نحن من نصنع الإرهاب نحن من نصنع أحدث النسخ و أكثرها دموية و عنفاً فما زالت مصانعنا ( مجتمعاتنا ) مستمرة في إنتاج أفضل الأصناف في التطرف و الإرهاب و بجودة تستحق الوقوف عندها الغريب في الأمر أن هذه المصانع هي الوحيدة التي تعمل ليل نهار و مجاناً دون كلل او ملل لكنها لا تعرف كمية الأنتاج و نوعيته و بماذا سيستخدم المنتوج .
فمن غير المعقول تحويل طفل سرق ( ورق كلينكس ) بقيمة 70$ الى مجرم او صاحب عقد نفسية تنتهي به الى قتل نفسة و قتل آخرين ربما مهما كانت اسبابه و دوافعه للسرقة ، انا هنا لست في معرض الدفاع عن الخطأ بل هي محاولة لتصحيح الخطأ و محاولة احتواءه قبل فوات الأوان فلا يوجد جينات مسؤولة عن الإجرام و القتل في الإنسان بل هي ظروف و ردات فعل تحول الإنسان من شخص طبيعي الى وحش كاسر لايمكن السيطرة عليه و التعامل معه ، تطبيق القانون مهم جداً لخلق مجتمع صحيح لكن هناك استثناءات لأسباب صحية و إنسانية حتى في حالات الإعدام و النفي فما بالك بطفل يبلغ ١٢ ربيعاً ، لكل فعل في الدنيا ثواب و عقاب لكن أيضاً يسمى الطفل لدينا في العراق ( جاهل ) و هي كلمة ذات معنى حقيقي فالطفل جاهل لأغلب مايدور حوله و يحتاج الى تربية و تقويم لا الى سجن و تعذيب .. يجب ان تكون هذه الحادثة منعطف في المجتمع لنشر ثقافة التعامل مع الأطفال و تربيتهم بصورة صحيحة من أجل صنع أجيال تحارب التطرف و الإرهاب و الخطأ ذاتياً من تلقاء نفسها حتى لا نحتاج الى جيوش و رصاص و دماء تسيل و مدن تهدم على ساكنيها للتخلص من هذه الآفة التي نخرت الجذور قبل الفروع .
الإرهابي ابو بكر البغدادي مثالاً حياً على سوء تعامل المجتمع فحسب المعلومات المنشورة عنه في الوكالات العالمية كان طالب علم في أرقى الجامعات العراقية ( جامعة صدام ) سابقاً النهرين حالياً أصبح اليوم من أعتى عُتاة الإرهابيين لا بل خليفتهم ، الأسباب و الدوافع تختلف و بالتأكيد مهما كانت فهي لا تسمح له او تشرع قتل الناس و إرهاب المواطنيين الآمنين لكن ربما لو أن المجتمع ساعده في التخلص من أسبابه او عقده لما كان ماهو عليه الآن ، لكنه لم يجد من يحل هذه العقد النفسية داخله و يساعده للخروج من أفكاره المظلمة او المتطرفة بل على العكس المجتمع نبذه و حوله الى أرض خصبة جاهزة لزراعة الحقد و الكره و القتل و كما هو معروف من يزرع يحصد فكان حصادنا وفيراً جداً تحول آلاف من أفراد المجتمع الى إرهابيين و قتلة مع ملايين من النازحين و المشردين و عشرات الألاف من القتلى و الجرحى و زيادة الشرخ بين أفراد المجتمع و تدمير مدن بأكملها ، نعم هو المجتمع من يتحمل الجزء الكبير في صنع التطرف و الإجرام و الإرهاب فالمجتمع المتماسك عموماً تنتشر فيه قيم المحبة و التسامح و التعاون و بالتالي تقل فيه الجريمة و التطرف بأنواعه و يكون أفراده حريصون على ديمومة هذه النعمة و العكس في المجتمعات المتفككة فهي ولادة للمجرمين و تكثر فيها تجارة السلاح و المخدرات ومعدلات الجريمة دائما تكون أعلى من معدلات الصحة و النمو و التعليم ذلك أن المصلحة الشخصية للفرد أهم من مصلحة المجتمع وبالتالي سيصبح لفظ كلمة مجتمع على هذه المجموعة خطأ لغوي و معنوي و للأسف هذا ما نحن عليه الآن .