18 ديسمبر، 2024 6:59 م

وثيقة المدينة الدستورية ….هل أعترف بها المسلمون..؟

وثيقة المدينة الدستورية ….هل أعترف بها المسلمون..؟

حفلت المنطقة العربية منذ القدم بكتابة النظم الدستورية التي بموجبها تقرر حكم الدولة..فكانت شريعة آور نمو السومرية ( -2095-2212 ق.م ).ثم تلاها دستور حمورابي في الدولة البابلية الذي دون من 282 ماداة دستورية نافذة ( 1750 ق.م ) واستمرت احكامه خلال الدولة الاشوريىة التي دون حكمها بالوثائق الاشورية التي أكتشفت في نينوى..في العصر الحديث.
اما شبه جزيرة العرب (منطقة الحجاز) فكانت تحكم بقوانين مجلس الملأ لتنظيم التجارة وعلاقات القبائل والغزوات والمصالحات وحقوق الناس قبل الاسلام… قوانين مجلس الملأ كانت مُلزمة ومطبقة…:أنظر وثيقة مجلس الملأ ، جواد علي ،في كتابه العرب قبل الاسلام ..كيف أتفقوا على تدوينها.شيوخ قبائل العرب ..حتى جاء الاسلام ليكتب لهم وثيقة المدينة أشمل وأعم لكن المسلمين تقصدوا في أهمالها…لماذا ؟ لحدية الوثيفة في الحقوق التي أفقدت الزعامات السياسية الأفضلية في ادارة الدولة.

جاءت الوثيقة كنظام دستوري وقانوني وهي مجموعة قوانين ومبادىء وتقاليد دونت فيها قوانين الحياة في دولة الأسلام المرتقبة..كأعلان رسمي عن نهاية العصور القديمة التي كانت فيها السيادة لطبقة محدودة تملك زمام الناس دون ان تخشى رقيبا اوحسيبا .لذا جاءت الوثيقة لتقول للناس حكاما ومحكومين ان هناك رقيبا هو الله..لذا لابد من تحويل البشرية جمعاء الى امة اآلهٍ واحد رقيب حسيب..جاءت بمبادىءاخلاقية ارست دعائمها بعد صدورها في المدينة ..هذه المبادىء هي في ذاتها مبادىء سياسية لا يجوز لاحد الانفراد بها دون الناس ..فلا يجوز لأية فئة ان تنصرف عن وحدتها فاجماع الامة بالشورى ضمانا لوحدتها ..فأين من أستغلها له دون الناس ..؟

ثم جاءتت وثيقة المدينة لتوسع صلاحية الحقوق بين الناس دون قيود لتكون مظهرأ لشخصية الامة تضاهي الام المجاورة فيدولة الروم والفرس من حيث تقدمها ومدى تأثيرها في مجرى التاريخ الانساني والحضاري للشعوب جميعاً..لعالمية الدعوة من اجل الكمال الفكري والحضاري في العالم.ومنها النظام السياسي والقضائي والامني التي بها تسود الدولة وتتحقق العدالة الاجتماعية..بين الناس دون تمييز.

الوثيقة تطرح بعدا سياسيا وفكريا جديداً على الساحة العربية الاسلامية لتنظيم امور الدولة وبنائها على مبدأ الحق والعدل وحقوق الناس كما في نصوصها ..لكن اين لها من اصحاب المصالح الخاصة الذين أنحرفوا بها نحوالخطأ منذ البداية..حين توقفت الشورى وأبتكار نظرية مبدأ التوافقات الشخصية..كما في انتخاب القيادة العليا وقيام حركة الردة والخوارج وقمعها بالقوة المفرطة ،وأختراع نظام البيعة العامة والخاصة الشكلية عند الأمويين والعباسيين..حتى سقطت الدولة ..ولا زالت ساقطة الى اليوم .

