17 نوفمبر، 2024 7:23 م
Search
Close this search box.

وداعا محمد نايف

لايمكن أن أنسى تلك النصيحة التي قدمها لي احد المحبين في سبعينيات القرن الماضي حينما نويت أن أقدم أوراقي إلى قسم الإعلام في كلية الآداب حينما قال لي بصريح العبارة ( وليدي الصحفي عمرة قصير) لكني تجاهلت ما نصحني به لأنني أحب هذه المهنة منذ طفولتي وحلمت أن يأتي اليوم الذي أتخصص في الإعلام ..
حتى أساتذتي الذين درسوني مهنة الإعلام كانوا يرددون دوما بأننا سنعمل في مهنة أطلق عليها مهنة البحث عن المتاعب وهذا الوصف باعتقادي لا يختلف كثيرا عن النصيحة التي قدمها لي ذلك الرجل العجوز قبل أن أضع قدمي على أعتاب هذه المهنة ..
قبل يومين فاجئني احد زملائي بخبر صاعق حينما اخبرني بوفاة زميلي وصديقي المرحوم محمد نايف الذي عرفته منذ عقود كرجل محب لمهنته تعلوا الابتسامة وجهه السموح ..يعشق العمل المهني في نقابة الصحفيين التي دخل أبوابها وهو في ريعان شبابه.. كان رحمه الله مبدعا محبا لعمله صدوقا مع أصدقائه وزملائه ويتمنى أن يكلفه احدهم بعمل ما حتى يشعر انه قدم خدمة لزميل مهنة أحبها حد العشق .
في كل مرة ادخل فيها إلى نقابة الصحفيين العراقيين أتوقع جازما أن ألاقيه في أي لحظة وهذا ما كنت واثقا تماما منه إلا هذه المرة التي تجولت فيها في أروقة النقابة وكان عقلي ينبئني بان شيئا ما قد حدث لهذا الرجل الكثير الحركة بين أقسام النقابة لأنني وللمرة الأولى لم أشاهده أمامي بابتسامته العريقة وجملته التي يرددها دوما حين يلقاني ( أهلا بك أيها السيلاوي.. أين أنت يارجل ) .. وكم كنت مشتاقا أن اسمع منه هذه الجملة التي ترافقها ابتسامة عريضة تريح القلب ..
لقد رحل عنا محمد نايف بصمت غير معهود اثر وعكة صحية لم تمهله طويلا وهذا هو حال رجال الإعلام في عراق اليوم الذين رحلوا ما بين شهيد الإرهاب وشهيد معاناة المهنة وثقل مسؤولياتها لان الصحفي يشعر بمعاناة الوطن قبل غيره بحكم تتبعه للأحداث وتحليلاته السديدة لما وراء الخبر وشعوره بالمسؤولية التاريخية إزاء ما يجري لهذا الوطن الجريح ..فسلاما لك منا زميلنا العزيز وليس بيدنا شيئا نقدمه لك سوى الدعاء بالرحمة والمغفرة من رب كريم سائلين الله جل وعلا أن يتغمدك بواسع رحمته ويلهم اهلك وأصدقائك ومحبيك وزملائك الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون..

أحدث المقالات