22 نوفمبر، 2024 11:52 م
Search
Close this search box.

وداوي السياسة بالسياسة!!

وداوي السياسة بالسياسة!!

السياسة علم وفن وحيلة , وجوهرها إبتكار الوسائل والدروب المحققة للمصلحة , وهي سلوك فردي وجماعي , تنتفي فيه المعايير والقيم والأخلاق مهما توهمنا بأن السياسة ذات أخلاق , ذلك أن المصلحة يمكن تبرير الوصول إليها مهما كانت القيم والأخلاق عريقة وعظيمة , وهذا يفسر أن جميع العقائد في تأريخ البشرية إرتكبت الخطايا والآثام بإسم ما فيها من المعايير السامية.

والسياسة لعبة شطرنج بحتة , تتحول الموجودات بتفاعلاتها إلى بيادق تتحرك وفقا لخطة محكمة وآلية هجومية ودفاعية تهدف للوصول إلى غايتها , التي تحسم اللعبة بالنصر لأحد الأطراف والهزيمة للآخر.

والذي لا يعرف لعبة الشطرنج جيدا لا يمكنه أن يكون سياسيا ماهرا , ولهذا فأن من ضرورات السياسة الناجحة وعي قوانين وقواعد لعبة الشطرنج.

ذلك أن الحركات والأحداث والتطورات تنشأ لسبب مرئي وآخر محجوب , ولا توجد حالة أو حدث دون خطة مرسومة وتطورات محسوبة وغنائم إنتصارية مقدّرة , ولكي تفهم ما يدور في أية رقعة جغرافية عليك أن تُخضعها لقوانين لعبة الشطرنج , لتعرف ما ستتمخض عنه وتؤول إليه , وكيف ستجني الأحداث ثمارها وتُحصد نتائجها لصالح أي اللاعبين.

وما يصيب بعض المجتمعات من تداعيات يساهم فيه جهل التفكير الشطرنجي , وتولي أمر السلطة من قبل جهلة سذجة متمتعين بدرجات فائقة من الأمية السلوكية , والذين تتأجج فيهم الرغبات والنزعات الدونية , فيندفعون بإنسعارية هائلة لتلبية نداءات ما فيهم من تطلعات حرمانية معتقة في أقبية البهتان.

ولهذا تجدهم يبررون ويسوّغون ما يقومون به من المفاسد والجرائم والمظالم , ويمعنون بقهر الآخرين وتدمير وجودهم الذاتي والموضوعي , ويجدهم الطامع في المجتمع أهدافا سهلة وأدوات طيعة لتمرير غاياته وتحقيق مشاريعه بيسر وقدرة فائقة , لأن المصالح تلتقي , والآثم يحتاج لمن يسانده ويحميه لكي يمضي في مفاسده والخنوع لدوافعه ورغباته المفلوتة , فيكون متورطا ومرهونا بإرادة ذاته وغيره الذي صار يتحكم بمصيره.

ومن هنا فأن الفاسدين مرهونون بمفاسدهم ومستعبدون بحُماتهم , فيتحوّلون إلى دمى لا قدرة عندها سوى الخضوع للقوة التي تحركها عن بعد أو قرب , وهكذا تصاب المجتمعات بالخيبات والخسران , ويتم قيادتها إلى حتفها بإرادتها التي غيّبتها في رمال الإرتهان.

وعليه فأن المجتمعات التي تريد الحياة الحرة العزيزة المقتدرة , عليها أن تولي عقلاءها وحلماءها من الذين لا تتحكم بهم العاهات النفسية والسلوكية , ويتكلم تأريخهم عن مسيرتهم النزيهة الصادقة العاقلة , التي تستوعب المستجدات بتفهم واسع وتقدير شامل , وتتحسب لما ستتمخض عنه القرارات والتفاعلات المتوقعة.

وهكذا فلكي تنتصر المجتمعات يتطلب منها إعداد القادة المقتدرين على إدارة رقعة الشطرنج السياسية , ومن الذين يحبون اللعبة ويمارسون قوانينها في سلوكهم اليومي , فالسياسة لعبة تحقيق المصالح ومن يجهل لعبتها يبوء بالخسران المهين!!

فهل عندنا ساسة يا عرب؟!!

أحدث المقالات