لم يشهد الحكم الاسلامي قيام نظام المعارضة ..ولم يُعترف به ، فالمعارض حقه السيف كما في حركة الردة والخوارج والخلاف بين الآمويين والعباسيين والهواشم اولاد الأصل الواحد ..فالخلاف على السلطة ولاغير.
. على المؤرخ ان يدرك ان النص التاريخي بحاجة الى اعادة نظر فيما نقل لنا من نصوص الخلافة ومسيرة الدولة. لأن الاصول التي تبنى عليها الدراسة السليمة واسعة ومختلفة ومتضاربة ، وبعضها يفتقر الى الاصالة والمنهجية التاريخية ، لذا فأن النظرة النقدية تحتم علينا تفحص الثوابت في الخلافة للمرحل الثلاث الراشدة والأموية والعباسية 11-656 للهجرة) لكونها جاءت غامضة تحكمت فيها سياسة القوة في الغالب وليس للتشريع الاسلامي فيها من نصيب الا ما ندر. ومع ان المؤرخين الاوائل كالطبري وغيره كانوا متحرين للحقائق جهدهم لكن تدوينهم للأحداث قد خالطه مالم يفطنوا اليه…فطمست حقائق…وأخترعت فضائل ، فمشينا في مناهجنا الدراسية التي صاغتها مؤسسة الدين على ما وجدنا..فجاء تاريخنا غامضا عبر الزمن حين تجاهل المؤرخ والفقيه ضبابية التجاهل يوم ضربت الشورى وحلت محلها القوة وسيادة الفقيه المتحدة مع السلطة السياسية .
وحين حوصرت الخلافة في الداخل نتيجة الانفراد بها فلابد من مَخرج….فكان قيام ما سمي بحركة الفتوح الاسلامية بحجة نشر الدعوة ..والنص المقدس لا يجيزنشرها بالقوة..بل بالحوار “وجادلهم بالتي هي أحسن .”..لكنهم أهملوا النص ..لامتصاص غضب الناس من جراء الخطأ والتوجه نحو الأمتيازات المادية للفاتحين الذين أغرتهم الاموال والجواري .. فكانت وسيلة من وسائل أغراء التأييد للسلطة .. فأستغل تفسير النص المقدس لصالح السلطة ولا غير .

من هنا بدأت الخطوة الأولى قي الطريق الخطأ من التشريع ،بعد ان ضربت نظرية (لكم دينكم ولي دين)..نعم نحن اليوم بحاجة للمكاشفة بعد ان وصلنا الى الحضيض — ولوكانت متأخرة جداً — لنثبت لدين الوصايا العشر انه دين محمد(ص) الواحد وليس دين المذاهب المخترعة من الفقهاء لخدمة السلطة …واخلاصنا له بعد ان اصبحنا اليوم امام الامتحان والأهمال المتعمد لهذا الخرق وجهاً لوجه ..وهي الحقيقة الاساس في تخلف الامة الاسلامية الى اليوم وضياع نظريات القيم والحقوق..ولأن الفكر الخاطىء قد تركز دينيا في رؤوس الناس بمنهج دراسي مقصود ..فقداصبح من الصعب نزعه من الرؤوس وأصلاحه..لذا ستبقى الامة متخلفة ولا رجاء..علينا ان نطلب الحق وان قل..ونبتعد عن الغطرسة والأصرار على الخطأ بمظرية المؤسسة الدينية الفاشلةعمليا في حفظ الحقوق…وأختلاف أصحاب المذاهب المخترعة …وهم مختلفون أصلاً في مذاهب لا أصل لها ولم ترد في النص المقدس ..؟فأين الوثيقة في التطبيق ..؟

(الوثيقة). هي دستور المدينة..
———————————
تعتبر الوثيقة مصدرا من مصادرالتشريع التاريخي منها يستمد الباحثون المادة العلمية او التاريخية التي تسهم في ثراء الحقيقة الدينية والسياسية العامة.لذا أهملتها القيادة خوفاً من كشف حقيقتها على امتيازاتهم اللامشروعة .
التي أريد لها ان تكون بديالاً عن وثيقة مجلس الملأعند العرب. .. وهي معلم من معالم المجد السياسي والأنساني بأعتبارها أول وثيقة دستورية تكتب بعد عهد الحضارات القديمة ….تكونت الوثيقة من 52 مادة قانونية ركزت على تحقيق:
———————————–
الأمن الجماعي الذي كان مفقودا في شبه جزيرة العرب.
التعايش السلمي بين المواطنين دون تفريق بالمطلق .
ضمان حرية العقيدة والاعتقاد والعبادة بين كل المواطنين دون تفريق .
ضمان المساواة التامة في الحقوق والواجبات بين الناس ..تفرع منها نص يقول :
“على الحاكم ان لا ينام ليلته وفي بلده معوزٍُ واحد”.
– دولة الاسلام الواحدة تعتمد الأمان والأطمئنان والكفاية والعدل..بين الناس.
أين نحن منها البارحة ..؟ واين الاحزاب الاسلامية منها..اليوم ؟ولا شيء..نتحداهم ان أخرجوها اليوم بمناهج الدراسة.

