18 ديسمبر، 2024 6:20 م

الانتفاضة حبلى بثورة اجتماعية وسياسية وتحتاج لقابلة وطنية حريصة على ولادتها لحيلولة دون اجهاضها وحتى دون عملية قيصرية بل ولادة طبيعية من رحم السلمية والثبات وبزخمها الكبير والمسنود من كل فئات المجتمع والتي كسبت شرعيتها بأحقية مطاليبها مُعمدة بدماء الشهداء والتضحيات الجسام التي قدمتها أنتفاضة أكتوبر كما أنها استقطبت انظار العالم وكسبت تعاطفها معهم ، الشعوب دائما تنتصر .
تتجه احزاب السلطة لجعل الانتفاضة بين كماشة فكي الاغتيالات وتسويف مطاليبها كما ان الطبقة السياسية بحالة استرخاء بينما شباب الانتفاضة تنزف دماء ، هذا العنف المفرط محاولة لجر الانتفاضة الى خيارات خاطئة كما ان القابعين على راس هرم السلطة عبثاً يحالون ان يختزلوا مطاليب الانتفاضة بأختيار رئيس للحكومة غايتها تفتييت الانتفاضة وأضعافها ، كذلك الذباب الالكتروني يحاول دفع المنتفضين نحو اختيار انتخابات مبكرة بنفس الركائز القديمة معتمدة او على اقل تقدير بتشريع قانون انتخابي محفوف بالمخاطر وبنفس الوقت انها لاتتطرق لقانون الاحزاب الذي هو لايقل اهمية عن ايجاد قانون انتخابي عادل ومنصف اذ ان الخطورة الكبرى تكمن بقانون الاحزاب ، الاحزاب التي تمتلك اموال خرافية تؤهلها للفوز بالانتخابات القادمة ، كما انها تحاول دفع الانتفاضة لمتاهة الكتلة الاكبر والاصغر والتوقيتات الدستورية متجاهلة الحالة الاستثنائية للبلد ومتناسية ان بعض المحافظات الجنوبية اصبحت خارج سيطرتها ، انهم بهكذا توجهات يحاولون البقاء على مراكزهم ولكن باقل الخسائر كذلك يتجاهلون تماماً مطاليب الشارع الاكثر الحاحاً الا وهي الكشف عن القتلة الذين اطلق عليهم مصطلح ( الطرف الثالث ) .
ان احزاب السلطة مازالت تستهين بالانتفاضة غير مدركة حجم الكارثة اذا ما استمر الحال على ماهو عليه ، فهي بدلا من ايجاد قنوات سياسية جادة بينها وبين المنتفضين فانها أما توغل بالقتل والاختطاف والتغييب او تستخف بالشباب المنتفض وتنعتهم بمختلف الاوصاف والاتهامات الباطلة من اجل تسقيطهم فهي تتهمهم بالعمالة وبنفس الوقت تطالبهم بالكشف عن المندسين في حين تصرح علناً في القنوات الفضائية ان مطاليب الشباب شرعية !!!

باطلاً تتمسك بدستور ملغوم بينما الوقائع تقول انهم خرقوا الدستور اكثر من مرة ، فما تجاوز اختيار رئيس الحكومة من الكتلةالنيابيةالاكبر و تجاوز التوقيتات الدستورية ماهي الا أدلة دامغة عليها ناهيك عن السلاح المنفلت والفساد الذي عم البلاد .
الفرق واضح بين الوعي السياسي المتصاعد لدى الشباب وبين النكوس القاتل لاحزاب السلطة الهرمة التي مازالت مصرة على انتهاجها لأسلوب ترحيل الازمات والاستقواء بدول اقليمية او دولية او اللجوء لمجاميع مسلحة تقتل بدون هوداة كل مْن طالب بحقوقه متجاوزة الحريات التي كفلها الدستور ، وبهكذا أفعال فهم يخسرون لامحالة ، وهنا لابد ان نؤكد ان المنتفضين ليس خصوم للحشد الشعبي بل هناك بين المنتفضين من قاتل داعش وأنتصر للوطن .
ان انتفاضة اكتوبر متحدة ولن تهزم ، يحتاج العراق الى زفير قوي يطرد من رئتيه كل الفايروسات التي دخلت وعشعشت فيه , ويحتاج الى شهيق يرفع صدره ممتلئاً بالعافية ليزيح عنه كل اشكال الظلامية التي جثمت على صدره ولا يوجد افضل من هواء اكتوبر العظيم , تخيلوا عراق جديد خالي من الارهاب والفساد والتجمعات الطائفية التي تدعو للفتنة , تخيلوا عراق يحضن ابناءه ويخاف عليهم تخيلوا عراق يحفظ ثرواته وامواله , تخيلوا صباحا عراقيا نستمع فيه لفيروز وهي تغني , تخيلوا امسياتنا على ابو نؤاس , تخيلوا افراحنا واعراسنا بدون ارهابي يلبس حزام ناسف ليقتل الفرحة , تخيلوا عراق يُحترم فيه العزاء ولا تفجر سرادقه وناسه , تخيلوا اننا نعيش بلا خوف ولا قلق على اهلنا حين يروحون ويجيئون , تخيلوا عراقي يعتز بجواز سفره وهويته , فقط تخيلوا ماذا يحصل اذا العراق تنفس .