أعترف أن الحديث عن العشيرة يشبه السير على حبل مشدود من طرفيه. والأسباب التي تقف خلف ذلك لاحصر لها جزء منها أسباب وعوامل ذاتية كون كاتب السطور إبن عشيرة ايضا وكل من المصحح اللغوي ورئيس القسم ومدير التحرير ورئيس تحرير “الصباح” ابناء عشائر. وقد “يكاومني” أي منهم في أية لحظة إذا تعديت خطوط العشيرة الحمر والصفر والخضر و”رحت زايد” في اية نقطة مفصلية عن العشيرة بدء بأغنية سميرة توفيق “وحدك ملكت الروح ياأبن العشيرة” مرورأ بأغنية فهد بلان “يابنة العم كومي إعطيني البارودة” وأطلب “عطوة” تمهيدأ للفصل الذي يبدأ بعشرات ملايين الدنانير مع أن الخاسر في النهاية هوالخروف المسكين الذي يزدرده الجميع بشهية في خاتمة الفصل وتبويس اللحى. أنا الآخر لا ازعم ان روحي “ولاتكلها اشبيج” مدنية. مثلما أن أرواح معظم وزرائنا ونوابنا ليست مدنية برغم إدعائهم ماهو اكثر من ذلك وهو “تكنقرطة” الحكومة بدليل إن الدولة كلها “واكفة تك رجل” في سبيل البحث عن وزراء تكنوقراط مع إن من يستقيل او يقال من وزرائنا تكنوقراط أيضا.
ومع ذلك ومع كل هذه الروح المدنية الديمقراطية التكنوقراطية فإن أية إساءة يتعرض لها أحد السادة النواب اوالوزراء من زميل له فإن اول ما يفكر به الوزير او النائب او القيادي في هذا الحزب أوذاك هو العشيرة في دولة يراد لها أن تكون دولة قانون. لسنا بحاجة الى تعداد كم فصل عشائري خلال السنوات الاخيرة بين نواب ونائبات وكم “كوامة” وكم “عطوة” عشائرية. ولعل الأزمة الأخيرة التي نتجت عن إستجواب وزير الدفاع فقد فتحت الباب مشرعأ أمام العشيرة للوقوف مع أبنائها المظلومين من كبار المسؤولين ممن ننتظر منهم حمايتنا نحن المواطنين وتأمين الأمن والإستقرار والرزق الحلال لنا, فضلأ عن تشريع القوانين وتطبيق الأنظمة.لكن من كان شاهد المؤتمرات الصحفية التي عقدت لمناصرة أبناء العشيرة يدرك بلاشك حجم المفارقة فيما يفترض أن يقوم به المسؤولون من ادوار وطنية وبين حمايتهم من قبل عشائرهم مما عدته عدوانا على رموز العشيرة فيمن يفترض إنهم رموز للوطن. الغريب ان أيأ من هؤلاء لايسكن في مضارب العشيرة بل في المنطقة الخضراء المحصنة. وحتى لو تصادف ان سكن احدهم خارج المنطقة الخضراء فقد يبني له منطقة خضراء خاصة به ناهيك عن سياراته المصفحة وحماياته التي يصل بعضها الى تعداد فوج أو أكثر بينما أفراد العشيرة يبحثون اما عن لقمة العيش او لحظة امان.
وبين هذا وذاك فإن المصيبة الأخرى التي تواجهها عشائرنا الآن هي كثرة النزاعات بينها. فلايكاد يمر يوم دون ان نقرا عن اشتباكات عشائرية تستخدم فيها شتى انواع الأسلحة. لعل السؤال المشروع الذي يطرح نفسه.. ماالذي تريده العشيرة حقأ؟ فهي من جهة تحمي ابنها البار المسؤول الكبير في حال تعرض للاذى والضيم ومن جهة ثانية لاتعترف بسلطته بدليل تخزينها مختلف انواع الأسلحة التي تتقاتل فيها فيما بينها ولاتعترف له بدور.