18 ديسمبر، 2024 11:01 م

أكتب بمداد الدموع ونجيع الفؤاد وسلاف الروح الناضح من جوى الأعماق المؤججة بالأشواق والتداعيات الماضوية المريرة , و”لا أنيس يسمع الشكوى ولا طيف يمر”!!

أمواج ذكريات تتهاطل كسيول تغمرني بالحنين والإنتقال إلى كينونات لا وجود لها ولا أثر.

البيت الذي ولدت فيه تحول إلى ركام.

مدينتي الهادئة الجميلة الناعسة الطيبة المتسامية روحيا , أضحت معسكرا للجور والضلال والبهتان وسفك الدماء البريئة , والخطف المؤدين بفتاوى الخائبين.

ذكرياتي لا دليل عليها , حتى كهف القاطول مرتع الصبا تحول إلى يباب!!

رأيت مدينتي وكأن ثقبا أسودا إبتلعها وأحالها إلى حطام.

حبال الوصل تقطعت , ونفوس البشر تبدلت , وما عاد الذي كان مثلما كان.

صديق يغدر , وأخ يتنمر , وقريب يتنكر , وكل مَن عليها إنمحى , وأصبحنا في حضرة شياطين الوعيد والبلاء.

أعاصير نكبات , وآليات إستعباد وفرقة وتناحر وتماحق وهوان , بإسم الدين المؤدين بالأفك والعدوان الأثيم.

الوطن إنتفى , والمواطنة الصالحة حرام , وما فوق التراب وفيه غنائم مشاعة للقابضين على الكراسي , والمذعنين لأسيادهم الذين نصبوهم على العباد , ولابد من السمع والطاعة , وعدم البوح بشكوى أو مظلمة , فالسبايا لا يحق لها أن تشتكي من ظلم سيّدها , فالمملوك رقم وشيئ وسيّده حر التصرف فيه , وكل من إعتمر العمامة ساد وتجبّر , ولابد من تبّع وخنَّع , وتلك إرادة الغانمين الذين مكنهم من البلاد والعباد رب العالمين , وهم من المُغفلين.

فعليك أن نقطع لسانك وتبتر أصابعك وتفقأ عيونك , وتستريح ملتحفا تراب الخيبات , وتوّكل على مؤديَنٍ متأبلس رجيم.

هكذا دارت الدنيا وأوقدت جحيمها , وأعدّت سقرها للمساكين!!

و”ودّع هريرة أن الركب مرتحل… وهل تطيق وداعا أيها الرجل”؟!!

د-صادق السامرائي