5 نوفمبر، 2024 6:34 ص
Search
Close this search box.

وزارات لكل العراقيين

وزارات لكل العراقيين

منذ سقوط الصنم عام2003  والعراق يعاني من مشكلة مستعصية قد تكون من اهم الاسباب في التدهور والتداعي الحاصل في الناتج الصناعي والزراعي والعلمي والثقافي وحتى الحضاري لجميع وزارات ومؤسسات الدولة العراقية الحديثة ،وكذلك النكوص والتراجع والاحباط الذي يعانيه الفرد العراقي المغلوب على امره ..ألا وهي المحاصصة الحزبية والاثنية والقومية لهذه الوزارات ومؤسساتها ..فهذه القاعدة والسابقة الشاذة والخطيرة التي أسس لها المحتل الامريكي ، وكانت بوادرها مجلس الحكم ، الذي مثل  نقطة الشروع لهذا التقسيم والذي أستطال ليدخل في ادق تفاصيل  حياة  الانسان العراقي ،فبعد اربعة حكومات وطنية تشكلت خلال العشرة سنوات الماضية ، قسمت فيها وزارات الدولة على اساس مناطقي وعرقي وطائفي وحزبي فأصبحت مقاطعات وكانتونات ، يعامل فيها العراقيون على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم وفق انتقائية ، تخضع لمدى قربهم او بعدهم عن الجهة التي تدير هذه الوزارة او تلك ..سواء كانوا من منتسبي تلك الوزارات او من المواطنين المراجعين لها لقضاء حوائجهم ..فبعد ان غيب التكنوقراط والاختصاص في رأس الهرم  عنها  قسرا لاسباب حزبية ضيقة ، انحدر هذا التغيب ليشمل اختيار القيادات من الدرجات الخاصة والقيادات الوسطية وفقا للمعادلة السابقة نفسها ،وأقصيت  اغلب الكفاءات الوطنية المخلصة والنزيهة مقابل الولاءات الحزبية والطائفية ، مما سبب تراجع وارباك في ادارة الدولة ..وتولدت حالة الامبالات لاغلب موظفيها نتيجة هذا التهميش والانتقائية في التعامل والتمييز بينهم  من قبل مرؤوسيهم في العمل  ، والتي خضعت لنفس الاسباب السابقة ..وهذا سبب تراجع في الاداء والاخلاص في العمل لهؤلاء الموظفين ،وقد اضطر البعض من الانتهازين وضعيفي النفوس منهم الى لعب دور الحرباء لتمشية امورهم مع هذه المعادلة المخطوئة والشاذة ، فتراهم وفي سنين قليلة تتغير ولاءاتهم وانتماءاتهم الحزبية وحتى العقائدية والطائفية تبعا للجهة التي يمثلها الوزير او المسؤولين الكبار في وزارته فيتحركون من اقصى اليمين الى اقصى اليسار وفق مصالحهم الشخصية والانية ..حتى اصبحوا  كالمثل البغدادي القديم (خوجة علي ملة علي )..وهي قصة رجل الدين البغدادي  المراوغ الذي سعى الى طلب السلامة والمعيشة الجيدة في ظل قوتين كانتا على طرفي نقيض فكريا وعقائديا ، وهما الدولة العثمانية والدولة الصفوية ..فأذا جاء الصفويون اصبح خوجة علي واذا ازاحهم العثمانيون اصبح ملة علي .. واما المواطن البسيط القاصد لهذه الوزارات فناهيك عن مايعانيه ويتكبده من مشقة لانجاز معاملة ما  ، واستجدائه لمن ينصت اليه ..حتى اصبحت ظاهرة (الموظف العرف ) او تقديم الرشوة سنة متبعة في اغلب هذه المؤسسات..لذا ونحن مقبلين على حكومة جديدة نستبشر فيها خيرا ..على الرغم من ان اغلب المؤشرات وتبعا للمفاوضات الجارية لتشكيلها تولد بعض الاحباط للمتابعين لها ، حيث لازال الحس الطائفي والقومي هو السمة الغالبة عليها  ..والصوت الاعلى من بين كل الاصوات ..لكن مع  ذلك ليس لدينا غير التفائل وانتظار الاحسن ، بعد تجربة مريرة دامت لعشر سنوات غابت فيها ملامح الدولة والمواطنة ..فرجائنا اليوم ان يوضع الأكفاء وكلا حسب اختصاصه ومقدرته الادارية والعلمية في قيادة الوزارات ومؤسسات الدولة بغض النظر عن انتمائه وتوجهاته ..وكذلك ان تكون التعيينات الجديدة فيها خاضعة لمقاييس الكفاءة والاختصاص لا لمقايس الانتماء القبلي والحزبي ، وان تكون الحكومة القادمة  بوزاراتها ووزرائها لجميع العراقيين الكل يعامل فيها على حد سواء ، وفق مبدء المواطنة بغض النظر عن الانتماء  الذي يمثله ..واعتقد ان هذا المطلب ليس بالمستحيل .

أحدث المقالات

أحدث المقالات