تشكلت وزارة مصطفى الكاظمي بغفلة من الزمن أم بتقصير من الاطراف التي سمحت بتشكيلها وهي غير آبهة بمصير العراق الذي كان قاب قوسين او ادنى من الصعود إلى الهاوية؟ جميع تلك الاطراف كانت نفسها وراء حرمان حيدر العبادي من تكليفه بتشكيل حكومة ثانية بعد انتهاء فترة حكومته الاولى، والمجيء برئيس حكومة لم يشارك لا في انتخابات ولم يمتلك أي غيرة على مصير العراق ايضا.
حكومة العصابة تلك تقاسمت وزاراتها أطراف داخل وخارج العراق، وبادق العبارة، لقد ساهم في اختيار وزراءها حتى طارق الهاشمي الذي بدأ مشوار السياسة هذه المرة من خارج الحدود بعد اتهامه بقضايا الإرهاب، وهروبه على اثر ذلك خارج العراق إلى تركيا ومنها إلى قطر. قد يخالفني الرأي بعض المحللين فيما اذهب اليه عند مقارنة اوجه التشابه بين حكومة عادل عبد المهدي وحكومة مصطفى عبداللطيف، اللذان يجمعهما عامل مشترك، ولربما أكثر من عامل، لكنهما بحق حكومتا عصابة بمعنى الكلمة، خصوصا اذا كان الفاعل في دعم تلك الفكرة، هو نفس الشخص الذي كان جزءا من تلك العصابة وهو المسؤول الاول عن جهاز المخابرات في الوزارة الاولى ورئيسا للوزراء في الثانية. وحينما يصل الامر في وزير ما بتقديم شكوى على موظف في وزارته، إلى رئيس جهاز المخابرات، ويقوم رئيس الجهاز بترويع الموظف وعائلته وحجزه في اقبية سجون المخابرات، فتلك دلالة كافية على أننا أمام عصابة تحكم وتستغل مناصب الحكومة ابشع استغلال للتقوية على المستضعفين من ابناء الشعب العراقي. هذا ما حصل فعلا في حكومة عادل عبدالمهدي، أما في حكومة مصطفى عبداللطيف التي ضمت وزراءا بعثيين أكثر عددا من الوزراء الذين كانوا ضحايا للبعث المجرم، فحدث ولا حرج في بروز مظاهر العصابات فيها، واستغلال المنصب ضد العراقيين الشرفاء. واحدة من تلك المظاهر كانت في استغلال وزير لعلاقاته مع أجهزة دولة الاقامة التي آوته في منتصف التسعينات وفي فترة الحصار الجائر على الشعب العراقي، حينما وصلها وهو لايمتلك ثمن الاقامة في فندق من فنادقها لليلتين، فقصد سفارة النظام الصدامي ليستعين بسفيرها الذي طلب هو الآخر من السائق الهندي أن يساعده لأنه معدم الحال. ذلك الوزير الوفي لنظام المجرم صدام، اقام الفاتحة في بيته ترحما على روح رأس النظام واولاده حين تم القضاء عليهم، وعندما اصبح وزيرا في حكومة الكاظمي، بقى على وتيرة واحدة من الوفاء للبعث واذنابه، فقام بالتعاون مع بعض موظفي السفارة، بالسماح بإدخال اولاد المجرم وطبان التكريتي إلى مدرجات الشخصيات الهامة جدا في استاد خليف الدولي بالدوحة، وبتذاكر بعض الموظفين الذين حرموا من التواجد لحضور مباراة كرة القدم المقامة بين فريق المنتخب الوطني العراقي ونظيره الايراني في تصفيات نهائي ابطال آسيا، وبغياب الجماهير المشجعة للفريقين، بسبب الإجراءآت الاحترازية لفيروس كورونا آنذاك. لم يكتفي ذلك الوزير بهذا العمل، بل قام باستغلال منصبه لكي يتعدى على بعض الموظفين في السفارة ممن استنكروا فعلته، وبطريقة العصابات ايضا، ليطلب من وزير الخارجية بنقل اولئك الموظفين من العمل في البعثة إلى جهة أخرى، فكلف من اتباعه من يتصل بوزارتهم وبشكل يومي للضغط على وزارة الخارجية لكي يتم نقلهم من قطر. وفي نفس الوقت قام بالاتصال ببعض معارفه ممن يعملون في الاجهزة الامنية القطرية ليحرضهم ضد الموظفين الذين استنكروا عليه ادخال اولاد المجرم وطبان لحضور مباريات المنتخب العراقي، مدعيا أنهم اهانوا اولاد وطبان وقاموا بسبهم والتعدي عليهم في الملعب وهذا لم يحدث اصلا. من عاش سنين رعب عصابة الاجرام الصدامية يستطيع ان يفكر بسهولة فيما لو انعكست الصورة وكان هناك وزير لدى المجرم صدام ويقوم بإدخال احد افراد الاحزاب المعارضة لعصابته ايام حكمه الديكتاتوري إلى ساحة ملعب يلعب فيها الفريق العراقي، فكيف ياترى سيكون مصير ذلك الوزير؟!