لم تكن قوانين الوثيقة قائمة على اوامر يصدرها الرسول القائد الأعلى للجماعة الأسلامية ..بل على القدوة الصالحة التي كان يتمسك بها،وكان من عوامل نجاحه التصرف بميزان الحق والعدل والاستشارة باشراك الجميع دون تفريق بين قرشي وغيره –( الخلافة في قريش كذبة تاريخية أختلقها الفقهاء)– في مهمة بناء الجماعة الجديدة.وكانت الخطوة الثانية بعد المسجد هي ترسيخ مبدأ المؤاخاة بين المهاجرين والانصار، وهو من احسن المبادىء التي سنت لتثبيت الوحدة الداخلية للامة حين اعتبرها مبدأً شرعيا لا يجوز الخروج عليه ،فخرجوا عليه بعد وفاته مباشرة (منا أمير ومنكم أمير). ..مما ولد جماعة مفككة في العقيدة والهدف والمثل العليا -وان أتفقوا خوفا من ضياع السلطة من أيديهم – التي بها تستقيم الحياة والذي سماه القرآن( بالصراط المستقيم)،ولو طبقت لثبت مبدا الاخوة التام ، ولأصبحت عوامل قوة دائمة تعين الجماعة على الثبات والسير الى الامام في الفرَج والشدة.
ولقد ذكرالمؤرخ الثبت الاستاذ احمد حميد الله هذه الوثيقة في كتابه المعروف الوثائق النبوية والمترجمة من ( الوثائق القديمة ) والمودعة نسخة منها في مكتبة جامعة لندن البريطانية وقد حوت على 52 مادة نقتطف منها ما يلي:مع التصرف:
———————-
ان المؤمنين والمسلمين الذين اشتركوا في تكوين أمة الاسلام يكونون وحدة اعتقادية وسياسية واجتماعية واقتصادية واحدة مستقلة بذاتها من دون الناس. وبهذه المادة تقررت المواطنة المتساوية وثبت حق اليهود على دينهم واموالهم (لليهود دينهم وللمسلمين دينهم) وبذلك تم التوقيع على حرية الاديان وحماية الاقليات.فلا يقتل مؤمن مؤمنا ًفي كافر.
افراد الجماعة الاسلامية متكافلون فيما بينهم ،يتعاقلون معاقلهم الاولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
جميع افراد الجماعة الاسلامية متساوون في الحقوق والواجبات فيما بينهم ومتحابون بعضهم على بعض اي متكافئون في الحقوق وحتى في الدماء..
الامة في مجموعها مسئولة عن الامن الداخلي والدفاع عن حدود الدولة واختراقها في حالة الاعتداء الخارجي.وقد ثبت القرآن في سورة التوبة آية 43، 120 حقوق الوطن على المواطن أذ لا يجوز التخلي عنها امام العدو الخارجي حتى من قبل الرسول(ص) نفسه..
التأكيد على مبدا الاخلاق السامية في التعامل بين افراد الجماعة ومع الاخرين.
تحديداً للمسئولية القانونية ،تقرر ان لا يؤخذ انسان بخطأ يرتكبه اخر بدلالة الاية “ولا تزر وازرة وزر اخرى”.
حرمت الوثيقة الاقتتال بين اهل المدينة حفاظاً على الوحدة الداخلية للجماعة الاسلامية.فلا فِرق غدر للمعارضين ولا مليشيات لحماية السلطة الباطلة.
الرسول هو المرجع الاعلى والاول في حل الخلافات بين افراد الجماعة الاسلامية..ومن بعده القضاء.فلا محاصصة ولا طائفية مرتزقة..بالمطلق.
يثبت الدستور أنه لا يحل لمؤمن آمن بالله واليوم الاخر ان ينتصر لمحدثاً ولا يؤويه ،ولا بد ان تكون الجماعة يدا واحدة عليه ،تجنباَ لاي انحياز عصبي او عنصري،كما لا يجوز ايواء المجرم داخل الجماعة الاسلامية ولاي سبب كان حتى يؤخذ منه الحق..وشددت الوثيقة على نزاهة القضاء وأستقلاله المطلق
ومواد اخرى كثيرة لا يسعنا المقال لذكرها اليوم.
من يقرأ الوثيقة بتمعن يدرك الاهمية الكبيرة التي تركتها الوثيقة في سبيل تثبيت اركان الجماعة الاسلامية وتحقيق انسانية الانسان ،ساعتها امر الاسلام باقامة الحدود في الآيات الحدية والحدودية وتبوأ الاسلام بين اظهرهم..ولكن المهم اين المسلمين من التطبيق لنصوصها..ولاشيء.

