قرارات خلية الأزمة بخصوص انتهاء او تمديد الحظر ، كما صدرت تصريحات بخصوص أداء الامتحان الحضوري على وفق المراحل أي أن يكون أسبوع للأول يليه أسبوع للثاني وهكذا ، وهي طريقة تستنفذ الكثير من الوقت ونحن على أعتاب شهر آذار ولا نزال في النصف الأول من السنة الدراسية ، والبعض روج خبرا مفاده باحتمالية تأجيل العام الدراسي للسنة الحالية نظرا لانتشار سلالات من Covid – 19 التي تجعل الأطفال ليس بمنأى عن الإصابات ، وتأجيل العام الدراسي يبدد آمال الجميع في عبور المرحلة الحالية ولو على طريقة العام الماضي التي لم تعجب الجميع ، وازاء قلق الطلبة وعوائلهم وما يتسببه هذا الموضوع من توترات لدى الكثير تظهر وزارة التربية وكأنها لاتمتلك حلولا لمعالجة هذا الموضوع المحرج ، فهي لا تريد أن تتبنى ( الزحف ) كما إنها لا تستطيع التعويل على التعليم الالكتروني في إعطاء الدروس وأداء الامتحانات لان معوليته منخفضة بالفعل ، كما إنها لا يمكن أن تخالف قرارات خلية الأزمة لأنها جزءا من الدولة ومن وضع عام على المستويين المحلي والعالمي ، وازاء هذا الصمت يبقى الترقب سيد الموقف وهو ما لا يليق بوزارة مهمة تخص قطاعات كبيرة من الشعب ، ولغرض معالجة هذا الموقف فان الطمأنة مطلوبة من خلال استبعاد فكرة تأجيل العام الدراسي وتبني فكرة تمديد العمل به ، فالشهر القادم سيشهد وصول اللقاحات والحكومة تنوي شراء 25 مليون جرعة مما يعطي أملا بانفراج الأزمة شيئا فشيء ، ومن الممكن إخضاع الوضع التربوي لذلك الانفراج بإعطاء الأمل الذي يحؤول دون خسران الطلبة لعام دراسي ورفع المجهول بهذا الخصوص .