تنشغل وسائل الاعلام هذه الايام بوثيقة”التسوية الوطنية”، التي قدمها التحالف الوطني للامم المتحدة والطيف العراقي، بمباديء عامة.
وسائل الاعلام وبعض الشخصيات السياسية تنقسم بين مؤيد وداعم ومتبني وبين معارض ورافض ومنتقد.
الطرف الرافض يبرر رفضه، بأن مشاريع المصالحة الوطنية الذي انطلقت منذ عام ٢٠٠٥، لم تحقق اي نتائج على ارض الواقع، بل كانت عبارة عن شعارات ومؤتمرات تستهلك المال والجهد فقط، وتكرارها يعني استمرار الدوران في حلقة مفرغة، وايضا بعض من يعارض يتخوف من اعادة تدوير شخصيات متهمة بالارهاب او كانت على صلة بالنظام البعثي المباد، يبرر البعض الاخر رفضه بأن الحكومة الان تحقق انتصارات يفترض ان تستثمرها في تثبيت اركان الدولة من خلال الاستمرار بحملتها العسكرية في تصفية كل اشكال الارهاب العسكري والسياسي، بدل بث الحياة في جسد الارهاب المتهاوي من خلال كيانات او شخصيات مثلت بحق جناح سياسي للارهاب.
وجهة النظر اعلاه تتجاوز حقائق تضمنتها الورقة نفسها، وحقائق على الارض لايمكن اهمالها في اي ترتيب سياسي في البلد، وثيقة”التسوية الوطنية” ليس مصالحة بقدر ماهي رسم للاوضاع السياسية للبلد لمرحلة مابعد داعش، كذلك ضمن المباديء العامة للوثيقة لايسمح لبعثي او داعم او مؤيد للبعث او متهم بالارهاب او مطلوب للقضاء ان يكون جزء من التسوية القادمة، اما استثمار الانتصارات، فالمنطق يقول الاستثمار الامثل يكون بالتفاوض ووضع اسس وفرض شروط ورفع اللبس عن حقائق مزيفه يتحدث ويتمترس خلفها الارهاب ومن يدعمه، لا الابقاء على الصورة مشموشة، تقبل التأويلات المتعددة، يمكن للارهاب وانصاره من تسخيرها لاستعطاف الشارع الداخلي والحصول على تأييد او حياد دولي واقليمي.
أن مهندسي هذه الوثيقة”التحالف الوطني” يسعى من خلالها تثبيت النظام السياسي المهدد بالانهيار بأستمرار، والحصول على اعتراف كل الشركاء في العملية السياسية قولا وفعلا بهذا النظام ومخرجاته كالدستور والانتخابات، وانهاء حالة الازدواج التي تعاني منها العملية السياسية، فالكثير من المشاركين فيها، يتمتعون بالامتيازات وينتقدون الحكومة ولايتحملون اي مسؤلية عن الفشل لكنهم شركاء في النجاح!
ماتقدم يؤكد ان وثيقة” التسوية الوطنية”، هي وثيقة مصارحة لامصالحة ونجاحها بدون شك سيثبت الانتصارات التي تتحقق وتحققت في جبهات المواجهة مع داعش، لتثمر التضحيات الجسيمة التي دفعها جمهور التحالف لارساء قواعد لنظام سياسي سينتج حكومة منسجمة موحدة تسخر كل امكاناتها للبناء والاعمار، وتحجم بشكل كبير الفساد المستشري في الدولة والذي احد اهم اسبابه عدم استقرار النظام السياسي.
الحقائق التي تتضمنها الوثيقة ونتائج تطبيقها بدون شك ترعب اطراف كثيرة تتنفس الفوضى لتعيش، وتعتاش على الخلافات لتنمو وتكبر وتزدهر، وليس امامها الا معارضة اي خطوة يمكنها ان تقتل البيئة التي تساعدها على البقاء، لذا تلجأ الى الدس والتلفيق وتزوير وتزييف الحقائق، وماطرح اسماء كالخنجر والهاشمي والنجيفي اثيل الا اسلوب لاستغفال الشارع، والتباكي على الشهداء والدماء واتهام الوثيقة بأنها تتنازل عن هذه التضحيات الا وسيلة لاستدرار وتحريك العقل الجمعي ضد الوثيقة، دون التفات الى ان الدماء التي لاتثمر ولاتنتج وضع افضل من الواقع تذهب سدى ولاقيمة مادية لها.
ان التحالف الوطني صاحب المصلحة في الاستقرار، معني بسد كل الثغرات التي ينفذ منها اعداء النظام الجديد، ورفع الاغطية عن اساليبهم الخبيثة والمتعددة، ووثيقة”التسوية الوطنية”كما تبدوا قادرة على تحقيق هذا الهدف…