أظهرت الوثيقة ان الجماعة الاسلامية الاولى كانت منظمة على اساس قانوني لا يمكن التخلي عنه مستقبلا ..لكن مع الاسف اخترقت النصوص منذ البداية للمصلحة الشخصية.
ان الدارس لهذه الوثيقة يدرك ان هناك عدة ضوابط أدت الى صدورها منها:
—————————————————————————-
حددت الوثيقة تحديداً قاطعاً،عدم الانفراد بالرأي من قبل الحاكم،لأن الحكم في الاسلام تراضٍٍ بين الحاكم والمحكوم ،لذا على الحاكم ان يصغي الى وجهات النظر المختلفة وان يكون رايه في نهاية الامر معبرا عن وجهة النظر الصحيحة ومن خلال عملية استفتاء لكافة اراء الناس ،،ومسئولية الحاكم جماعية ،وأتخاذ القرار امر لا يتعلق بالحاكم كفرد الا بقدر ما يكون ذلك معبراعن الصالح العام..ثبت هذا الشرط في المؤخاة بين الناس .
الدستور هو الذي يمكن ان يضبط به سلوك الحاكم ،فهو الذي يحدد سلوك الدولة ومسئولية الحاكم وهو وحدة متكاملة لا يجوز نقض ايٍ من مواده الا بالأتفاق.لذا يجب ان يكون واضحا لا لبس فيه ،يراعي فيه الرأي الصادق ، لرفع شأن المجتمع وتجاوز كافة انواع الضعف الذي كان يعاني منها مجتمع المدينة قبل الدعوة.
بهذه الوثيقة حددت حقوق وواجبات الحاكم مثلما حددت حقوق وواجبات عامة الناس،ومن هنا بدأ المجتمع يشعر بالوحدة الداخلية وبالاستقرار الامني والتحررمن الخوف ،والانطلاق نحو تكوين دولة جديدة ،مغايرة تماماً لوضع القبيلة في المجتمع المكي..بعد تحريم الأستئثار الشخصي للحاكم في الدولة..”أين نحن من هذا الشرط اليوم في دول المسلمين” بعد ان حلت المذهبية المخترعة وتعيين الأقارب في مناصب الدولة العيا وحصرها بهم وغالبيتهم من غير المؤهلين..فأين حكم المرجعيات الدينية في هذا الخطأ القانوني والشرعي الكبير.؟
على هذا الاساس اصبحت الجماعة الاسلامية في المدينة تتمتع بشخصية قانونية ملزمة خلافا للعادات والتقاليد القبلية ،المستمدة من القانون القبلي قبل الاسلام،لا يجوز للحاكم والمحكوم الخروج عنها..شرعاً وقانوناً..في عهد الرسول(ص) فقط.

