19 ديسمبر، 2024 12:25 ص

ورطة عبدالمهدي ونفاق رفاقه السياسيين

ورطة عبدالمهدي ونفاق رفاقه السياسيين

على اثر استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين خلال اليوميين الماضيين سيخرج علينا عدد من السياسيين ورؤساء الكتل السياسية بسيل من الانتقادات الموجهة الى عادل عبدالمهدي وكابينته ، مع انهم جميعا ونقول جميعهم يقفون موحدين تجاه اي حراك جماهيري رغم كل خلافاتهم الشخصية حتى بين شخوص الحزب الواحد او الكتلة الواحدة ، في ضرب ذلك الحراك ، فلو تسنى للبقية ان يكونوا في سدة الحكم ، فان اجراءاتهم هي ذاتها في التصدي لاية حركة احتجاجية كما شهدنا في فترات سابقة ، لان هذه الاحتجاجات تعني تهديد لمكاسبهم وامتيازاتهم التي حصلو عليه في غفلة من الزمن ماكان لهم منها لو كانت الظروف تجري وفق الضوابط والقوانين الوضعية او السماوية ، لذلك من مصلحتهم ان يلجأوا الى استخدام هذا الاسلوب المفرط من القوة ضد اناس عزل تحت شتى الاعذار ، مرة تهديد الامن الوطني ، ومرة مؤامرة خارجية ، ويضاف الى اسلوب استخدام القوة المفرطة اجراءات اخرى مثل فرض حظر التجوال وقطع شبكات الانترنت ومداهمة المنازل لاحقا واعتقال الكثير من الاشخاص والذين نتوقعه بعد انتهاء موجة الاحتجاجات هذه ، وربما بل سيكون امرا محتما ايضا ان تشن حملة اغتيالات للناشطين المدنيين كما حدث في البصرة خلال احتجاجات صيف العام الماضي

وسيتحمل عادل عبدالمهدي لوحده تبعات هذه الاحداث وسيظهر الاخرين بمظهر الحمل الوديع المسالم المحب للشعب المتعاطف مع مطاليبهم التي سيوصفونها بالعادلة والمشروعه رغم انهم شركاء في الحكومة والنهب المنظم لموارد الدولة ،

هذه المواقف تذكرنا بازدواجية ونفاق هؤلاء ، في موضوع حل الجيش العراقي السابق ، ففي زمن بريمر اتفق الجميع بلا استثناء ، (ومن ينكر ذلك عليه تقديم ما يثبت رفضه ووقوفه معارضا للحل ) لحل الجيش ، الا انهم وبعد مرور سنوات على حله وتعاظم الارهاب والاقتتال الداخلي بين ابناء الشعب صاروا يتسابقون في انتقاد عملية انهاء الجيش السابق ، وان بريمر هو من دعا الى ذلك ، في حين ان حل الجيش العراقي السابق كان مطلبا اسرائيليا بلسان كردي وايرانيا بلسان بعض الشيعه وخليجيا وفق سكوت بعض السنة ،

صحيح ان صدام كان سببا رئيسيا في حرف مهمة الجيش العراقي المعروف بمواقفه الوطنية في معارك فلسطين عام 1948 وحرب حزيران 1967 وحرب التحرير عام 1973 ، اضافه الى مواقفه الوطنية خلال فترة الحكم الملكي قبل ثورة تموز عام 1958 ، عندما جعله اداة تنفيذيه لمغامراته الطائشة في حرب الثماني سنوات مع ايران ومن ثم دخوله الكويت التي كانت بمثابة رصاصة الرحمة على مهنيته ،

ولان هؤلاء ليسوا بمؤهلين لادارة الدولة لم يستوعبوا تجارب الاخرين في الحفاظ على مؤوسسات دولهم وخصوصا قواتها العسكرية لحفظ امن المجتمع وترسيخ السلام فيها عند تعرض بلدانهم لظروف مشابهه لما تعرض له العراق ،وليس ببعيد التجربة الايرانية التي اسست على انقاض النظام الامبراطوري نظام الجمهورية الايرانية الاسلامية دون ان تمس الجيش بسوء ولولا ابقاءه ، لكان صدام قد اجهض على الثورة طبقا للمخطط الاميركي الذي عجز عن اثناء الشعب الايراني عن ثورته ضد الشاه ، وكان بامكان ساسة العراق الجدد من الحفاظ على الجيش العراقي وغربلة قياداته التي لا تتلائم والمرحلة الجديده من وجهة نظر هؤلاء الجدد والحفاظ على معداته والياته واسلحته الضخمة ، بدلا من يتمكن منها الاكراد وبيعها كحديد خرده الى تركيا وغيرها من البلدان ، بعد ان استحوذوا على معداته المهمة والحديثة واستخدامها في تسليح القوى الكردية لتمكنها من مقارعة بغداد والحصول على مكاسب وعلى حساب بقية العراقيين الذين اذلهم الواقع السياسي الجديد بعد ان كانوا يمنوا النفس بواقع افتراضي جميل عند رحيل الدكتاتورية البغيضة ،

كان لنفاق هؤلا ء وقعا قد لا يعرف حجم اثاره السلبية على العراق وشعبه من خسائر مادية وبشرية هائلة ، جراء الغاء الجيش السابق وما تبع ذلك من تخريب منظم للبنى التحتية وافتقاد الامن والامان وتمزيق النسيج الوطني الاجتماعي في ظل عدم وجود مؤوسسات عسكرية وامنية من تلك الموغلة في التمرس مثل مؤوسسة الجيش العراقي والمؤوسسات الامنية التي يمكن تهذيب بعضها خصوصا تلك المرتبطة برأس النظام السابق التي يمكن على اقل تقدير اتن تحافظ على وحدة العراقيين وبالتالي تجنب الخسائر الهائلة التي تلت هذا الاجراء

كل ذلك بسبب رغبة بضع اشخاص دفع العراقيون اثمانا غالية لو تسنى لمنصف من تقييم خسائرها في كل المجالات لبلغت ارقاما فلكية قد تتعدى العديد ترليونات من الدولارات ، اضافة الى فقدان فرص تطور في عالم يكاد ان يكون تطوره على مدى لحظات ودقائق والعراق يتاخر عقود وعقود

واليوم يعيدون نفس السيناريو حين تملصوا من مسؤولياتهم وتحميلهم لبريمر رغم سطوته وخوفهم منه ما اتفقوا عليه من الغاء للجيش السابق ، بتحميل عادل مهدي الضعيف شخصيا للتصدي للمسؤولية لتحقيق مبتغاهم دون ان يكون لهم ظهورا علنيا وبنفس الوقت تحميله كل المثالب دون ان يكون لهم مسؤوليه واضحة مثل ما يحدث اليوم ، فالاجدر بهم ان يستمعوا لمنطق العقل والصواب وان يتخلوا عن اسلوبهم المراوغ هذا والنزول الى رغبة الشعب في التنحي جانبا والغاء كل القوانين التي ادت الى تبذير موارد العراق والغاء المحاصصة التي دمرت الدولة العراقية ، ليتسنى للعراقيين المخلصين بناء وطنهم ، قبل ان تكون نتائج نفاقهم في معالجة تظاهرات اليوم شبيه بنتائج نفاقهم في الغاء الجيش وتدمير البلد جراء هذا الالغاء.