23 ديسمبر، 2024 1:30 ص

وجهة نظر خاصة عن اختفاء خاشقجي !

وجهة نظر خاصة عن اختفاء خاشقجي !

لا نودّ توجيه اصابع ولا انامل الإتهام استباقياً لأيةِ جهةٍ كانت سواءً السعودية او سواها قبل ظهور نتائج التحقيق للسلطات التركية المختصة , والتي من المتوقع صدورها قريبا , لكنّ كلّ ذلك وغيره لا يمنع من تسليط اضواءٍ شبه ” ليزرية ” على بعض مداخلات وملابسات الحدث والتي تنقلها تصريحات الأدعاء العام و الجهات الأمنية التركية لغاية الآن .

منَ المسلّم به ومن البديهي أنّ الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي لابد أنْ جرى قتله منذ اليوم الأول لمراجعته للقنصلية السعودية في اسطنبول واختفاء جثته بعدها , وسيماعدم وجود صور وافلام من كاميرات المراقبة لخروجه منها , حيث أنّ افتراض ما عكس ذلك اي بقاءه على قيد الحياة لغاية الآن واينما كان فأنه سيفضح عملية إخفائه من اية جهةٍ كانت .

هنالك تساؤل في غاية الأهمية ولا يمكن أن تكشفه التحقيقات التركية بوضوح , وهو كيف عرف القائمون على القنصلية السعودية في اسطنبول ” والتي لابد من وجود رجال مخابرات سعوديين فيما بينهم ” عن موعد قدوم الخاشقجي اليها ومسبقاً .؟ ليكونوا ” افتراضاً ” قد استعدوا وتهيأوا لقتله داخل القنصلية وإخفاء جثته .! , وهنا لابدّ من الأفتراض وبأبعد الحدود أنّ الخاشقجي قد تحدّث عن نيته لمراجعة القنصلية الى بعض السعوديين من اصحابه في اسطنبول , وتسرّب الأمر الى عملاء او وكلاء المخابرات السعودية هناك , وهم مَن اوصلوه وابلغوه الى القنصلية او الى جهاز المخابرات في الرياض , مما ساعد على التهيؤ للقضاء عليه اثناء مراجعته ” لتصديق وثائق ارتباطه بفتاةٍ تركية ” , وبعكس ذلك ايضاً فمن الصعب التصور الأنتظار الأفتراضي لقدوم الخاشقجي للقنصلية السعودية مصادفةً وخصوصاً أنه معارض بارز .

ثُمَّ , ما نشرته واكدته السلطات التركية المختصة عن وصول 15 سعودياً الى اسطنبول في نفس يوم الحادث ومغادرتهم في ذات اليوم ايضاً .! ” والتي اطلقت المصادر التركية بأنهم من ” الشرطة السعودية , وكان من المفترض تسميتهم برجال مخابرات ” , فيشير قدومهم الى امرين على الأقل : –

A \ أنّ عملية قتل خاشقجي المفترضة لا تحتاج وجود او قدوم 15شخصاً لتفيذها داخل القنصلية .! والأمر لا يتطلّب تنفيذه لأكثر من شخصين , لكنّ هذا العدد يوحي ويومئ أنّ مجيئهم كان لغرض حفر ودفن جثة خاشقجي في احدى زوايا او امكنة القنصلية وإخفاء معالم الحفر بطريقة فنيّة منتظمة ولا يمكن كشفها حتى لو قامت الشرطة التركية بتفتيش مبنى القنصلية بشكلٍ روتيني .!

B \ لا يوجد أيّ سببٍ مقنع ولا حتى نصف مقنع للتزامن المقصود والمحدد ليتجشّموا 15 فرداً سعودياً عناء السفر الى اسطنبول في نفس يوم الحدث ومغادرتهم بنفس اليوم ايضاً , فما الغرض وما الغاية من هذا السفر السريع .! وهل من مبرر له ! , ودونما شكٍّ ايضاً فأنّ المخابرات السعودية على ادراكٍ مسبق أنّ مغادرة هذا الفريق وعلى عجل فأنه يمثّل نقطة ضعفٍ في سيناريو عملية القتل المفترضة , لكنّهم آثروا وجود احتمال أن تلقي الأجهزة الأمنية التركية القبض عليهم او بعضهم اذا ما تأخّرت عودتهم لأكثر من يومٍ او يومين , وبالتالي يكون افتضاحاً فاضحاً لعملية قتل جمال خاشقجي .!

ويبقى اصعب وابعد الأحتمالات القائمة هو نجاح المخابرات السعودية بتهريب الخاشقجي عبر البريد الدبلوماسي ” غير الخاضع للتفتيش ” وعلى متن طائرة خاصة , وسواءً كان ذلك بأفتراض تواطؤ احد المسؤولين الأمنيين الأتراك او بدونهم , وهذا ما يشكّل احراجاً كبيراً للأجهزة الأمنية التركية ولسمعة تركيا ايضاً , علماً أنّ السلطات التركية لم تعلن عن مغادرة او عدم مغادرة طائرة خاصة لمطار اسطنبول في يوم الجريمة ولغاية الآن .!

وفي الواقع فأنَّ قضايا الأغتيال السياسي ” وسيما على النطاق الدولي ” فأنها تتّسع حتى للأحتمالات البعيدة , وبهذا الشأن فلا يمكن الأستبعاد المطلق لقيام جهةٍ مجهولة بأختطاف الخاشقجي ” داخل اسطنبول ” بعد مغادرته للقنصلية وقتله واخفاء كل معالم العملية , ومن ثَمّ اتهام السعودية بذلك كوسيلة ضغط في الأوضاع الأقليمية التي تمرّ بها المملكة سواءً من خلال المواجهة مع طهران او الحوثيين وحتى الأمريكان , لكنّ هذا الأحتمال المفترض هو ابعد ما يكون عمّا طرحناه في اعلاه .. والساعات والأيام المقبلة قد تشهد بعض المفاجآت في سير التحقيقات التركية , وقد تضحى مفاجأت متناقضة ايضاً , ولربما تمسى آخرها تمييع الموضوع كذلك .!