ان الذي يهمنا في هذه الوثيقة انها غيرت المفاهيم الخاطئة المتوارثة في اكثر من ميدان من ميادين قيادة الدولة والمجتمع.لان كل الذين كتبوها بأمرة الرسول(ص) كانوا من المتفائلين بمستقبل الجماعة الاسلامية الجديدة الذين نفضوا ايديهم من الماضي واشتركوا معا في صنع رؤية جديدة لمستقبل الانسان قائمة على العقل والعلم والحرية والقانون واحترام انسانية الانسان،لذا وقفت الجماعة المعادية للدعوة الجديدة موقف العداء منها منذ البداية ، كما تقف اليوم الجماعات المعادية للحقوق،وحاولوا طمسها والرقابة الشديدة على من يتداولها بعد العهد النبوي الشريف والى اليوم..كما في الاحزاب الاسلامية الباطلة .
ورغم ان سلطة الخلافة الراشدة قد تمسكت بها نسبيا لكنها لم تكن جادة في نشرها وتطبيقها،لضغوط قبلية وظروف سياسية صعبة مرت عليها آنذاك (الفتنة الكبرى مثالاً)، ثم التعتيم عليها وغيبت تماما في العصرين الاموي والعباسي لانهم ادركوا اهميتها في فكر الناس وحقوقهم ،وخوفا من انها ستحرك عجلة التاريخ في الطريق السليم وتنزع منهم شرعية السلطة التي بها يدعون.
الوثيقة فصلت الدولة عن حقوق الناس (فصل الدين عن السياسة)،ولم يعد ممكناً ان يغضب الحاكم على رجل ليقتله اويرميه في السجن كما كان في العهد القديم دون محاكمة او مسائلة صورية كما نحن اليوم “وها هو الأمام علي(ع) يقف امام القاضي حينما اتهمه اليهودي بسرقة السيف حتى أثبت برائته” – فأين الهوامير اليوم التي سرقت اموال الدولة وقتلت شباب الدولة وباعت ثوابت الدولة الوطنية وهم في مأمن من القانون..؟- ، هكذا في عهد الرسول كسب الناس حرية الحركة و العمل والقول ،حينما اعلن بعد فتح مكة في السنة التاسعة للهجرة مبادىء الدولة في حكم الناس القائمة على الامان والاطمئنان والكفاية والعدل لكل الناس دون تمييز،حين ردد بصوته الشريف”هذه امتكم امة واحدة ،ولا فرق بين ابيض واسود وعربي واعجمي الا بالتقوى ” (انظر الخطبة بعد فتح مكة عند الواقدي)) في كتابه الفتوح .

وهذه ميزات ادركها العام والخاص واصبحت قانوناً في الحكم المقيد بسلطان الجماعةالاسلامية ،وبذلك خلق وعيا تاريخيا مستوعبا ومتناميا ومتسعا ومتجاوزا كل ظلم الماضي ،فكلمة لا الله الا الله التي جاء بها القرآن وارادها محمد قولا وتطبيقًا انعكست فيها روحيا واخلاقيا ونفسيا واجتماعيا في صورة قيمتين اساسيتين هما :الحرية والمساواة لهذا كان الدستور عقبة كبرى امام المنتزين على السلطة وحقوق الناس كما هم اليوم.

نعم خلف لنا دستور المدينة التي غيبته السياسة الاموية والعباسية ما يمكن ان يكون مرجعا اساسيا في حكم الدولة الان ولا حاجة لدساتير اجتزت من دساتير الاخرين التي تتناقض ودستور المدينة الذي بني على المبادىء حقاً وعدلاً وصدقاً. فهل نحن مدركون؟ فالدستور الاسلامي وليس الفقهي مستمد من القرآن..فلا مذهبية..ولا عشائرية..ولا فروق في معتقدات دينية ولا محاصصية في حكم الناس..ولا أولوية في الحقوق.ولا نظرية حكم أهل البيت في التفضيل..”أسطورة لا حقيقة لها بالمطلق”..لأن العقيدة لا تقرالفرقة بين من يحكم الناس ..فهل نحن مُدركون اليوم…سنبقى نتعايش مع أزمة الخطأ في تطبيق شريعة الدين ما دمنا لا نؤمن بدستوره العتيد..؟ انتبهوا فالجايات أسوء وأكبر..في ظل سياسة اعداء الشعب والدين..فلا تفرغوا العقيدة من محتواها..

-أنظر ـ محمد حميد الله – مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة بيروت 1969.
– الواقدي -كتاب المغازي _مطبعة اكسفورد 1966.
– مجموعة الخطب النبوية ..مكتبة جامعة لندن البريطانية.

[email protected]