19 ديسمبر، 2024 5:17 م

كان سهيل بن عمرو خطيبا في محافل مكة، ينال من الإسلام ونبيه، وكان من اشد المحرضين و المسيئين للنبي وأصحابه حتى ابنه لم يسلم من عذابه وعقابه،لكونه من الذين اعتنقوا الاسلام وهاجر مع المهاجرين، من بطش اهل مكة
ثم دارت الأيام، وكان صلح الحديبية، فبعثت قريش سهيل بن عمرو لينوب عنها في إبرام الصلح، فتلقاه الرسول – صلى الله عليه واله وسلم – ومعه طائفة من صحبه فيهم ابنه عبد الله بن سهيل، ثم دعا النبي – صلى الله عليه واله وسلم – علي بن أبي طالب لكتابة العقد، وشرع يملي عليه فقال :

” اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم “، فقال سهيل مستهزءا : نحن لا نعرف هذا، ولكن اكتب : باسمك اللهم، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – لعلي : ” اكتب باسمك اللهم “، ثم قال : ” اكتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله “.

فقال سهيل مستهزئا من النبي : لو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : “والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبد الله ” ثم أتم العقد .

وعاد سهيل بن عمرو مزهوا بما كان يظن أنه حققه من نصر لقومه على محمد .
ثم دارت الأيام دورتها كرة أخرى، وإذا بقريش تهزم ويدخل النبي مكة فاتحا، وإذا المنادي ينادي: يا أهل مكة، من دخل بيته فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن .

فما إن سمع سهيل النداء حتى دب في قلبه الذعر، وأغلق على نفسه باب بيته، وسقط في يده، يقول سهيل : أرسلت في طلب ابني عبد الله، وأنا أستحي أن تقع عيني على عينه، لما كنت قد أسرفت في تعذيبه على الإسلام، فلما دخل علي قلت له :

اطلب لي جوارا من محمد، فإني لا آمن أن أقتل، فذهب عبد الله إلى النبي – صلى الله عليه واله وسلم – وقال : أبي، أتؤمنه يا رسول الله جعلت فداك ؟

قال : ” نعم هو آمن بأمان الله، فليظهر “، ثم التفت إلى أصحابه وقال : ” من لقي منكم سهيلا فلا يسئ لقاءه فالعفو عند المقدرة

هكذا هم القادة الرجال الذين يتحلون بسمة العفو والتي تعتبر من أعظم الصفات التي يتحلى بها المسلم، وقد وصف الله نفسه بالعفو وأمر عباده أن يتصفوا به، قال تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ).

أحدث المقالات

أحدث المقالات