سيدي عذراً سأنسحب من معركتك ومعسكرك ,ولكني أعاهدك بدمك الذي رويت به طريقنا بأني لن انتمي لأي معسكرٍ آخر,ليس ضعفاً مني أوطلباً لمنصب زائل أو سلطة وجدت نفسها بي ولم أجد نفسي بها ,لكن العيون عبرى والصدور حرى كما ذكرت لسان حالك بطلة كربلاء زينب (ع) ,أنك تحتاج لمواقف وثوابت وتضحية بالنفس والجود بها ,ونحن نلهث وراء الغنيمة ومبدأ الحياد,قدمت فلذة كبدك أبنك علي الأكبر اشبه الناس خلقا وأخلاقا برسول الله (ص) قربان لله في المعركة ,لم تتأخر وتتباطىء وتقل عزيمتك ورباطة جأشك ,وأنت تشاهده يسقط مضرجاً بالدماء بين يدي بغاة وحاقدين على الانسانية ,فزدت أيماناً وإصراراً على المضي للشهادة ,قابلت وحش الموت الجائع وجها لوجهة دون وسيط وتحير في أمرك ,سيدي فكرت ملياً بموقف عمر أبن سعد وهو يقول :(أأترك ملك الرّي والرّي منيتي ,أم أرجع مأثوماً بقتل حسين ) انه صراع الذات ,ومحنةٍ ليست بعدها محنة ,فهو مابين كرسي السلطة ووجاهته ,أوالتنازل عنه للبحث والأخذ بالخلود والتاريخ المشرف بالشهادة معك ,كما خلد جون العبد الاسود المسيحي رفعه موقفه وكان ماكان منه,أنها لذة الدنيا وزبرجها ومغرياتها ,خدم وحشم وإبداء أوامر,والتحكم برقاب الناس,وقصور فخمة وجواري,وإطفاء نار القصور والعوز الذاتي المستعرة لكبح جماح شهوات النفس ,وكانت خاتمته أنه لم ينل لا دنيا ولا آخرة قتل بنفس القتلة التي دعا عليه بها الحسين,وصورة آخرى سجلها الحر وهو يرتعد بعدما جعجع به وبأهله ومنع عنه الماء ويقول :(إِنِّي واللّه أُخيِّرُ نفسي بينَ الجنَّةِ والنّارِ،فو اللّهِ لا أختارُ على الجنّة ( رجع الى رشده وصوابه بعد مخاض عسير وحسم أمره والتحق بك ,ولم يبالي بالنتائج وما تؤول اليه الأمور المهم أنه حصل على حسن العاقبة ,أين هي اليوم في ظل ما نعيشه ونكابده ؟ لقد طوقتنا الاحزان والهموم ,وقطعوا عنا سبل النجاة والماء ,سيدي كان الإصلاح هو شعارك في قضيتك الخالدة ,لترسم لنا حياة ملؤها الكرامة والحرية والرفض للسلطان الجائر,رفضت حكم الفاسد والمفسدين دون خوف ووجل منهم وقلت له بملء الفم {مثلي لايبايع مثلك }وهل يستوي الثرى والثريا ؟كثيرون هم المتحدثين بك وبنضالك وبمسيرتك ,وقليلون جداً هم من نزلوا من على التلِ
وانغمسوا في لجج المواجهة ,يجول بفكري وخاطري بالليل والناس نائمون وأنا أبحث عن دليلاً صادق يرشدني اليك ,فسيفي لازال نائماً في غمده لا يريد أن يستيقظ من سباته نومه ,وقوس نبلِ لم يعد يصل للهدف الذي أريده ,ودرعي بات خاوياً على نفسه لم يعد قادر على صد طعنات السيوف والرماح,وفرسي السريع هرم وأضطررت لبيعه لكي اسد به جوعي القاتل وجوع بطون عائلتي التي ملئت من الدروس والعبر والمعايير والمناهج ووصلت حد التخمة ,لم استطع حتى لأن اقف على المنصة وأشجعك ,لم أحزم أمري بعد ,لأنهم سيأتون لي في الليل ويطرقون بابي ويأخذونني للعالم المجهول ,وداعاً ياحسين الأحرار فلا الزمان زماني ولا المكان مكاني ,لقد منحتني الحرية وكسرت قيود سلاسلي ,ودفعت عني شبح العبودية ,ولكني لست أهلاً لأن أكون في خندقك وعالمك.