18 ديسمبر، 2024 9:05 م

وداعا إذاعة “هنا لندن”

وداعا إذاعة “هنا لندن”

مرت خمس و ثمانون سنة على إنشاء إذاعة “بي بي سي عربي” من البث الموجه للمجتمع العربي و الإسلامي من أجل تزويده بالأخبار المبرمجة و الموجهة طيلة هذه الفترة التي كان لا يستطيع الاستغناء عنها نظرا لعدم وجود بديل من وسائل إعلام أخرى. هل بسبب انتهاء عهد سايس بيكو ؟ أم جُعِلَ برنامج ملائم لخدمة إعلامية غيرها بعد إعلان توقيفها عن البث؟.
من خلال ما أعلنت عنه هيئة الإذاعة البريطانية في بيانها أن يوم الجمعة 27 جانفي 2023 ، سيكون موعد انتهاء بث الرحلة التي انطلقت عام 1938 مضيفة بذلك أنها كانت تتمتع بثقة كبيرة لدي مستمعيها حول العالم و خاصة من شخصيات مرموقة في المجتمع الفني و الأدبي و الفكري في الوطن العربي أمثال أم كلثوم ونجيب محفوظ وفيروز و غيرهم و أن أمر قرارالإغلاق هذا “يتماشى مع التغيرات التي طرأت على احتياجات الجمهور حول العالم وتحول المزيد من الناس صوب المنصات الإخبارية الرقمية”.
ربما هذا جزء من المبررات و ما توصلت له التكنولوجية ، لكن حتمية المعطيات المفروضة في الآونة الأخيرة على الساحة، جعلت إعادة كل الحسابات التي من خلالها تم نهب خيرات العالم الثالث تتراجع شيئا فشيئا حيث كانت محتومة على البعض من خلال رؤية موضوعة في رواق واحد ينظر منه جميع الموجهين و التابعين و هي في حقيقة الأمر سياسة نجحت و سيطرت بها في العالم كله تقريبا و خاصة الدول النامية. و منها ما مرت به بلدنا الجزائر في الماضي القريب من تظليل و تضخيم و إشهار لا أساس له من الحقيقة. فاليوم نتساءل لماذا اختفى صوت بعض السراديك و لم نعد نسمع كما من قبل أصواتهم و الذي كانوا ينادون لصلاة الفجر جزاهم الله عنا خيرا. هل وقع خلل في مواقيت الصلاة أم وقع لهم شيء لا قدر الله؟ أم ما عادت الرغبة في النداء تفيد؟ أو المجتمع اختار صوتا أجمل ؟ ربما أصبح هذا النداء لا ينقض و لا يدغدغ. من المعروف أن الديك جعله الله وسيلة نعرف بها مواقيت الصلاة ينادي عند ما يرى ملاكا و الحمار أعزكم الله ينهق عند ما يرى الشيطان. يقال أيضا أنه عندما تتنوع الصيحات و يتشتت المستمعون فمَنْ كان جادا في صيحته دامت و بقي قراؤه أوفياء و مَنْ كان غير صادقا لمتتبعيه خسر الدنيا و الأخيرة.
هل هذا راجع إلى توعية المواطن و تفطنه على الواقع أو تغيير قواعد اللعبة الإعلامية أم هما معا ؟. الملاحظ أن هناك تحول طرأ على الساحة الإعلامية عامة مما أظهر في المجتمعات نوع من النضج و الإدراك و التمييز بين ما هو صحيح و ما هو خاطئ و جعل فئة من القطاع الإعلامي عبر المعمورة كهذه المؤسسة الإعلامية تختفي من الساحة التوجيهية. و يقال فيها لمَنْ تحكي زبورك يا داود.
هناك قلم يحرر …وقلم يقرر… وقلم يغرر … وقلم يبرر … وقلم يحاول ان يمرر…
– وهناك قلم اجير … وقلم أمير … وقلم أسير…
– وهناك قلم يستفز …وثاني يفز…..وثالث يفزع … وآخر يعزف …
– ويوجد قلم مدهش … و ثاني منعش… و آخر لا يهش ولا ينش…
– وهناك قلم ظاهر …. وقلم قاهر… وآخر طاهر …
– ويوجد قلم متطور… و آخر متورط… وقلم ممتع… وآخر معتم… وقلم يبعث الضوء… وآخر ينفث السم.
ما حوجنا الى كل قلم ايجابي يبني ولا يهدم ( تعددت الاقلام و الحبر واحد فاحرص على اختيار نوع القلم…) كما يقول أهل الدراية.